سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

حلم أردوغان الذي سيبقى سراباً

نوري سعيد –

زعيم العدالة والتنمية أردوغان يهدد من جديد باحتلال شرق الفرات، وبخاصة بعد إعلان الرئيس ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا في غضون ستين يوماً أو ثلاثة أشهر، وهو ينطلق من حجة إنه لن يسمح بإقامة كيان إرهابي على حدوده الجنوبية. ولكننا؛ نسأل هل قامت وحدات حماية الشعب والمرأة بأي اعتداء على تركيا أو احتلت شبراً من الأراضي التركية، وهل طالبت بكيان كردي؟! إن الحركة الكردية بكافة أحزابها ومختلف قواها السياسية ترفض الكلام التركي جملةً وتفصيلاً؛ لأن الشعب الكردي ربط مصيره بمصير شعوب سوريا ومكوناتها كافة، وهي بعيدة عن أية أجندات انفصالية وتعمل مع الآخرين على بناء سوريا أكثر أمناً واستقراراً، من خلال نظام لا مركزي ديمقراطي يضمن حقوق جميع السوريين وينعمون في ظله بالحرية والعدالة والمساواة، وهذا هو طرح مجلس سوريا الديمقراطية وجناحه العسكري قوات سوريا الديمقراطية، وما يدعيه أردوغان هو كذبٌ ونفاق ليس إلا.
إن قوات سوريا الديمقراطية كانت ولا تزال تلحق الهزيمة بداعش في المناطق كافة، بينما تركيا فتحت حدودها لعبور الإرهابيين إلى سوريا، وقامت بمساعدة ومشاركة هؤلاء واحتلت عفرين.
إن منطقة شرق الفرات وبالأخص الجزيرة هي أكثر أمناً واستقراراً من بقية المناطق السورية الأخرى، وتأوي عشرات الآلاف من النازحين ويسودها جو من التآخي والعيش المشترك بين المكونات كافة في ظلِّ الإدارة الذاتية الديمقراطية التي تقود الدفة، وهي التي تؤمن لهم الأمن والأمان والخدمات من دون استثناء لأي طرف، وهذا ما يزعج أردوغان. لهذا؛ فهو يريد القضاء على هذه التجربة الجديدة والرائدة في المنطقة، والتي نالت الإعجاب والرضى من الجهات الدولية كافة. كما إنه يريد الانتقام لداعش بسبب الضربات والخسائر التي تلقتها داعش على يد قوات سوريا الديمقراطية الأبطال والتي تضم كافة مكونات منطقة شرق الفرات. إن عداء أردوغان للكرد لا يقتصر على باكور كردستان فقط، بل يشمل كافة الأجزاء الأخرى فماذا يريد منا أردوغان؟ نحن الكرد شعب مظلوم ومع ذلك بقينا أوفياء ومخلصين لأوطاننا التي نتواجد فيها وشاركنا في الدفاع عنها، ففي باكور كردستان؛ شارك الكرد في (ملاذ كرد) ضد البيزنطيين وشاركوا أتاتورك في حروبه التحريرية الوطنية، وأيضاً في جالديران، ومع ذلك تركيا لا تعترف حتى الآن بالوجود الكردي في باكور، وفي سوريا أبلى الكرد بلاءً حسناً في الثورة السورية الكبرى، وفي باشور كردستان؛ حاربنا الإنكليز وساهم الكرد في إيران بسقوط نظام الشاه، بالرغم من كل ذلك بمجرد أن نطالب بحقوقنا في المساواة تلصق بنا تهمة العمالة والانفصال.
وختاماً نقول إن إعلان ترامب بسحب قواته هي التي دفعت بوزير الدفاع التركي إلى القول: “إننا سنجعل خنادق وحدات الحماية الشعبية والمرأة قبوراً لهم لندفنهم فيها”، وكأن هذه القوات هي التي تحتل الأراضي التركية وليست القوات التركية هي التي تحتل جرابلس والباب وعفرين وإعزاز. ولكن؛ ليعلم أردوغان ووزير دفاعه إن شعوب سوريا ومكوناتها ستقف صفاً واحداً ضد أي تدخل تركي في أراضيها؛ لأن الدفاع عن النفس حق مشروع للشعوب كافة. وإننا نطالب النظام للقيام بمسؤولياته تجاه حماية السيادة السورية ضد كل الاعتداءات التركية، وعلى كافة الحلفاء القيام بواجبهم الإنساني والأخلاقي تجاه من قام بالنيابة عنهم في القضاء على مرتزقة داعش، وشرق الفرات جزء لا يتجزأ من سوريا والإدارة الذاتية تقولها دائماً وفي كل مناسبة، وسوريا تتعرض لأبشع هجمة في تاريخها ولا بد لنا كسوريين أن نتوحد في وجه التهديدات كافة من أية جهة كانت، وأن ندع خلافاتنا جانباً لأن وطننا في خطر ولا بد لنا جميعاً أن نلبي النداء.