سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

رانيا حسن تُبهِر عُشَّاقَ الشوكولا بصنعِها في المنزل

قامشلو/ علي خضير ـ

لم يقف التقاعد عائقاً بين إرادتها وهمّتها، فبعد أعوامٍ كثيرة من التدريس توجهت الأم رانيا حسن إلى صنع الشوكولا وتزيينها لتطوّر من فكرة مشروعها، وتُنمي موهبتها ليكون مصدر دخلها وعملاً تقضي به على الملل.
“رانيا محمود حسن” ذات الـ 56 عاماً من مدينة قامشلو، موجّهة اختصاص سابقة للغة الفرنسية متقاعدة، بعد 31 سنة خدمة في التدريس أصبحت مولعة بالعمل، لأن المرأة العاملة معتادة على مواصلة العمل، فهي تمارس هذه المهنة منذ عشر سنوات، من بعد الدعم المعنوي وتشجيع عائلتها وأصدقائها لها، وكل من تذوَّق طعم ما صنعته من الشوكولا المنزلية، عملت رانيا على مشروعها الخاص.
وكان لنا لقاءً مع رانيا لتحدثنا عن عملها: “بعد تقاعدي من عمل التَّوجيه رأيت بأنَّ الفراغ ليس من صالحي، وسيخلق لي من الملل ما يحطِّم نفسيتي، حيث أنَّني اعتدت على العمل، فقلت في نفسي يجب أن أملأ هذا الفراغ بأي عمل أجده مناسباً لصحتي وعمري ومريحاً نوعاً ما، يوجد لدي عدَّة هوايات، فاخترت مهنة صنع الشوكولا، منذ أكثر من عشر سنوات وأنا أمارسها بجانب وظيفتي، لكن لم أكن أعرض منتوجاتي آنذاك كما الآن، حيث كانت تقتصر على صنعها لأهلي وأولادي، وأقوم بإهدائها لصديقاتي وأقاربي، فوجدت من ذلك نجاح جيد وإنتاج مبهر وبدعم من كل الذين جربوا مذاق الشوكولا التي صنعتها، ومما قدَّموه لي من دعم معنوي وتشجيع في تطوير وتوسيع عملي على أكبر نطاق ممكن”.
وأكملت شارحة عن كيفية تعلمها صنع الشوكولا، أنها تابعت دورة تدريبية على الإنترنت حول تحضير الشوكولا، وعن أساليب الوقاية الصحية أثناء العمل، وتقول: “بالرغم من أن كل المواد المستخدمة صحيّة وخالية من الأصبغة، كان التشجيع الأكثر لي من أولادي، وبالأخص ابنتي التي تدرس كلية الطب في الوقت الحالي، فدعمتني معنوياً لدرجة أنني أحببت هذه المهنة أكثر فأكثر، لدي خبرة عالية أيضاً في غزل الصوف ولكنها حِرفة متعبة، فاستهواني صنع الشوكولا كوني أحبُّه أكثر وليس متعب بالقدر الكبير”.
وبالنسبة لأصناف الشوكولا يوجد نوعان، (سادة) و (حلوة) متراوحة الأسعار حسب حجم القطعة، حيث تبدأ الأسعار من الخمسة آلاف حتى الـ 25 ألف ليرة سوريّة، فهي تصنع قطع متنوعة من أجل إتاحة الفرصة للمشتري، في حال لم يكن قادراً على الشراء بأسعار عالية، بحيث تتناسب مع كافة مستويات دخل الفرد.
ينبغي على المرأة التحرّر من السلطوية
وأردفت: “نصيحتي للمرأة بأن تنمي نفسها وتطورها في العمل بكافة مجالات الحياة، فكل امرأة من المؤكد أنه موجود شيء بداخلها من الواجب عليها عدم كتمانه، وكل امرأة لديها بيت هي امرأة عاملة لأنها تقوم بإدارة كافة أعمال بيتها، فتستطيع من خلال ممارسة أي مهنة بمساعدة بيتها وأولادها في الكثير من الأمور، فخلال أيام المعرض أتت الكثير من النساء اللواتي كان بودِّهنَّ تعليم مهنتي فلم أرفض ذلك، على العكس فأنا سررت جداً حينما أتت إلي امرأة وقالت لي أريد أن أتعلم هذه المهنة، فساعدتها في ذلك، وقلت لها إن أردتِ متابعة العمل في بيتكِ سأعطيكِ قوالب الشوكولا إلى أن تنمي وتطوري نفسكِ، فأنا يهمني كثيراً بأن تكون كل امرأة ناجحة وقوية وفاعلة في مجتمعها، ليس فقط المرأة وليس من باب التعصّب للمرأة، حتى الشباب الآن يعانون من مشاكل مادية وقلة فرص العمل بحسب ما يدّعون، فذلك لا يعود لقلة توفر الأعمال لا، إنَّما يعود للإرادة القوية في مواجهة الصعوبات، والإرادة أيضاً في كسب الكثير من الخبرات والمهارات، حيث يوجد الكثير من ذوي الهمم من لا يستطيعون المشي، وأنا أعرفهم معرفة تامّة يعملون الآن في التسويق على الإنترنت، ومنهم من يعملون معي حيث أمدهم بالمواد بسعر أقل مما يكسبهم أرباح لهم وأيضاً فتح مجال لتسويق منتوجاتي، ويوجد أيضاً فتيات ممن يصنعنَ الشوكولا من نتاج تدريبي لهنَّ ويسوِّقْنَها على الإنترنت، فأتمنَّى لهنَّ دوام التقدُّم والمثابرة والنجاح”.
“كسر حاجز الخجل وإصراري واكبا مسيرة نجاحي
وزادت: “أوجِّهُ نداء للمرأة التي تعرضت للاضطهاد على مرِّ العصور، سواءً من الذهنية الذكورية في البيت من قبل الأب أو الأخ أو الزوج أو من قبل المحتل، فالمحتل التركي كان له دور كبير في سحق المرأة، وذلك ما لاحظناه في النساء اللواتي يتزوجنَ ويذهبنَ إلى تركيا، فمن الواجب على المرأة أن تكون قوية وقادرة على إتمام عملها تحت كل الظروف، فأنا كان لي دور عظيم في تشجيع الكثير من النساء ممن لديهن حرف ومهارات في عرض منتوجاتهنّ ومشاركتها في المعارض، من أجل إتاحة الفرصة لهنَّ في التنمية والتطوير أكثر، فعلى سبيل المثال من خلال مشاركاتي في المعارض ومن خلال كسر حاجز الخجل وجميع الإعاقات في طريقي، استطعتُ أن أصل إلى مراحل نوعيّة في عملي هذا، فأنا لدي فكرة مستقبلية في عمل مشروعي الخاص كمعرض لكافة منتوجاتي وأستقبل أيضاً من لديها رغبة في عرض منتوجاتها”.
واختتمت رانيا محمود حسن: “أدعو المرأة بقوة أن تُحرر نفسها من الذهنية الرجعية والقديمة، وعدم التنازل عن حقوقها الشرعية، فالحق يُؤْخَذ ولا يُعْطى، فالشارع له أصول وأدب والبيت ومكان العمل فيجب أن تكون مطالبتها بحقوقها ضمن الأصول المُتعارف عليها في الشرع والقانون”.
والجدير ذكره أن رانيا كانت من ضمن المشاركات في معرض الحِرف اليدوية (أحلام صغيرة) التي نُظمت قبل فترة في قامشلو.