سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

حلم امرأة أربعينية

نورا خليل

عندما أمسكت القلم لأكتب زاويتي الأسبوعية فكرت بقائمة الأحلام وترتيبها, ما الذي يدفع امرأة في العقد الرابع من عمرها أن تفكر أحلام كبيرة وبشكل أكبر, وأصبحت الأفكار أكثر قوةً حينما تذكرت قول “والدو إيمرسون”: “لا توجد فكرة في أي رأس إلا وتحول نفسها إلى قوة”.
لم يكن بمقدوري أن أتوقف عن التفكير أو الكلام عن حلمي بعملي الإنساني وأن أوسع نطاقه رغم عدم حصولي على الدعم من أي جهة داعمة.
في كثير من الأحيان استغرق بأفكاري أكثر وأكثر وأنا أتحدث مع أفراد أسرتي مع أصدقائي مع زملائي في العمل, كانت تلك الفكرة بالوصول إلى كل امرأة نازحة إلى كل طفل محروم من التعليم وكل فتاة تم تزويجها وهي طفلة قاصر, وكل معنفة وكل مُسِن وكل ناجية من العنف تسيطر علي تماماً. بدأت بالعمل فترات أطول وأطول في عملي ناقشت المسألة مع أسرتي وانتقلت إلى مدينة بعيدة وقطعت مسافة طويلة بسلبياتها وإيجابياتها, وتبرمج أعمق لمستوى العقل الباطن واكتسبت قوة خاصة بي في مدينة تحررت من السواد رغم دمارها, أعلنت عن تأسيس منظمة جديدة معنية ببناء القدرات والتأهيل والتنمية في مناطق منسية وبين أناس ناجين من العنف بكل أشكاله في الحرب وتتالي الفصائل المسلحة عليها.
نعم الأفكار أصبحت حقيقة والأفكار كانت أشياء قوية, كان لدي حلم وتمنيت تحقيقه وأنشغل عقلي ليل نهار بالتفكير به مراراً  وتكراراً وعملت على تحقيقه, بأفكارنا نصنع العالم، وتم الإعلان عن ترخيص شمس بمناطق الفرات, واليوم وأنا أغلق عيني لبرهة وببطء أتذكر كيف قمت ببرمجة أحلامي بصورة أعمق وأعمق في عقلي اللاوعي وأتذكر شريط الأعمال والصعوبات والعقبات في بداية عملنا بمخيمات الطويحينة التي تبتعد عن مسكني مسافة مئات الكيلو مترات, ومخيمات الرقة وعين عيسى وكيف احتضنت نساء ناجيات من العنف.
واليوم تدفعني أحلام النساء إلى إكمال رحلتي في مناهضة العنف ضد المرأة ونشر السلام ونبذ التطرف, أنه حب بنات جنسي وحب وطني الذي يضمني بين أحضانه وحب موطني الكبير الذي تستريح فيه النفس وتأوي إليه الروح يدفعني إلى العمل وإلى الإبداع والابتكار.
إنها “شمس” التي تدفعني إلى الانتماء وإلى الحفاظ على كل لحظة قضيتها واكتسبت فيها محبة امرأة أو طفلة.
إنه عشق الوطن الواسع باتساع الحياة، إنها الأشجار والورود والأهل والأصدقاء والمساجد والكنائس التي تطلب مني الاستمرار بأن أمضي وأطور وأغرس وأعمل على إعادة التأهيل وأمضي في التقدم في العلم في المعرفة.
إذاً أنها كل تلك الأشياء وأشياء أخرى تدفع امرأة أربعينية بأن تحلم وتعمل, وأن تقول لن يتوقف الكون إذا انكسرت، ولن تقام طقوس العزاء لأنك ِحزنتِ, فالجميع قادر على تأمل سقوطك لذا قفي وانهضي ورممي نفسك بنفسك، فأنتِ تستطيعين ضبط العملية العقلية لديك، ولتعيشي حياتك دون قيود ونجاح كامل فأنت ِ تستطيعين ضبط أفكارك وتقرير نمط حياتك الذي تريدينه لأنك سر حياتك ِ وسر قوتك.