حكومة دمشق تُهمّش نجوم كبار في رياضة سوريا

إعداد/ دلير حسن_

---

انقسم الشارع السوري الرياضي بعد استبعاد اللاعب ‘‘عمر السومة’’ من تشكيلة المنتخب السوري لكرة القدم التي ستشارك في بطولة كأس آسيا القادمة في قطر ما بين قلّة مؤيدة ونسبة كبيرة معارضة، بالمقابل رد ‘‘السومة’’ بالاعتزال دوليّاً بعد تهميشه وعدم ضمّه لقائمة المنتخب، ولكن هل ‘‘السومة’’ هو الأول؟ أم لن يكون الأخير؟.

وضجت مختلف شبكات التواصل الافتراضي، والحسابات الخاصة بقرار إبعاد ‘‘عمر السومة’’ قائد المنتخب السوري لكرة القدم الأول عن تشكيلة المنتخب الذي يلعب تحت مظلمة حكومة دمشق، من قبل المدير الفني للمنتخب السوري الأرجنتيني ‘‘هيكتور كوبر’’.

واختلفت وتباينت الآراء عن قضية إبعاده، فمنهم عقّب بأن القرار صحيح كون ‘‘السومة’’ لم يعُد مستواه كما كان سابقاً قبل سنوات، وأصبح يتراجع بشكلٍ كبير مع المنتخب السوري، وأن ذلك كان واضحاً من خلال أدائه في التصفيات السابقة المؤهلة لكأس العالم الماضية قطر 2022، بحسب تعبيرهم.

في المقابل كان العدد الأكبر ضد هذا القرار، ومن وجهة نظرهم؛ فإن ‘‘السومة’’ مازال قادراً على العطاء واللعب مع المنتخب، وأنه من ألمع نجوم الكرة السوريّة والعربية، وخاصةً عندما نجح مع نادي العربي القطري في قيادته الموسم الماضي للفوز بلقب كأس قطر لأول مرة بعد غياب 30 سنة. كما أشاروا أنه حتى لو تم إبعاده كان يتطلب من القائمين على المنتخب والكرة السوريّة بالتواصل مع اللاعب ‘‘عمر السومة’’ ووضعه بالصورة وشرح أسباب إبعاده. ولكن ‘‘السومة’’ لم يتمالك نفسه كثيراً، وخرج وصرّح إعلامياً بعد قرار إبعاده بساعات، بأنه ‘‘قرر اعتزال اللعب دولياً’’.

وقال النجم السوري اللاعب ‘‘عمر السومة’’ ابن مدينة دير الزور السوريّة، ومهاجم نادي العربي القطري حالياً، في تصريح صحفي عبر قناة الكأس القطرية: ‘‘حزنت لقرار استبعادي من القائمة، أنا ملتزم مع كوبر منذ مدة عام كامل ولم أتغيّب، فلماذا يستبعدني؟!”.

وأضاف ‘‘السومة’’: ‘‘أُعلن اعتزالي كرة القدم دولياً، رداً على هذا الاستبعاد، وهذا القرار لا رجعة فيه، وخصوصاً أنه لا يوجد تقدير أو احترام”. عمر السومة النجم السوري ومهاجم نادي العربي القطري أشار في حديثه أيضاً: ‘‘العقلية الاحترافية بالإدارة ضعيفة جداً، أقل شيء كان من المفترض أن يُبلغني المسؤولين بالقرار باعتباري قائد المنتخب، بدلاً من أن أتفاجأ من القرار مثل الجمهور”.

كما استذكر ما حدث مع كابتن منتخب سوريا السابق المعتزل “فراس الخطيب” الذي تم استبعاده، وقبله مهاجم منتخب سوريا السابق “زياد شعبو”. واستبعد مدرب المنتخب السوري ‘‘كوبر’’، مهاجم نادي العربي القطري ‘‘عمر السومة’’، من القائمة الأولية للمنتخب التي ضمت 33 لاعباً، حيث سيتقلّص عددها إلى 26 لاعباً في القائمة النهائية للبطولة الآسيوية القادمة.

سبق ‘‘السومة’’ آخرين!

وفي عام 2017 عاد كلاً من ‘‘عمر السومة’’ و‘‘فراس الخطيب’’ مجدداً لصف حكومة دمشق، أثر موقفهما المعارض للحكومة مع بدء الحراك الشعبي السوري في العام 2011.

وفي كانون الأول2021، أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التابعة لحكومة دمشق، قرارين بحل وتصفية بحق ‘‘شركة عمر السومة للمقاولات’’.

وتأسست شركة ‘‘عمر السومة الرياضية’’ و‘‘عمر السومة للمقاولات’’ في 2018، وتعمل الأولى في مجال استيراد وتجارة وتوزيع المعدات والأدوات والألبسة الرياضية ولوازم الملاعب، فيما تعمل الثانية في مجال المقاولات والتعهدات واستيراد وتصدير مواد البناء. وجاء القرارين بعد أيام من طرد اللاعب ‘‘فراس الخطيب‘‘ من الاتحاد الرياضي لدى حكومة دمشق.

ففي عام 2021، فرضت اللجنة الأولمبية السوريّة والاتحاد الرياضي العام لدى حكومة دمشق عقوبة الطرد بحق ‘‘فراس الخطيب’’ بدواعي مشاركته في مباراة، تواجد مدرب إسرائيلي فيها، الأمر الذي اعتبره متابعون سبباً تنتظره الحكومة لتحييد ‘‘الخطيب’’ عن المشهد الرياضي السوري.

من جانبه رد ‘‘الخطيب’’ وقتها على العقوبة بإبداء استغرابه من قرار طرده، موضحاً أنه لم يتم استدعاؤه مُسبقاً للإدلاء بأجوبته بهذا الخصوص، كما لم يتم إعلامه به حتى الآن بطريقة قانونية، ولم يتم إعلامه به لفهم سند العقوبة.

وقال ‘‘الخطيب’’، إن ‘‘فراس معلا’’ شارك في نشاطات رياضية بوجود إسرائيليين بموجب جنسيته الروسية، حيث رد رئيس الاتحاد الرياضي العام ‘‘معلا’’، أنه تم اتخاذ الإجراء بطرد ‘‘الخطيب’’ لقناعتهم أنه لا يمكن لأحد مهما علا شأنه أن يلعب مع شخص من إسرائيل، وأن هناك فرق بين مشاركته ومشاركة ‘‘الخطيب’’.

حيث أشار ‘‘معلا’’، وقتها في حديثه أن هناك ألعابًا فردية وجماعية، ومختلف الرياضات في سوريا تشارك بالألعاب الأولمبية دون تحفّظ، شرط عدم المساس بسمعة وكرامة البلد، رغم مشاركته في نشاط رياضي عام 2019 بوجود لاعبين اثنين من “فريق إسرائيل”.

‘‘الخطيب’’ يُعقّب على إبعاد ‘‘السومة’’

في السياق نفسه؛ عقّب لاعب المنتخب السوري السابق ‘‘فراس الخطيب’’ في  تصريحات صحفية على قضية إبعاد ‘‘السومة’’ ومعه زميله ‘‘المواس’’ من قائمة المنتخب السوري وقال: “السومة’’ لاعب كبير ووجوده ضروري في المنتخب، وما زال لديه الكثير ليقدمه واستغرب كيف يتم استبعاد لاعب هو موجود مع المنتخب لآخر مباراة قبل البطولة”.

وأكد ‘‘الخطيب’’ إن “القرار خاطئ أياً كان سببه سواء كان فنياً أو إدارياً، وكان من المفروض أن يتم الطلب منهم (عمر السومة ومحمود المواس) الخروج من المنتخب بطريقة لائقة ومُشرّفة احتراماً لما قدماه للكرة السوريّة”.

واعتبر ‘‘الخطيب’’ إن المدرب حتى لو أراد تجديد دماء المنتخب فكان عليه الاحتفاظ ‘‘بالسومة’’ لأنه أحد أفضل المهاجمين في آسيا، وحتى إن كان السبب انضباطي فلا يجوز استبعاده أيضاً لأنه لاعب مؤثر ويمكن معالجة السبب بطريقة غير الاستبعاد.

وأشار إلى وجود لاعبين من المُعيب وجودهم مع المنتخب، كما أنه من المعيب عدم استدعاء لاعبين يستحقون التواجد في صفوفه، وأن الاتحاد يخاف من مواقع التواصل الافتراضي ويرضخ لها.

وختم ‘‘الخطيب’’ مهاجماً المسؤولين عن المنتخب السوري واتحاد الكرة قائلاً: “إذا كانت هذه عقليات من يعمل في الرياضة السوريّة على الدنيا السلام والفاتحة على روح المرحوم وعظم الله أجر الشارع الرياضي السوري منذ الأزل، وإلى اليوم والعيب يطلع من أهل العيب”.

ردود أفعال تُساند ‘‘السومة’’

إن تهميش ‘‘عمر السومة’’ بهذه الطريقة، وعدم إبلاغه بقرار إبعاده، شكّل صدمة للكثير من الشارع الرياضي، ولكن تناسى هذا الشارع بأنه أمر طبيعي كون ‘‘السومة’’ ليس الأول، ولن يكون الأخير، وهذا ما أكده أحد الصحفيين الرياضيين المقربين من حكومة دمشق على صفحته الشخصية على الفيسبوك، وهو رئيس تحرير البرنامج الكابتن ‘‘محمد الخطيب’’، والذي نشر التالي:

‘‘القصة باختصار …. نحن لا نحترم من يعطي ويُقدم

نحن لا نحترم المتميز ولا نقدره.

وفي الخارج ترى الجميع يقدّم له ذلك التقدير والاحترام…..

القصة ليست رياضة فقط!

كابتن منتخب سوريا عمر السومة ليس الأول ولن يكون الأخير في طريقة التعامل (غير اللائقة).

أياً كان من أتيتم بهم (وهي خطوة ممتازة بكل تأكيد وتُشكرون عليها).

لن يأخذ في قلوبنا وقلوب حتى غير السوريين مكان من قدم ومن قاتل ومن كان موجوداً دائماً عند الطلب… لمنتخب البلد.

قبيح جداً ما حصل…. عندما توفر البديل قمتم بالاستغناء وبطريقة لا تمت للاحترام لشخص الإنسان بأي صلة!

وصدقاً سكوتنا ومرور الأمر بكل أريحية كما يريد من يتحكمون بالمنتخب الوطني… سيكون أقبح بكثير مما قاموا به…..

وما يقومون به!!!!’’.

وشهد شاهداً من أهله أن الكرة السوريّة تعيش مهزلة كبيرة، وليس على صعيد المنتخبات في سوريا فقط، فقد نشرنا في صحيفتنا “روناهي” العديد من التقارير بأن الفساد يسيطر على المنظومة الرياضية بالكامل، وهي التي تدار من قبل حكومة دمشق.

ورغم مرور أيام، ولكن ما زالت قضية استبعاد اللاعب عمر السومة عن قائمة المنتخب السوري، الذي سيشارك في نهائيات كأس آسيا في مطلع العام القادم في قطر، تتفاعل وسط استياء الغالبية العظمى من جمهور الكرة والرياضيين وكوادرها معتبرين أن القرار خاطئ.

“مجد عربشة” لاعب منتخب سوريا لكرة السلة وفريق الوحدة نشر ستوري على حسابه الشخصي انستغرام تضمنت صورة “السومة” ومُرفقة بكتابة «وهل يخفى العمر».

كما نشر “عدي الجفال” لاعب فريق الفتوة بكرة القدم ستوري عبر حسابه الرسمي على الفيسبوك يتواجد بها صورة لـ”عمر السومة” مع أرقامه خلال مسيرته الكروية. وكتب “الجفال” «التاريخ والرمز».

من جانبه لاعب كرة القدم “العراقي” السابق “نشأت أكرم” قال عبر قنوات الكأس الرياضية: «كان يجب التعامل مع “عمر السومة” بشكلٍ فيه احترام باعتباره كابتن المنتخب».

وكتب المدرب السوري “ياسر السباعي” عبر صفحته في الفيسبوك: «من حق الجماهير أن تعرف سبب استبعاد “السومة” وبما أن “كوبر” مدرب كبير، عليه أن يشرح سبب الاستبعاد وآلية انتقاء اللاعبين لأن هذا عرف كروي».

وبخصوص الرياضيين ‘‘فعمر السومة’’ ليس الأول ولن يكون الأخير، فقد هاجر الكثير من الخامات الرياضية البلد بعدما تم تهميشهم من قبل القائمين على الرياضة السوريّة التابعة لحكومة دمشق، ويستفاد من خبراتهم في بلدان أخرى ومنهم ابن عفرين المحتلة من قبل تركيا الكابتن ‘‘رضوان الشيخ حسن’’ اللاعب الدولي السابق بالمنتخب السوري ونجم الكرة السوريّة، والذي لُقب بـ”المدفعجي” والسبب هو قوة تسديداته على المرمى وإحرازه الأهداف من مسافات بعيدة» ولكن حالياً يستفاد من خبراته في قطر، كمحلل رياضي ومدرب.

‘‘رضوان’’ يفتح النار على ‘‘كوبر’’

وعلّق ‘‘رضوان الشيخ حسن’’، مدافع منتخب سوريا السابق والمدرب الحالي في قطاع الفئات السنية بالدحيل القطري، على قرار استبعاد ‘‘السومة’’، وزميله ‘‘محمود المواس’’، هداف الشرطة من القائمة المشاركة بأمم آسيا القادمة.

وقال ‘‘حسن’’: ‘‘في وقتٍ يحتاج فيه منتخبنا إلى جهود لاعبين كبار مثل ‘‘السومة والمواس’’، للاستفادة من مجهودهما الفني والتهديفي تفاجئنا بقرار المدرب استبعاد الثنائي قبل أيام قليلة من استحقاق كأس آسيا بالدوحة’’.

وانتقد ‘‘رضوان حسن’’ خيارات ‘‘كوبر’’، مشيراً إلى قيامه بضم لاعبين للقائمة غير قادرين على الدفاع عن المنتخب السوري، قائلاً: “لله في خلقه شؤون.. مجموعتنا صعبة للغاية مع فرق قوية وعريقة”.

ويلعب منتخب سوريا في المجموعة الثانية بكأس آسيا التي تقام بقطر خلال الفترة من 12 كانون الثاني وحتى 10 شباط المقبل، حيث تضم منتخبات أستراليا وأوزبكستان والهند.

أن كل ما ذُكِر هو غيض من فيض، ويشكل دلالة واضحة على الفشل الإداري للاتحاد الرياضي العام والاتحاد العربي السوري لكرة القدم بشكلٍ خاص، بالإضافة إلى الفساد المستشري والمحسوبيات في المنتخبات وطرق انتقائها، كما أن ما يحصل في سوريا قد لا يحصل في أي بلد آخر، وهو أن قيادة حزب البعث في كل مدينة هي من تعيّن إدارات الأندية، ولا تأتي عبر انتخابات نزيهة ويشارك فيها أعضاء الجمعية العمومية، مما يدل أيضاً أن منظومة الرياضة الفاسدة التي تدار من قبل حكومة دمشق ويتطلب نفضها، وإبعاد كل الفاسدين منها، وهذا الأمر لن يحصل إلا بحل سياسي في البلد وقدوم حكومة بالانتخابات وممثلة من قبل الشعوب كافة، لأن في ظل حكومة فاسدة من غير الممكن تتواجد رياضة صحيحة وحقيقية.

ويُذكر أنه لحين إعداد هذا التقرير لم يتراجع السومة عن قراره بالاعتزال، وبالمقابل لم يتم استدعائه لقائمة المنتخب السوري التي ستشارك في كأس آسيا مطلع العام القادم.