حملة “هي لم تنتحر أنتم من قتلتموها” مستمرة بخطط جوهرية

تقرير/ رشا علي –

روناهي/ قامشلو- أطلقت منظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة مؤخراً حملة “هي لم تنتحر أنتم من قتلتموها” والتي بدأت من مدينة كوباني, حيث عقدت بهذا الخصوص ندوات حوارية وتقديم مقترحات توعوية للحد من الانتحار, وهي بصدد التحضير لعروض مسرحية توعوية عن الانتحار.

تعد ظاهرة العنف ضد المرأة انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان, فواجب علينا القضاء على هذا العنف الذي يسبب أضراراً جسدية ونفسية وعقلية على المرأة, وينتج عن ذلك العنف الممارس عليها تقليص حضورها بين المجتمع، ولا يقتصر الأثر عليها فقط, بل تتسع لتشمل عائلتها ومجتمعها ووطنها, لذا يتوجب توفير المزيد من الرعاية الصحية للنساء المعنفات لوضع حد للعنف الممارس ضدها, وبالرغم من أنه أنشئت بعد ثورة روج آفا والشمال السوري الكثير من المنظمات والمؤسسات للدفاع عن حقها المسلوب ومساعدتها ووضع طابع خاص بها ضمن المجتمع, ومنها منظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة في مدينة قامشلو والتي تهتم بقضايا المرأة بشكل خاص، إلا أن حالات العنف ضد المرأة لازالت قائمة ومنها الانتحار والقتل، وفي الآونة الأخيرة وبعد ازدياد حالات انتحار المرأة في المنطقة، أطلقت منظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة حملة للحد من انتشار هذا الوباء المجتمعي.

وبهذا الخصوص التقينا مع الإدارية لمنظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة “سوزان حسين” في مدينة قامشلو، والتي أدلت لنا بمعلومات حول قضايا العنف ضد المرأة على مستوى شمال وشرق سوريا, ولا سيما حالات انتحار المرأة التي ازدادت عام 2020 خاصة في الآونة الأخيرة.

فرق بين عامي 2019 و2020

حيث لوحظ أن هناك فرقاً بين عامي 2019 و2020, لحالات انتحار النساء بحسب إحصائيات منظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة، ففي عام  2019 كانت إحصائيات انتحار النساء تسع حالات فقط, أما في عام 2020 وصل عدد الحالات إلى 16 حالة، لوقت إعداد هذا التقرير.

وأشارت سوزان خلال حديثها لنا إلى ازدياد حالات الانتحار في مدينة قامشلو خلال هذا العام حيث وثقت مؤخراً حالتان في يومين متتاليين، ونتيجة ذلك تشكلت لجنة لمتابعة حالات الانتحار على مستوى شمال وشرق سوريا، على حد تعبيرها.

ونوهت الإدارية لمنظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة سوزان حسين قائلة: “نحن كمنظمة نسائية، بعد قيامنا بتوثيق تلك الحالات, قمنا بإطلاق حملة في الآونة الأخيرة تحت شعار؛ “هي لم تقتل نفسها أنتم من قتلتموها”, وبدأنا الحملة في مدينة كوباني بسبب ازدياد حالات الانتحار فيها واحتياج النساء هناك إلى الدعم النفسي والمعنوي, ويعود ذلك إلى الآثار النفسية التي خلفتها الحروب, والتي تعد أحد أسباب إقدام المرأة على الانتحار”.

الأسباب الأساسية للانتحار؟

وحول الصعوبات التي واجهت لجنة متابعة حالات الانتحار قالت سوزان أن حظر التجوال الذي أعلن عنه نتيجة جائحة كورونا كان من أبرز الصعوبات التي واجهت عملنا خلال الفترة الماضية, لذا لم تستطع اللجنة إتمام عملها ومتابعة تلك الحالات بالشكل المطلوب, وذكرت: “لكن بعد انتهاء الحظر تابعت اللجنة عملها، ووثقت 16 حالة على مستوى شمال وشرق سوريا, وزارت عوائل الضحايا لمعرفة الأسباب الأساسية لإقدام بناتهن على الانتحار لإيجاد حلول سريعة لهذه الآفة”.

وتابعت سوزان حسين حديثها قائلةً: “قمنا كلجنة متابعة حالات انتحار المرأة بدراسة تحليلية لتلك الحالات بشكلٍ جيد, حيث تبين لنا أن أبرز الأسباب كانت التفكك الأسري الذي له أثر كبير في تباعد أفراد الأسرة وانعدام الوئام بينهم, كما أن تقصير الأم في الاهتمام بأسرتها ولا سيما من الجانب التوعوي سبب كبير في هذه الحالات, حيث أن الفتيات في سن المراهقة في حاجة أكثر إلى مساندة أمهاتهن, بالإضافة إلى إجبار الشابات على الزواج وهنّ قاصرات, وأيضاً العادات والتقاليد البالية التي تقيد حرية المرأة ومازالت مسيطرة على ذهنية المجتمع  من أحد أهم الأسباب التي تدفع الفتيات إلى الانتحار”.

وأضافت سوزان بأن تأثير الحرب والنزوح والتهجير القسري وهجمات الاحتلال التركي على مناطق روج آفا وقصفها للآمنين, ترك أثراً سلبياً على المجتمع, وقالت: “توضح لنا ذلك بتوثيق حالة انتحار فتاة في ناحية تل تمر، وبعد التحقيق تبين أن سبب الانتحار هو تأثير الحرب والتهجير القسري على تلك الفتاة, فالمجتمع في تلك المناطق تأثر بنكبات الحرب ويحتاج إلى دعم نفسي كبير”.

وللحد من حالات الانتحار عقدت منظمة سارا العديد من الندوات التوعوية تحت شعار؛ “دقيقة فقط تغير حياتك”، والتي كان الهدف منها تقديم الدعم المعنوي للنساء وتنبيههن وإقناعهن بأن الانتحار ليس حلاً, حيث أكدت سوزان بهذا الخصوص: “عقدنا ندوتين حواريتين في كل من مدينة قامشلو والحسكة, فقمنا بدعوة نساء من الجهات المعنية بقضايا المرأة بالإضافة إلى شرائح المجتمع المختلفة, ومن أهم الجوانب التي ناقشناها في الندوتين, هو الجانب النفسي والاجتماعي والجانب الخفي وهو الجانب القانوني, ووزعنا أيضاً بروشورات توعوية حول الانتحار”.

المخطط والمقترحات..

وأما عن مقترحاتهن في الندوتين، ذكرت بأنهن قدمن اقتراحاً لهيئة التربية والتعليم, بضرورة إعطاء دورات وندوات في مجال الإرشاد النفسي للكوادر المدرسية, لمساعدة الطلاب على الحد من الضغوطات وتوجيهم بالشكل الصحيح, وتفعيل دور المرشدين النفسيين في المدارس.

وبخصوص مخططهم خلال الشهر العاشر الجاري بصدد الحد من حالات انتحار المرأة، أكدت سوزان: “سنعقد ندوات في كلٍّ من عامودا وتربه سبيه وكوباني, كما سننسق مع (كافانا زيرين) من أجل تقديم عروض مسرحية توعوية عن الانتحار التي ستعرض في الأيام المقبلة من هذا الشهر, فنحن كمنظمة معنية بتوعية المجتمع وبالأخص المرأة من أجل القدرة على المساعدة والمساندة ووضع حد لحالات الانتحار التي تحصل, وسننسق أيضاً مع مراكز الدعم النفسي ومراكز هيئة المرأة كونها تملك عدة مراكز استشارية لمعالجة الحالات النفسية”.

لفتت سوزان حسين بأنه توجد في منظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة لجنة قانونية معنية بمتابعة قضايا المرأة في المحاكم, والحالات التي يحرفونها، حيث يظهرون للمجتمع بأنها حالة انتحار ولكن من خلال المتابعة يتبين أنها حالة قتل, لذلك تأخذ اللجنة القانونية في المنظمة دورها في متابعة هذه القضايا، وذلك بتقديم ادعاء بحق الجاني, ومتابعة جلسات الاستئناف وجلسات القضية لحين صدور القرار القضائي النهائي.

وأفادت بأنهم كلجنة متابعة حالات الانتحار يزورون المناطق المحررة مؤخراً من مرتزقة داعش الإرهابي في دير الزور والطبقة والرقة, وأردفت: “تبين أن تلك المناطق بحاجة إلى جهة معنية بشؤون المرأة لتوعيتها من كافة النواحي, ومتابعة قضايا العنف ضدها وحالات الانتحار, لذا من المقرر أن نفتتح مكتباً يتبع لمنظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة في تلك المناطق”.

واختتمت الإدارية في منظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة “سوزان حسين” حديثها بتوجيه رسالة للنساء والأمهات بشكل خاص وجميع الأهالي قائلةً: “على الأسرة حل المشاكل التي تحدث قبل تفاقمها, وإيجاد الحلول لها كيلا تصل الأمور لمرحلة الانتحار، ونؤكد للجميع بأن الانتحار ليس حلاً”.