دار المرأة في قامشلو.. منطلق نحو الحياة التشاركية الصحيحة

قامشلو/ دعاء يوسف ـ

---

يعمل دار المرأة في حالة مستمرة؛ سعيا لأجل حل قضايا المرأة بالتراضي بين الطرفين، إلى جانب توعيتها بحقوقها المشروعة، حيث بلغت القضايا، التي ناقشتها الدار في عام 2022 بمدينة قامشلو 750 قضية مختلفة، فحُلَّت منها 562 قضية.

عانت المرأة السورية قبل الثورة بشكل عام من العنف الجسدي، والنفسي، والخضوع للعادات والتقاليد المختلفة، التي فرضت عليها نمطاً من الحياة، فكانت مضطرةً لقبوله كالزواج المبكر، والعادات المتعلقة بإجبار المرأة على الزواج من أقاربها، وظلمها في مسألة الميراث، كما أنه وبعد الثورة أيضاً لم تسلم المرأة من الممارسات غير الأخلاقية، والابتزاز نتيجة الأزمة السورية؛ فافتتحت أول دار للمرأة في شمال وشرق سوريا بمدينة قامشلو في عام 2011، والذي تركزت مهامها في حل القضايا المتعلقة بالجنسين.

يوجد في مقاطعة قامشلو ما يقرب من عشرة مراكز، تتركز في معظم المدن الرئيسية في عامودا، وتربه سبيه، وجل آغا، وديرك، وتل حميس، وتل كوجر، وتل براك، وكركي لكي، وقامشلو، ويوجد دار للمرأة للشعب السرياني (عشتاروت). أما في مقاطعة الحسكة فيوجد أيضاً عشرة مراكز في الحسكة، وتل حجر، وعشتار، والدرباسية، وسري كانيه، وزركان، وتل تمر، وعريشة، والشدادي، والهول، ومخيم واشو كاني الذي تشكل بعد احتلال النظام التركي مدينة سري كانيه.

صعوبات ومعوقات

وبهذا الصدد؛ كان لنا لقاء مع إدارية دار المرأة في قامشلو “بهية مراد” والتي حدثتنا عن إقبال النساء القليل بداية تأسيس الدار؛ بسبب الخوف، والخجل من بيان خلافاتها العائلية، وعدم ثقتها بدار المرأة، وقدرتها على حفظ أسرارها وحلها.

وتابعت بهية: “بعد أن توالت القضايا، التي حلتها دار المرأة، باتت المرأة قادرة على رفع صوتها ضد العنف والظلم، إلا أن الزوج لم يكن يتقبل الفكرة، ويضرب الحجج بقدرة العائلة على حل الخلافات الحاصلة بينهما، دون تدخل أحد إلا أن هذا الحل، لم يكن ينصف المرأة دائماً، فتسند المسؤولية إليها، منزلك، بيتك، زوجك عليكِ التحمل، وكلمات أخرى كـ نحن النساء من يوم يومنا نتحمل، ونتنازل لتستمر الحياة الزوجية”.

وعن أبرز المشكلات، التي واجهت عمل دار المرأة كانت بعد إصدار القوانين، التي تمنع تعدد الزوجات، وزواج القاصرات، ومنع العنف بشكلٍ عام ضد المرأة، وذلك لعدم تقبل المجتمع لهذه القوانين، حيث تنتشر ظاهرة تعدد الزوجات وزواج القاصرات، وخاصة في المناطق الريفية، التي يتم تزويج الفتاة فيها دون سن الثامنة عشرة.

توعية الطرفين

وأشارت بهية إلى الدعايات، التي ظهرت، وانتشرت عن دار المرأة، وكونها دار للطلاق، وأي امرأة ترفع قضية على زوجها تطلق، أو تتفاقم خلافاتها مع زوجها، وعائلته لتطلق منه عنوة: “إننا منذ افتتاح دار المرأة، وكلمة الطلاق تكون آخر الحلول لدينا، فنحن لا ننصف المرأة على حساب الرجل، بل نحن دار للصلح الاجتماعي كطريقة حل لخلافاتهم عن طريق العشيرة والعائلة، ونحن في دار المرأة نستخدم الحلول ذاتها، إلا أننا نضمن حق المرأة والرجل من الهدر”.

وبينت بهية، أن هناك فرقاً بين المساواة والحياة التشاركية، فالمساواة بالعمل تكون بالشهادة وبتقدير الجهد والعمل، أما الحياة التشاركية هي الحياة داخل المنزل من تشارك المصروف، والعمل المنزلي، وتربية الأطفال.

وزادت بهية: “نحن أكثر مؤسسة تعطي تدريبات للنساء والرجال، فكل قضية تأتي إلينا نعمل على توعية الطرفين، وكيفية المحافظة على الحياة التشاركية من احترام ومساواة بين الطرفين”.

وأوضحت أنه بعد صدور قانون المرأة في 2014 لم يطبق بحذافيره، وقد غيروا اسمه ليصبح قانون العائلة، فدار المرأة معنية بالعائلة الكاملة، وليس بالمرأة فقط.

إحصائيات عام 2022

وأطلعتنا على القضايا الواردة لدار المرأة خلال العام الماضي 2022، وعدد القضايا، التي تم حلها دون اللجوء للمحاكم، بالإضافة للقضايا التي بقيت قيد التعليق، أو حُولت للمحكمة أو لجهات أخرى، وكانت كالتالي:

– خلاف زوجي 482 حالة، تم صلح 369، فبقيت قيد الانتظار14 قضية، وتحول 75 للمحكمة.

– خلاف عائلي 41 حالة، حلت منها 38 حالة، وأحيلت اثنتان إلى المحكمة، وواحدة لجهات أخرى.

– خلافات عامة 31 قضية، حلت منها 29، وحولت واحدة للمحكمة، وواحدة لجهات أخرى.

– وقضايا الميراث، كانت ثمانية حلت منها خمس قضايا، بالإضافة إلى ثلاث قضايا للديون، حلت جميعها.

– أما فيما يتعلق بتعدد الزوجات، كانت 11 قضية، حلت منها ثلاث، واحيلت خمس للمحكمة، وثلاث لجهات أخرى.

– زواج القاصرات، كانت تسع قضايا، حلت جميعها.

– الخيانة الزوجية، وصلت ست قضايا حلت منها خمس، واحيلت القضية الأخيرة إلى جهات أخرى.

– كذلك الحضانة والنفقة، وصلت 40 قضية، حلت منها 25 فقط، وتحولت 14 للمحكمة، وواحدة لجهات أخرى.

– رؤية الأطفال، كانت 18 قضية، تم حل 15 منها، وحولت ثلاث للمحكمة.

– طلب حقوق، كانت 23 قضية، تم حل منها 18 قضية، وثلاث حولت للمحكمة، واثنان لجهات أخرى.

– العنف والضرب وصلت لدار المرأة ست قضايا، وتم حل اثنين، فبقيت واحدة قيد الانتظار، وحولت قضية للمحكمة، وقضية لجهات أخرى.

– وفيما يتعلق بقضايا الهروب، التي ازدادت في الآونة الأخيرة كما بينت لنا بهية، وصلت لـ 72 قضية، تم حل 61 منها، فحولت 11 قضية إلى جهات أخرى.

الفساد الإلكتروني وقلة وعي الأهل

وعن أكثر القضايا، التي ظهرت بالآونة الأخيرة كانت قضايا الهروب لنساء أو فتيات قاصرات، وحدثتنا بهية عن هذه القضايا بقولها: “إن اقتناء الهاتف ووضعه بيد الأطفال يعد سلاحاً ذا حدين، وعدم مراقبة الأهل لهم يعرض الفئة الشابة لخطر الفساد الإلكتروني، ويجعل الفتيات الصغيرات عرضة للاستغلال من الذئاب البشرية”.

وبينت بهية، أن الفتيات تلجأ لقوات الأمن الداخلي لمساعدتهن، ومن هناك يحولن لدار المرأة حتى تحل القضية، وتعود الفتات إلى أهلها بعد كتابة تعهد يحمي الطفلة، وزادت: “إنهن صغيرات فجميع القضايا التي وردت إلينا كانت أعمار الفتيات من 13 لـ 16 سنة، والطفل لا يحاسب في هذه الظروف بل اللوم يقع على الأهل”.

وزادت بهية: “وتردنا أيضاً قضايا من قوات الأمن الداخلي لفتيات قاصرات، يتواجدن مع شباب في الحدائق، ومناطق مشبوهة، وقضايا من طرف الفتاة نفسها، عندما تتعرض للمضايقات، أو الاستغلال تلجأ لنا لتوعيتها، لأنه لدى دار المرأة الحل الأمثل لمثل هذه القضايا”.

ولتوعية الفتيات تقوم دار المرأة بإعطاء محاضرات، عن الطلاق والابتزاز والأخلاق، وقانون المرأة، والمبادئ الأساسية للمرأة.

واختتمت بهية مراد حديثها قائلةً: “نحن في مجتمعنا العديد من العادات، والتقاليد التي ظلمت المرأة، والآن انتشر الفساد الأخلاقي، وهي مشكلة تدمر جيلا كاملا، وأتمنى أن يسلط الضوء على هذه القضية، لتحل من جذورها”.