خمسة عشر عاماً… قصة مجابهة واقع أليم بألعاب هشة

كركي لكي/ ليكرين خاني ـ

يفرش العم عبد السلام إسماعيل عربته بألعاب للأطفال، ألعاب بسيطة تشبه بساطة العربة، هارباً من أحزانه إلى ضحكات الأطفال، ومن الأعباء اليومية المحبطة إلى الانشغال بتفاصيل فرحة كل طفل باقتناء لعبة.

منذ خمسة عشر عاماً، يصارع الخمسيني عبد السلام إسماعيل من سكان ناحية كركي لكي، الأب لخمسة أولاد مع عربته، ضنك الحياة وقسوتها، يسارع مع عربته في كل صباح إلى المكان المعتاد، ليستقر معها في زاوية شارع من شوارع الناحية، آملاً أن يكون يومه مختلفاً عن أمسه، وأن يعود إلى منزله، بمردود قد يكفي لسد حاجيات يوم واحد، ولكنه يظل ثابتاً مهما عصفت به الأيام، وفي جيبه روزنامة مهمتها تجديد التفاؤل في كل يوم باقتراب قدوم الأعياد، والمناسبات، التي يبتاع فيها الأطفال الألعاب بعد وعود أهاليهم باقتنائها لهم.

ولنكون مُلمين بتفاصيل عمله ويومه كان لصحيفتنا “روناهي” لقاء معه.

رحلة بحث طويلة عن عمل

خلال الخمسة عشر عاماً حاول العم إسماعيل إيجاد فرصة عمل آخر، يكون مردودها أفضل من بيع الألعاب، ولكنه في كل مرة، يعود فيها مُحبطاً يقف بجانب عربته المكتظة بالألعاب، ينظر إليها، وكأنها مصيره المحتم، فيقول العم عبد السلام إسماعيل بشأن بحثه عن العمل: “بحثت كثيراً عن عمل آخر يسد حاجيات أسرتي بشكل كامل، ولكن دون جدوى، وفي النهاية اقتنعت، بل اعتدت على عملي هذا، ورضيت بما أفسحت لي الحياة  مجال العمل ببيع ألعاب الأطفال، فالمهم هو أنني أعمل، ولست عاطلاً عن العمل، رغم قلة إمكاناتي، وتحصيلي العلمي القليل”، متابعاً حديثه وهو غارق في تنهيدة طويلة: “أجد العزاء في ملامح الأطفال عن كل ما أمر به من متاعب خلال يومي”.

توفير سلع منخفضة التكاليف

في ظل ارتفاع الأسعار بشكل كبير في المرحلة الراهنة، معظم الأهالي يرتادون إلى أبسط، وأزهد القطع الموجودة في السوق، بما فيها ألعاب الأطفال، هذا ما أكده إسماعيل مُضيفاً: “يُقبل الأهالي على عربتي لرخص ثمن الألعاب، في ظل غلاء الأسعار المستمر خاصة في المحال التجارية، التي ترتفع فيها الأسعار بشكل كبير جداً، فالباعة المتجولون يسهمون في توفير سلع منخفضة التكاليف للمستهلك”.

إصرار على إكمال التعليم رغم المردود الضئيل

بالرغم من بساطة عمله، والمردود الضئيل، إلا أنه كان مُصراً على أن يكمل أولاده التعليم، فيفتخر بابنته التي تدرس الطب، ويسترسل العم: “لا بدّ أن أتفادى الخطأ، الذي مررت به، وهو عدم إكمالي للتعليم، لكيلا يقعوا هم أيضًا في الخطأ ذاته، أشجعهم، وأحثهم دائماً على أهمية إكمال الدراسة، رغم صعوبة إكمالها في الظروف الحالية لإيجاد فرص عمل أفضل، وحياة أفضل”.

لم تكن أمنيات العم عبد السلام إسماعيل بعيدة عن أمنيات غيره من السوريين، في أن تهدأ الأوضاع في سوريا بعد مرور أحد عشر عاماً على الأزمة السورية، التي أضافت أعباء ثقيلة على كاهلهم، فالمجال الاقتصادي تدهور كغيره من المجالات، خاصة بعد فرض قانون قيصر على المنطقة، ما أدى إلى انخفاض الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي، “أتمنى أن يتحسن الوضع المعيشي، والاقتصادي لأتمكن من تأمين حياة كريمة لأولادي”.