سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

دور المرأة السياسي والاجتماعي في مواجهة التحديات

روناهي/ الرقة ـ

للمرأة السورية في مناطق شمال وشرق سوريا، دور كبير، نظراً لما تعرضت له في المرحلة السابقة إبان سيطرة داعش على المنطقة من ظلم وتهميش، لكن هذه المنطقة التي عُرفت أيضاً بـ “روج آفا” قد شهدت تحولاً جذرياً في دور المرأة خلال السنوات الأخيرة، حيث عززت دورها السياسي والاجتماعي بشكل كبير.
تاريخياً عانت المرأة في المنطقة من تمييز وقهر، حيث كانت تقتصر حقوقها وفرصها على حدود ضيقة، وكانت تعاني من بعض العادات والتقاليد، التي تقيد المرأة، منها الحرمان من الميراث، والحرمان من العمل، وتحديات أخرى انعكست سلباً على واقع المرأة، ومع ذلك بدأت الأمور تتغير تدريجياً بعدما تمكنت المرأة، وخصوصاً الكردية، عندما انخرطت في القوات العسكرية “وحدات حماية المرأة”، وأيضا العربية، والآشورية، والسريانية من خلال مفهوم الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب، وقد تمكنت من تحقيق تقدم كبير في مكافحة التمييز، وتحقيق المساواة.
ومن خلال “مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية “، الذي تم إقامته في شمال وشرق سوريا بعد تحرير المنطقة من ظلم داعش، ويعدُّ فكر التحرر والديمقراطية، والذي يشجع على المشاركة السياسية، والاجتماعية المتساوية للجميع، بغض النظر عن جنسهم للقيام بالدور القيادي، والإداري للمجالس، والهيئات، وتم إنشاء هيئات، ومجالس شعبية في المنطقة، وتم تطبيق نظام الحكم الديمقراطي فيها.
وفي هذا السياق، لعبت المرأة دوراً رئيسياً في تشكيل هذه المؤسسات والمشاركة فيها، وأُسِّست مجالس المرأة، التي تعد أداة قوية لتمكين المرأة، وتعزيز صوتها في القرارات السياسية والاجتماعية، وتسعى لتحقيق المساواة بين الجنسين، والعمل على تحرير المرأة من نمط التفكير النمطي الذكوري.
وفيما يتعلق بالمشاركة السياسية، تم تعيين النساء في مناصب قيادية عديدة. فقد شهدنا تولي المرأة الرئاسة المشتركة الإدارات الذاتية والمدنية، وفي الإدارات، والهيئات، واللجان، وأيضاً تعيين نساء في مجالس البلديات والمجالس الشعبية. كما أسهمت المرأة السورية العربية والعشائر الأخرى في تلك المنطقة في تعزيز دورها السياسي والاجتماعي جنباً إلى جنب مع المرأة الكردية، والآشورية، والسريانية.

دور المرأة في إدارة وقيادة المجتمع المدني
وفي هذا السياق أشارت عضوة منسقية تجمع نساء زنوبيا “نسرين حسن” لصحيفتنا روناهي: “استطاعت المرأة أن تحمل لواء المقاومة والتصدي والصمود أمام التحديات، التي تعرضت لها المنطقة، ونحن، تجمع نساء زنوبيا، نوصل الليل بالنهار بالعمل والكفاح ورفض الذل والعبودية، ونعمل على تأكيد ذاتنا في الجوانب السياسية، والاجتماعية، والعسكرية، ومن خلال مفهوم الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب، سنبقى الحصن المنيع في دعم التعاون، والتعايش المشترك لجميع الشعوب السورية في المنطقة”.
وتُعدّ مجالس المرأة في الأحزاب السياسية و”مجلس المرأة السورية” كمنظمة غير حكومية، عاملاً مهماً يعمل على تمكين المرأة وحماية حقوقها في المجتمع، والدعم القانوني والتعليم والرعاية الصحية، والتدريب المهني، بالإضافة إلى الدور السياسي.
المرأة رائدة في شمال وشرق سوريا
وفي ذلك أوضحت الرئاسة المشتركة لمنظمات المجتمع المدني في الرقة “رودين مصطفى” لصحيفتنا: “تلعب المرأة دوراً بارزاً في المجتمع، لأنها اللبنة الأولى، التي تبنى عليها القاعدة المجتمعية، فهي الأم، والأخت، والمعلمة، والزوجة، وتستطيع أن تؤكد ذاتها اجتماعياً وسياسياً وفق عمل متكامل، ولعبت دوراً كبيراً في اتحادات المجتمع المدني، من خلال الرئاسة المشتركة، وتعمل على مواجهة كل التحديات التي تعرقل عملها وفي الظروف كافة”.
ومن الجدير بالذكر، أن هذه الجهود لتعزيز دور المرأة، تواجه تحديات من بعض القوى المحافظة، ومع ذلك فإن التزام المرأة وإصرارها على تحقيق المساواة، والعدالة قد ساهم في تحقيق تقدم كبير بشكل عام، ويمكن القول: أن دور المرأة السياسي والاجتماعي في شمال وشرق سوريا، قد أثبت أنها قادرة على تحقيق التغيير والتأثير الإيجابي في المجتمع، وإن تمكين المرأة وإشراكها في عملية صنع القرار، وتعزيز مشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية، يعزز العدالة ويساهم في نشر التعايش المشترك وبناء مجتمع ديمقراطي أكثر تسامحاً وتقدماً.
وعلى الرغم من التحديات التي قد تواجهها المرأة في رحلتها نحو المساواة، إلا أن الجهود المستمرة والملتزمة للمرأة في شمال وشرق سوريا، تعكس إرادتها القوية وقدرتها على تغيير الواقع، وتحقيق التقدم والوقوف في وجه الظلم والعبودية.