حلم العودة لا يُفارِقنا… قصة مُهجّر من كري سبي

جل آغا/ أمل محمد –

أكد المُهجّر خالد عبد الله درويش من تل أبيض/ كري سبي أن حلم العودة إلى ربوع قريته لا يفارقه، وأنه متشبث بأرض الوطن حتى الرمق الأخير، لافتاً إلى يقينه التام بقدرة قوات سوريا الديمقراطية في تحرير المناطق المحتلة.

قصة تهجير وتاريخ حُفِر في الذاكرة

المكان قرية تل فندر في تل أبيض/ كري سبي، الزمان ساعات متأخرة من الليل يستيقظ المواطن خالد درويش على أصوات واهتزازات قوية حول محيط قريته، ليجد نفسه وسط قصف مكثف من قبل دولة الاحتلال التركي، لم تكن هذه الهجمات هي الأولى من نوعها فلقد اعتاد أهالي القرى الحدودية على هذه الانتهاكات، ولكن هذه المرة على خلاف سابقاتها كان الهجوم أكثر عنفاً، حدثنا بقوله: ” /10/2019 التاريخ الذي نُقِش في ذاكرتي وذاكرة كل أهالي القرية، هذا التوقيت الأكثر ألماً في نفوسنا، تركنا منازلنا وأراضينا وممتلكاتنا والنيران تلتهم فيها، لم يكن بوسعنا سوى الهجرة إلى مدينة الرقة لحماية عائلتي من جرائم دولة لا تعرف معنى الرحمة”.

رحلة السبع ليالي

استقل الدرويش مع عائلته وعائلة أخته سيارتهم للهروب من هول ما حدث في قريتهم، استمرت الرحلة حوالي سبعة أيام في العراء حتى الوصول لمدينة الرقة عند منزل أحد أقاربهم وتابع: “سبعة أيام بلياليها كانت سيارتي هي المكان الوحيد الذي نحتمي به، أطفالي لم يكن بوسعهم الخلود إلى النوم نتيجة ما شاهدوه من خوفٍ وذعر، كانوا يحتمون في حضني لعلهم يجدون فيه القليل من الأمان، كنا في كل قرية نمر بها نطرق أبواب الأهالي ليقدموا بدورهم بعض الطعام والشراب ونأخذ قسطاً من الراحة”.

ذكريات ترفض أن تُنسى

يعيش خالد درويش اليوم في قرية كر زيارات التابعة لناحية جل آغا وزاد: “كل سكان القرية تهجّروا منها، منهم من قصد منبج وآخرون احتموا في الرقة ومنهم جاءوا إلى إقليم الجزيرة، كل مكان في منزلنا وأرضنا ذكرى لا يمكن نسيانها، أتوق بشدة لجلسات جاري مسلم وصديقي مصطفى وأيام العمل في الأرض، أرغب في العودة لأنادي على صاحبي أبو عدنان ونتبادل الأحاديث، افترقنا وبقيت أراضينا بكل ما فيها تحت سيطرة أشخاص أقل ما يمكن القول عنهم بأنهم مجرمون”.

استقبال الأهالي وحلم العودة

وعن استقبال أهل القرية لهم عند تهجيرهم قسراً أفادنا درويش: “ما خفف عنا وطأة ما حدث لنا، هو المعاملة الحسنة التي تلقيناها من أهالي القرية صاحب المنزل الذي أقطن فيه رفض أخذ الأجرة مني، وأخبرني بأن المنزل تحت تصرفي، أهالي قرية كر زيارات وفروا لي عملاً لأعيل العائلة، والرجال منهم يترددون لزيارتنا لكي لا نشعر بالغربة، أطفالي يلعبون ويترددون إلى المدرسة، كل شيء يشبه قريتنا إلا أنها ليست هي وهذا هو الوجع الأكبر”.

وفي ختام حديثه أكدَّ خالد عبد الله درويش إلى أن يوم العودة بات قريباً، وستعود كامل المناطق المحتلة إلى حضن الوطن ويعود المهجرون إلى بلادهم: “استيقظ كل يوم والأمل يزداد في الرجوع، سيعود أبنائي إلى أرضهم ويعملون ويحرثون ويعود كل مُهجر إلى مناطقهم بسواعد أبطالنا الذين لن يتخلوا عن شبرٍ واحدٍ من أرض بلادنا”.