سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

حين يصبح الخلود …حقيقة

عبد الرحمن محمد –

“هؤلاء من أحسدهم؛ عندما أرى الناس تتمعن في صورهم ويتمتمون “الشهداء لا يموتون”، وأولئك الذين تَمرُ اسماؤهم أمامنا فنهز رؤوسنا موقنين أنهم قالوا كلمة أصبحت كبديهة، أو قاموا بأعمال خلدتهم، وهؤلاء أيضاً… هؤلاء الذين تُذيل المقالاتُ والنصوصُ الأدبية بأسمائهم؛ أجلُّهم وأحبهم وأتمنى أن أكون مثلهم”.
 كثيراً ما كانت هذه هي كلماته وكان ذاك رأيه وحلمه الصغير- الكبير، يهمس بها ونحن نرتاح لبرهة من الوقت في العمل الذي انضممت إليه بعده.
في بداية تعرفي عليه لمحت في عينيه لمعة غير عادية ونظرة فيها الكثير من التساؤل، وأحداقه تتراقص باستمرار، وتطرح عشرات الأسئلة التي ينطق لسانه بعضاً منها.
 لم أكن في بداية التحاقي بالعمل الإعلامي الذي كان حلماً قبل ذلك، اتقن الكتابة على الكمبيوتر كما تقتضيها حاجة العمل، وكان مثال الصديق والزميل المثالي والمتفاني.
 “ما دمت تمتلك الرغبة والإرادة ستنجح وستكون متميزاً” كان ريناس يردد هذه الجملة على مسامعي وهو يشير على بما يجب أن أفعله أو يوضح لي ويعلمني بعضاً من اساسيات الكتابة على الكمبيوتر وكيفية عملنا الذي انضممت إليه بعده.
ريناس الشاب العشريني كان كتلة من الحماس والذكاء والحركة، تارة كان يقوم بتوزيع الصحف، وتارة كان يقوم بنقل المواد الورقية إلى الكمبيوتر، وفي بعض الأحيان كنت تراه في الفعاليات والساحات يقوم بتغطية الأخبار، وحتى في المنزل لم يكن يًمل أو يهدأ، كان يجمع الكثير من الشباب حوله ويقومون بحراسة الأحياء.
توطدت العلاقة بيننا وبات ريناس الصديق المقرب والأخ الأصغر والزميل المتعاون الذي كان محط تقدير وأعجاب الجميع.
كان حلمه أكبر منه وأكبر منا، كثيراً ما كان ينتفض إذا يرى البعض الهفوات أو التهاون في العمل، وكثيراً ما كان ينتقد عن معرفة ودراية ما كان يراه في الشارع من أخطاء، ويعمل على حل بعضها ويطلب المساعدة ممن حوله للوقوف في وجه بعضها الآخر.
 بات العمل أجمل وأسهل مع بعض التدريب والممارسة، وبات حلم ريناس قريب المنال عندما سنحت الفرصة للالتحاق بدورة للتدريب الاعلامي ولا زلت أتذكر جملته حينذاك: “هذه الدورة جاءت مفصلة على مقاس أمنياتي” سأتمكن من التقدم في عملي ومهنتي وتدريب ذاتي، وبعد أيام كنا في وداعه ليلتحق مع بعض زملائه بدورة تدريبية.
 في الدورة كان ريناس متفوقاً كما كان في عمله، هكذا كان رفاقه وزملائه يوصلون لنا ولأهله الأخبار عنه، وعندما أنهى دورته الاعلامية وقرر زملائه العودة كان قراراه عكس توقعات الكثيرين، وقرر الالتحاق بصفوف مقاومة حركة التحرر الكردستانية وكانت الاستجابة لطلبه.
ريناس المميز، كتلة الحماس والنشاط شق طريقه نحو الريادة واحتل مكانته المتقدمة في صفوف الكريلا وفي قلوب قادته ورفاقه، وفي فترة وجيزة كان من أبرز القادة الميدانيين في منطقته وباتت أخبار بطولات ريناس حديث رفاقه وأهله.
ريناس الذي حمل اسم الشهيد “روبار” وأقسم له، لم يرضى إلا بالتميز وأبى أن يكون مقاتلاً عادياً بل صمم على أن يكون كأولئك الذين كان معجباً بهم دائماً، كان يناضل يقاتل يهاجم يدافع يراوغ، ويتمسك بالحياة ليعيشها، ويضع مسألة استشهاده نصب عينيه.
وفي سلسلة الاعتداءات الفاشية التركية الأخيرة على مناطق الدفاع المشروع على مناطق خاكورك كان لريناس وكوكبة من رفاقه صولات وجولات، وسطروا آيات من المقاومة، وابدى مع رفاقه بطولة اذهلت حتى رفاقه وقادته وقاتلوا لأيام متتالية وهم يدافعون عن حقهم في الحياة ويسعون لشهادة تخلدهم إلى الأبد.
هكذا كان ريناس المتميز دائماً المبتسم الصارم، والمقاتل المغوار، الثائر الناقد، وصاحب الموقف الجريء الذي قاتل بالقلم والبندقية وسجل أسمه بحروف خالدة في قلوب الملايين، ليخلد كما خلود جبال كردستان.