سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

خلف الأبواب المغلقة في وجه وباء كورونا.. نساء يتألمن بصمت؟!

خلف الأبواب المغلقة في وجه الوباء العالمي الجديد، ثمّة نساء يتألّمنَ، معظمهنّ بصمت. هنّ يعجزنَ عن الإبلاغ عن عنف يتعرّضنَ له لأسباب تختلف طبيعتها، منها ما هو ممتدّ منذ ما قبل الحجر المنزلي، ومنها ما هو بفعل الظروف الراهنة.
فاقم تفشي فيروس كورونا من الأزمات المتراكمة التي تعيشها النساء في العالم، وتأتي المعنّفات من بين الأكثر هشاشة وتضرّراً، لا سيّما أنّهنّ اليوم مُكرهات على ملازمة بيوتهنّ مع هؤلاء الذين يعنّفوهنّ سواءً أكانوا أزواجاً أم آباء أم إخوة أم غير ذلك. يحصل ذلك في بقاع كثيرة من العالم، وسط غياب للقوانين الرادعة والخطط المجتمعية التي من شأنها الحدّ من العنف في حقّهنّ. وكثيرات هنّ النساء اليوم اللواتي قد ينجونَ من مرض كوفيد – 19 الذي يتسبّب فيه فيروس كورونا الجديد، غير أنّهنّ لن يفلتنَ من انتهاكات واعتداءات تختلف أشكالها ما بين جسديّة وجنسية ولفظية ومعنوية على مدار الساعة وأيام الأسبوع، لا سيّما أنّهنّ محتجزات مع معنّفيهنّ تحت سقف واحد.
“تضاعف طلب المساعدة”
وهذا الواقع دفع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى الإلحاح على معالجة “الطفرة العالمية المروّعة في العنف الأسري ضدّ النساء والفتيات”، مشيراً إلى أنّ الإحصاءات كانت قد أظهرت قبل الانتشار العالمي للفيروس أنّ ثلث نساء العالم تعرّضن لشكل من أشكال العنف”. وفي السياق أفادت الأمم المتحدة بأنّ “لبنان وماليزيا شهدا منذ بدء انتشار الفيروس تضاعفاً في عدد المكالمات على خطوط المساعدة، مقارنةً بالشهر نفسه من العام الماضي حسب “وكالة أخبار المرأة”.
وبخصوص لبنان، فقد ارتفعت نسبة البلاغات التي تلقّاها الخط الساخن 1745 المخصّص لتلقّي شكاوى العنف الأسري لدى قوى الأمن الداخلي بنسبة 100 في المائة في خلال شهر آذار المنصرم، مع 88 اتصالاً مقارنةً بـ 44 اتصالاً خلال الشهر نفسه من عام 2019.
وفي السياق، تقول مسؤولة الحملات والتواصل في “التجمّع النسائي الديمقراطي اللبناني” حياة مرشاد  إنّ “نسبة الإبلاغ عن العنف في لبنان عبر الخط الساخن للتجمّع ارتفعت في خلال شهر آذار 2020 بنسبة 180 في المائة بالمقارنةً مع الشهرَين اللذَين سبقاه. مبينةً بأن البلاغات كافة هي حالات جديدة لنساء اتّصلن بهم للمرّة الأولى، في حين أنّ 20 في المائة من هذه الحالات تُعَدّ حالات طارئة شديدة الخطورة، أي أنّ المرأة مهدّدة بالقتل أو تنوي الانتحار”.
تضيف حياة مرشاد أنّ 13 في المائة من الحالات تعود إلى نساء تركنَ منازلهنّ هرباً من المعنِّف وبحثاً عن ملجأ آمن، وأردفت بالقول: “مثلما حدث أخيراً مع شابة تبلغ من العمر 25 عاماً هربت من منزل زوجها وفق ما تبلّغنا من دون أن نعرف وجهتها حتى تاريخه، وهنا الخوف من تعرّض النساء المعنّفات للخطف أو القتل”.
“ضرورة إعلان خطة طوارئ”
وتشير حياة إلى أنّ “طبيعة الاتصالات تغيّرت وكذلك طبيعة العنف المرتكب بعد قرار التعبئة العامّة وملازمة البيوت”، تعرض لنماذج حالات عنف وقعت حديثاً في لبنان وتداولتها وسائل الإعلام مثل “المرأة التي طعنها زوجها ستّ طعنات، وابنة الأعوام الخمسة التي قتلها والدها، وكذلك الفتاتَين اللتَين رماهما والدهما من الطبقة الثانية بعد شجار مع زوجته، والشابة التي رُميت جثّتها لتنهشها الكلاب”.
وتدعو حياة مرشاد إلى “التشدّد في قضايا العنف والتعاطي معها كأولوية، بالإضافة إلى إعلان خطة طوارئ اجتماعية لمناهضة العنف ضدّ النساء، أسوةً بخطة الطوارئ الصحية والأمنية التي يشهدونها حالياً”.
وتتابع مسؤولة الحملات والتواصل في “التجمّع النسائي الديمقراطي اللبناني” حياة مرشاد بأنّ “ثمّة مراكز إيواء تمتنع عن استقبال نساء معنّفات في خلال هذه الفترة، خوفاً من أن تكون إحداهنّ مصابة بفيروس كورونا، إذ إنّ تلك المراكز لا تملك التقنيات المطلوبة لإجراء الفحوص. وفي ظلّ هذا الواقع يبقى عدد من النساء من دون مأوى آمن”.