ذراع المؤامرة الدولية في باشور نشط؛ فهل شعب باشور مدركٌ لهذا الخطر؟

شكري كديك_

عندما احتلت حكومة صدام حسين الكويت في حرب الخليج الثانية عام ١٩٩٠، حصل شعب كردستان على كيان فعلي، وتحقّقت الحكومة الكردية الإقليمية ذات المكانة السياسية بفضل مقاومة الشعب الوطني. بدأت الانتفاضة في رانيا وسرعان ما انتشرت منها لجميع قرى ومدن باشور كردستان خلال مدةٍ قصيرةٍ.

في الوقت الذي كانت لا تزال قوات البيشمركة موجودةً في إيران، حرّرت الانتفاضة باشور كردستان بقيادة الشعب. ثم قدمت قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني إلى باشور بعد ذلك وأسّسا حكومةً بينهما وأعلنا حكومتهما ومناطق سيادتهما. وخلال وقتٍ قصيرٍ ظهرت صراعاتٌ داخلية ونشبت فيها حربٌ أهليةٌ لأنهما لم يتّفقا. انقسم باشور إلى قسمين، وساد الحزب الديمقراطي الكردستاني في بهدينان وقوة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في صوران. وكأنّ صراعاتهما لم تكن كافية بالنسبة لهما فقد شنّا عام ١٩٩٢ حرباً خيانية ضد حزب العمال الكردستاني.

المرحلة أخطر من جميع المراحل السابقة

لقد عانى شعب باشور كثيراً بعد صدام أيضاً. فقد سُفك الكثير من دماء الاشقاء. لا يُعرف مدى الدروس التي استخلصوها من كل هذه التجارب والمنجزات التي حققوها، الصراعات الداخلية، عمليات الانقسام والتجزئة. لكن يجب إدراك أنّ المرحلة الحالية التي نمرّ بها أخطر بكثيرٍ من جميع المراحل السابقة التي شهدناها وأنّ هناك مرحلة فقدانٍ للمكتسبات.

إنْ لم يتم إدراك المخاطر واتخاذ الإجراءات في هذه المرحلة. فسيصبح وجود كيان سياسي باسم باشور كردستان بلا أي معنىً. ذكر الديكتاتور التركي الفاشي أردوغان هذا الأمر بشكلٍ واضحٍ جداً. ونورده هنا كما قال أردوغان بنفسه “موقف البرزانيين في العراق وفي شمال العراق الأن مختلفٌ جداً. وهم يطبقون هذا الموقف بمشاركةٍ أكبر بكثيرٍ مع تركيا وأكثر تضامناً معها. إنهم يمتلكون موقفاً مختلفاً ضد حزب العمال الكردستاني. ويثبتون موقفهم المختلف هذا كل يوم”. (مُشيراً إلى زيارة نيجرفان إلى أنقرة) لقد رأيت هذا الأمر بشخصه بشكلٍ خاص في هذه اللقاءات ومن الواضح أنّه مع انتخابات رئاسة الجمهورية ستبدأ مرحلة جديدة في العراق. لا وجود لإقليم كردستان العراق، ورئيسه، حكومتها وأحزابها إلخ.. حتى أنّه لا وجود لشمال العراق أيضاً”.

هناك العديد من القضايا المهمة التي يجب استخلاصها من هذه الكلمة

القضية الأولى هي معاداة حزب العمال الكردستاني. جميع هجمات الدولة التركية على باشور ومناطق الدفاع المشروع ومخمور وشنكال وروج أفا تؤكّد تورط الحزب الديمقراطي الكردستاني فيها بشكلٍ فعلي. وما أفشى به الديكتاتور أردوغان يثبت ذلك. يعمل الحزب الديمقراطي الكردستاني كفرعٍ من أجهزة الاستخبارات التركية. تزيد من عدائها في كل مجال وخاصةً في الاستخبارات.

أما القضية الثانية فهي أنّهم جعلوا باشور كردستان جزءاً من تركيا. فقد شعب باشور حقوقهم السياديّة على جغرافيتهم. لكنهم لا يدركون ذلك. إن تم انتخاب هوشيار زيباري كرئيسٍ للجمهورية فستصبح أيضاً تركيا شريكةً في الحكومة العراقية. لا أحد يشكُّ أنّ هذه المرحلة سوف ستكون بهذا الشكل.

القضية الثالثة هي أنّه من المعروف أنّ حل القضية الكردية سوف يغير مصير الشرق الأوسط. لا تريد القوى العالميّة الحل الديمقراطي. لو كانت هناك رغبةٌ بهكذا حل لما كانت هناك حاجة للمؤامرة الدوليّة. سلّم البرزانيين باشور للدولة التركية بأيديهم. ويريدون أيضاً تصفية روج أفا من خلال وتسليمها للدولة التركية. حقيقة قيام الدولة التركية الفاشية بتحقيق ما لم تستطع تحقيقه بنفسها بيد الحزب الديمقراطي الكردستاني سيشكّل أكبر هزيمةٍ تاريخيةٍ للكرد.

المصيدة الكبيرة

إذا خاض كلٌّ من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني الانتخابات الرئاسية بمرشحين مختلفين. فهذا لا يعني أنّ كلا الحزبين يخوضان منافسةٍ بل يعني أن تركيا تصبح طرفاً في الانتخابات وستصبح ذات رأيٍ في السلطة العراقية. وهذا فخٌّ كبيرٌ ومؤامرةٌ شاملةٌ بالنسبة لشعب باشور.

لقد قاموا بتفعيل ذراع المؤامرة الدولية في باشور كردستان. من غير الواضح مدى وعي شعب باشور بهذه المؤامرة إلّا أنّ تحالف الدولة التركية والحزب الديمقراطي الكردستاني يُمثل خطراً ومخاطرةً كبيرةً جداً. وليست هناك حاجة لنتحدث عن عداء الحزب الديمقراطي الكردستاني لحزب العمال الكردستاني؛ لأنّ أردوغان الديكتاتور يذكر بنفسه مدى الأعمال الجيدة التي قاموا بها للدولة التركية.

وإحدى الأهداف الرئيسية للمؤامرة الدوليّة هي اعتقال القائد عبد الله أوجلان وفتح المجال للبرزاني. واضحٌ أنّ المؤامرة فتحت المجال أمام الكرد العملاء. لأنّ الخيانة انكشفت الان.

من الداخل روج آفا ومن الخارج باشور

عندما كان شعب روج أفا يشيّع ١٢١ شهيداً من شهدائه. كان نيجرفان برزاني موجوداً عند أردوغان، وبهذا الشكل أظهر موقفه الموالي لتركيا. هناك خيانةً كبيرةً تجري إذ يتم التضحية بباشور وروج أفا وجميع منجزات الشعب الكردي من أجل مصالحهم العائلية.

تحالف الدولة التركية مع الحزب الديمقراطي الكردستاني هو تحالفٌ استراتيجي وتُطبّق ميدانياً بواسطة داعش. تُحاصر روج أفا من الداخل من خلال داعش وتُحاصر على يد الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتُفشل الهجمات اليومية للدولة التركية بمقاومة شعب روج أفا. يدرك شعب روج أفا هذه الألعوبة. لكن من غير الممكن أن يقول المرء الشيء ذاته عن شعب باشور.

الموقف المناهض للمؤامرة: حمايةّ المكتسبات

يعتبر أردوغان حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والأحزاب الأخرى، حكومة، مؤسسات باشور وإدارتها غير موجودةً. ويقول “لا وجود لشمال العراق” كما أنّه يعتبر باشور كردستان أيضاً ليس موجوداً. وهذا هو الهدف الأساسي للمؤامرة الدوليّة. ينفذون هذه التصفية شيئاً فشيئاً.

يجب أن يدرك شعب باشور هذه المؤامرة دون تأخرٍ وان يتخذ موقفاً. يجب أن يدرك أنّ تحالف الدولة التركية والحزب الديمقراطي الكردستاني سيقضي على الكرد ويجب أن ينتفض ضد ذلك. أصبح الحزب الديمقراطي الكردستاني سنداً للديكتاتور الفاشي أردوغان الذي يكاد ينهزم. ويجب فكّ رموز عدائها للشعب الكردي بشكلٍ شاملٍ. أفضل موقفٍ من المؤامرة هو تحرّر باشور من المكائد والمصائد المحيطة به وحماية المكتسبات.