سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

حلبجة.. الجرح الذي لم يندمل

غاندي إسكندر-

يستقبل الشعب الكردي الذكرى الثالثة والثلاثين لمجزة حلبجة، المدينة الكردستانية التي تعرضت إلى أكبر هجمة كيميائية عبر التاريخ على يد دكتاتور العراق صدام حسين، ذلك القصف الذي تم بغاز الخردل، والسارين، وغاز الأعصاب، عبر المدفعية والطائرات العسكرية العراقية، وأدى إلى استشهاد ما يربو على خمسة آلاف شخص من أبناء المدينة، أغلبهم من النساء والأطفال والشيوخ، وتوفي بعد ذلك حوالي عشرة آلاف شخص، بسبب المضاعفات التي تركها الغاز المحرم دولياً الذي استخدم في القصف، كما أن المدينة ما تزال تشهد بعض حالات الولادة المشوهة خلقياً؛ نتيجة للأثر الذي خلفته الغازات، والذي يستمر لسنوات طوال، فمشهد أطفال حلبجة الوادعة، واستعداداتهم لاحتضان النوروز وقطف أزهار الربيع لتزيين جدائل أمهاتهن به هو مشهدٌ عصي على أعداء الكرد رؤيته، ولأنهم كارهون للجمال والبراءة، وعقليتهم الاستبدادية العفنة يطغى عليها السواد ورائحة البارود، فكان القرار الوحشي باغتيال المدينة، وإلباس أبنائها الأكفان بدلاً من الأزياء الملونة بلون الطبيعة الكردية، فتحولت حلبجة في غضون دقائق على يد جلاوزة البعث إلى مدينة أشباح، حيث تساقطت الفراشات، والطيور، وأوراق الأشجار، في أحضان الأطفال المخنوقين، وبات اسمها مرادفاً لهيروشيما، وناغازاكي، والهولوكوست، لقد ارتُكبت هذه المجزرة التي يندى لها جبين الإنسانية، وباتت الجرح الذي لا يندمل في الذاكرة الكردية، في سياق حملة الأنفال سيئة الصيت التي امتدت من نيسان 1987 إلى آب 1988والتي راح ضحيتها أكثر من 180 ألفاً من الشعب الكردي، دفن أغلبهم أحياء في صحراء عرعر بين العراق والسعودية، وكان يقود الحملة آنذاك أمين سر مكتب الشمال لحزب البعث العربي الاشتراكي علي حسن المجيد ابن عم الرئيس العراقي صدام حسين، والذي سماه الكرد في باشور كردستان بعلي الكيمياوي، وعلي حسن المُبيد بدلاً من المجيد، إن ما تعرضت له حلبجة سابقاً من دمار للإنسان والحيوان وللحجر حاضر في أذهان كل الكرد ولا يفارقها، فأعداء الأمس وأفعالهم الوحشية لا تفارق الكرد، ففي نيسان من عام 2016 قصفت مجموعات المرتزقة المرتبطة بتركيا، ولا سيما جيش الإسلام، والجبهة الشامية، وأحرار الشام، حي الشيخ مقصود الكردي في مدينة حلب بمادة الفوسفور المحظورة دولياً، تلك الهجمة التي ما زال مرتكبوها يصولون ويجولون في عفرين الجريحة إلى يومنا هذا، كما أن المأساة تكررت مرة أخرى على يد جيش الاحتلال التركي عندما غزا مع مرتزقته مدينة سري كانيه عام 2019. حينها قصفت المدينة بالفوسفور والنابالم الحارق في انتهاك صارخ للقوانين والمواثيق الدولية، وصور الطفل محمد حميد محمد ماثلة للعيان، ذاك الطفل الذي احترق جسده بشكل شبه كامل بمادة الفوسفور، فأعداء الكرد ولا سيما أردوغان ومن سبقه من المجرمين لا يتوانون عن استخدام أبشع أنواع الأسلحة من أجل إبادة شعب أصيل يمتلك حضارة موغلة في القدم أمام مرأى العالم الذي يكتفي بالتفرج ليس إلا ولا يبدي أي موقف تجاه مجرمي العصر الذين يعادون الكرد دون وجه حق.