سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

دير الزور.. التاريخ، الجغرافيا، العمران، المجتمع ـ2ـ

محمد حمود _

في عهد نظام البعث تراجع الإعمار في دير الزور؛ نتيجة تغول المركزية في مفاصل المؤسسات الحكومية؛ حيث يشير تقرير (الفقر في سوريا 1996 – 2004) الذي أعده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 2005 إلى أن «المناطق الشمالية والشرقية /الرقة، ودير الزور، والحسكة/ سواء كانت ريفية أو حضرية، شهدت أعلى معدلات الفقر سواء من حيث انتشاره، أو من حيث شدته، أو عمقه»، ويضيف: «باستخدام الخط الأدنى للفقر تصل معدلات الفقر إلى أعلى درجاتها في المناطق الريفية للشمال الشرقي (17.9 في المائة) تليها المناطق الحضرية في الشمال الشرقي (11.2 في المائة) حيث «تبلغ نسبة الفقراء 35.8 في المائة» و«يزداد الفقر المدقع في الإقليم الشمالي الشرقي أربع مرات عن الإقليم الساحلي».
الجغرافيا
تتكون أراضي دير الزور ومساحتها 33600كم2، من سهل واسع، شق فيه نهر الفرات مجراه باتجاه الحدود العراقية بعرض لا يزيد على كيلومتر واحد، عند خانق حلبية وزلبية، ليتسع في بعض الأجزاء حتى 20كم، ومن الجانبين تنحدر أراضي السهل إليه من ارتفاعات تراوح بين 80 و250م، بشكل غير متناظر، فالجانب الأيمن، حافة الهضبة الشامية أعلى، وينحدر نحو المجرى على شكل مصاطب واضحة، أما الأيسر، حافة الجزيرة، فهو أقل ارتفاعاً، وأخف انحداراً لدرجة يضيع فيها فرق الارتفاع بين المصاطب فتتصل مع بعضها. وبين هذين الجانبين، يترنح مجرى النهر فوق سهل فيضي، راسماً الكثير من الأكواع والجزر، التي تغير مواقعها بين الحين والآخر، لتعوّق استقرار الزراعة في أماكنها، وتزيد من صعوبات عبور النهر.
تزيد مساحة سهول الفرات في المحافظة على 100 ألف هكتار، وهي ذات تربة خصبة، إلا أنها ولسوء طرق الري، التي اتبعت فيها، تملحت وأصبحت بحاجة إلى الغسل حتى تُزرع، وهذا ما يتم إنجازه اليوم. أما سهول الخابور، ومساحتها 60 ألف هكتار، فقد توقفت الزراعة فيها منذ فترة، لانقطاع الجريان في النهر؛ بسبب استنزاف المياه العذبة، ما استدعى الإسراع بإنجاز مشروع جر المياه بقناة من الفرات لتأمين الماء اللازم لاستمرار الزراعة الناجحة في تلك المساحات.

السكان
ومن الناحية البشرية، فعلى الرغم مما تعانيه دير الزور من ارتفاع في عدد المهاجرين من أبنائها إلى المدن السورية، ودول الخليج العربي وبعض البلدان الأوروبية والأمريكية، فإن عدد السكان فيها ظل يزداد في السنوات الأخيرة، ليصل في منتصف عام 2002 إلى مليون ومائتي ألف نسمة، إلا أن عدد من كانوا فعلاً في المنطقة في هذا التاريخ كان لا يزيد على 988 ألف نسمة.
يشكل العرب غالبية سكان مدينة دير الزور مع وجود سكان آخرين من الكرد والأرمن، والقسم الأكبر من العرب يتحدّرون من خلفيات عشائريّة، أبرزها البكّارة (البقّارة)، والعكيدات (العقيدات). وتعتبر قبيلة العكيدات من أكبر القبائل، إذ يبلغ عدد أفرادها أكثر من مليوني نسمة، ومنهم جماعات تعيش في محافظات حمص، وحماة، وحلب، لكن أكثرهم يعيش على ضفاف نهر الفرات في دير الزور. أما العشيرة التي تأتي بعدها فعشيرة البكّارة، ويبلغ عدد أفراد هذه العشيرة نحو مليون نسمة، وتسكن العشيرة في مناطق الحسكة، ودير الزور، وحلب.
وتعد قبيلتا العكيدات والبكّارة، أكبر القبائل في شرق سوريا، وتمتد عشائر الأولى وأفخاذها من دير الزور إلى مدينة القائم العراقية وقرى وبلدات غرب الفرات في العراق، بينما تمتد عشائر البكّارة وأفخاذها شمالاً إلى محيط الموصل، ولها وجود كبير في المدينة وقراها.
وإلى جانب دير الزور؛ تعد البوكمال والميادين، من المراكز الإدارية والاقتصادية المهمة في المنطقة، ويبلغ عدد سكان الأولى 48197 نسمة، والثانية 36330 نسمة.