سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

دار المرأة بمنبج؛ يرسم لوحة العدالة الاجتماعية

روناهي/ منبج- منذ تأسيس الإدارة الذاتية بمناطق شمال وشرق سوريا، عملت على تمكين المرأة ذاتياً، فافتتحت العديد من الكيانات الإدارية؛ بهدف بث الوعي والتثقيف النوعي لذات المرأة، ومن بين هذه الكيانات؛ “دار المرأة” التي تعنى بالحياة الأسرية على العموم ولاسيما شؤون المرأة الخاصة.
تسجل ظاهرة الطلاق في كثير من المجتمعات الشرق أوسطية أرقاماً مخيفة تزداد وتيرتها بشكل متنامي في مؤشر إلى هبوط المستوى الأخلاقي المتدني بها. بينما الحال في منطقة شمال وشرق سوريا يختلف قليلاً حيث تم تسجيل مستويات منخفضة بظاهرة الطلاق المؤشر الذي يطرح علامات استفهام حول المنظور الريادي الذي يتم التعامل معه إزاء هذه الظاهرة من قبل هذه المناطق بالذات ولا سيما مدينة منبج وريفها.
لمزيد من التفاصيل، التقت صحيفتنا “روناهي”؛ بالإدارية والناطقة باسم دار المرأة بمدينة منبج وريفها؛ إيمان محمد علي.
هيكلة دار المرأة والارتقاء نحو البقاء
 بدايةً، وحول وظيفة دار المرأة وهيكلته والمهام الواقعة على عاتقه، حدثتنا الإدارية والناطقة باسم دار المرأة بمدينة منبج وريفها؛ إيمان محمد علي  نوهت بأن دار المرأة بمدينة منبج وريفها يعتبر الجهة الإدارية المخولة بفض النزاعات بين الزوجين وفيما يخص الأطفال على العموم، والتي تشوب الحياة الأسرية فيما تتخلى البعض منها عن القيم والمثل الاجتماعية الفاضلة، فيكون هناك اصطداماً بين الزوجين ينجم عنه لجوء أحدهما إلى دار المرأة لفض هذا الخلاف. ومن هنا، تكمن النقطة الجوهرية في هذا الميدان، وهي حاجة الحياة الزوجية إلى جهة تكون بمثابة الأوكسجين الذي يعيد لهذه الحياة روحها وألقها التي كانت عليه منذ بداية زواجهما. وبناءً على ذلك، افتتح دار المرأة بمدينة منبج وريفها في غضون الثلاثة الأشهر الأولى من تحرير المدينة من رجس مرتزقة داعش اعتباراً من تاريخ 25/11/2016.
وذكرت بأنه في بادئ الأمر عمل الدار على توعية المرأة بشكل مكثف تنظيمياً من خلال معرفتها بذاتها وتاريخها العريق ولا سيما فيما يتعلق معرفتها بحقوقها الشرعية والقانونية. ثم بعد ذلك، شرعت دار المرأة بهيكلة نفسها؛ بإنشاء عدداً من المكاتب الإدارية، فثمة مكتب للشكاوى ويعهد إليه باستقبال الدعوى من قبل أحد الزوجين وتسجيلها بمحضر طلب تفصيلي على أثر ذلك، يتحدد موعداً لتلاقي الزوجين لحضور جلسات القضية. وبناء على هذه الدعوة المسجلة، ترقن وتسجل بالديوان ومن ثم يتم تحريكها آلياً إلى لجنة الصلح؛ المكون من أربعة عضوات، مهمتها تعزو في جمع الزوجين اللذين وصلا إلى طريق مسدود من التفاهم فيما بينهما، ومحاولة لجنة الصلح تقريب وجهات نظرهما المتباعدة والمتباينة وحثهما على النظر إلى مآل الأسرة، خاصة إذا كان لهما أبناء في المحصلة.
وتابعت القول: “لا نتوانى في هذه الحالة من ممارسة الضغوط الكبيرة عليهما لقبولهما الحلول المقترحة من قبل دار المرأة التي عادة ما تكون أفقية مفتوحة؛ لإعطاء مرونة أكثر في التفكير بمصير العائلة، لو أنهما لجأوا إلى الخيار الصعب وهو الطلاق، إذ نترك قرابة العام بين الزوجين منذ تقديم طلب إلى دار المرأة لفض خلافهما في هذه الحال، ليتسنى لهما المزيد من الوقت لمراجعة قرارهما بالانفصال وإبداء شيئاً من الليونة والتريث في مواقفهما وإرضاء دوافعهما وإرشادهما إلى خطورة هذا القرار”.
دور لجنة الصلح بفض النزاعات الزوجية
 وعن منظور حل الخلافات من قبل لجنة الصلح أشارت إيمان بأن لجنة الصلح تمارس دوراً فاعلاً وهاماً في توجيه القضية إلى محور الفصل في القضية، إذ دائماً ما يكون هناك في أي قضية عدداً لا بأس به من الثغرات الاجتماعية والأخلاقية. وأضافت: “نحاول بعد ذلك دراستها عن كثب وتحديد الآلية المناسبة لتوجيه هذه الثغرات إلى مكانها الصحيح. آخذين بعين الاعتبار الظروف المحيطة بكل قضية على الرغم أن كل قضية أُسرية، تختلف جذرياً عن الأخرى، وإن كانت تحمل ذات السياق العام. كما نتوخى الحذر دوماً من التسرع إلى إصدار الأحكام قبل تبيان النتائج تماماً، وبناء على ما تقدم نستدعي كلا الزوجين والاستماع إلى مقالتهما إزاء هذه الإشكالية ونتدخل بموجب محور الفصل في القضية، عبر توجيه عدداً من الرسائل التوعوية في محاولة من دار المرأة لحل الخلاف من أول جلسة فيما بينهما وثنيهما عن قرارهما بالطلاق الجائر وتوعيتهما إلى خطورته اجتماعياً وإطالة الدعوى خصوصاً إذا كان ثمة وجود أطفال بين الطرفين.
ووضحت أيضاً بأن الطلاق يخلف الكثير من النتائج السلبية، وأهمها؛ الأطفال، فهم المتضررون الأكبر على مثل هكذا حال. عندئذ يقترح الحلول المناسبة؛ لأبرز العقبات التي تحول دون وصولهما إلى التفاهمات المطلوبة، وتثمن على دور المبادئ الأخلاقية في كل شيء إذ لولاه لكان مآل الأشياء من عدمها كارثية بالفعل، وبالتعاون مع لجان الصلح في الكومينات ولجنة الصلح في المحكمة يتم حل النزعات أحياناً.
تمكين المرأة بين الواقع والطموح
 الإدارية والناطقة باسم دار المرأة بمدينة منبج وريفها؛ إيمان محمد علي، بيّنت في حديثها عن أسباب الطلاق بأن حالات الطلاق تتعدد بموجب أنماط المجتمعات، فما يكون متاحاً في الأرياف وتحكمه الأعراف والعادات والتقاليد قد يكون في المدينة عكس ذلك، وما يكون في المدينة من مظاهر قد لا يكون في الأرياف التي يحكمها التطور والحداثة لا سيما في مجال التكنولوجيا وأنظمة المعلومات، وهناك ثمة أمور مختلفة قد تجمع الاثنين معاً بالمجمل العام. وبحسب سجلات دار المرأة، فإن أهم الأسباب التي تدفع بأحد الزوجين للطلاق- وإن كانت على كثرتها مقدمة من قبل المرأة-  فهو الزواج القاصر- حيث كان الدافع الرئيسي لذلك، ما فرضته العديد من الاعتبارات يأتي على رأسها ما سببته الأزمة السورية من حروب، أدت إلى الدمار والفقر وغلاء المعيشة. أما السبب الثاني للطلاق، فهو تدخّل الأهل من كلا الزوجين بشؤون الحياة الزوجية على غايات أقل ما يقال عنها لا ترقى إلى حجم الكارثة التي سوف تنجم عنه، حيث تتبدى هذه الحالة بصور متعددة للموقف لكل منهما رؤيته من زاوية أهل أحدهما التي على أية حال لا تنطبق أبداً مع رؤية أهل الزوج الآخر. أما بالنسبة للسبب الثالث للطلاق، فيتمثل بمواقع التواصل الاجتماعي، مما ينجم عنها العديد من العلاقات المحرمة الشائعة بكثرة على الإنترنت، وللأسف فإن السوشيال ميديا على الرغم من أهميتها إلا أن البعض ينسى تأثيرها السلبي المتمثل؛ بازدياد حالات الطلاق، بسبب غياب التواصل بين الزوجين وندرة الحديث مع بعضهما البعض وانعزال بعضهما عن بعض نفسياً وعاطفياً.
وبدوره يقوم دار المرأة على توعية المرأة والمجتمع ككل من خلال عقد اجتماعات ودورات توعوية قالت إيمان عن ذلك: “نحن نقوم بالرغم من كل ذلك، بعقد سلسلة من الاجتماعات والدورات التوعية؛ لتعريف الأسرة بالمعنى الحقيقي لمدلول الحرية وشكلها السليم”.
العدالة الاجتماعية؛ المبدأ السهل المرن للخروج من الأزمات
 واختتمت الإدارية والناطقة باسم دار المرأة بمدينة منبج وريفها؛ إيمان محمد علي حديثها قائلةً: “نحاول في عملنا بدار المرأة؛ إصلاح ذات البين، لأننا ندرك أهمية استمرار الحياة الندية بين الشريكين؛  المبنية على التفاهم المتبادل وتقديم مصلحة الجميع لا سيما الأطفال قبل التفكير بحالهما أو بمعنى أدق؛ بحياتهما على وجه الخصوص، وقد بلغت الحالات الشكاوى المسجلة لدى دار المرأة في العام الفائت قرابة 728 قضية، تمكنت لجنة الصلح بدار المرأة من انتزاع أغلبها وإصلاحها بالطريقة التي تتماشى مع مفهوم العدالة الاجتماعية والأمة الديمقراطية”.