سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

حسين العلي؛ مسيرة حافلة في فن الخط العربي

تقرير/ آزاد الكردي –

روناهي/ منبج: يعتبر الخط العربي عشق أصيل، ووسيلة من وسائل حفظ التراث، كما أنه فن من فنون الزخرفة والتصميم، فليس لكل عشاقه نصيب من إتقانه، ولكن للخطاط؛ حسين محمد الحسن العلي تجربته الخاصة مع الخط العربي، وله مع ذلك؛ بداية وقصة وتجارب.
هكذا أراد الخطاط؛ “حسين محمد الحسن العلي” أن يبدأ اللقاء الذي أجرته معه صحيفتنا “روناهي”؛ بمجموعة من الأمثال التي تجسد روعة هذا الفن الجميل: “الخط هندسة روحانية بآلة جسمانية”، والخط الحسن من مفاتيح الرزق، وللأمير جمال وللفقير مال وللغني كمال، والخط الحسن يزيد الحق وضوحاً”.. وغيرها من الأمثال. بحيث تعدى الأمر من كون هذا الفن هو حالة إبداع إلى متلازمة إبداعية يعيشها منذ صغره وحتى هذه اللحظة وبكل وقت ومكان.
الإبداع موهبة أم مهارة مكتسبة؟
وقال العلي: “إن حكايته مع الخط العربي بدأت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن ينتهي به المطاف إلى الاعتماد على نفسه، ولكن ما لا يخفى على أحد لابد من موهبة (قدر بسيط من الاهتمام الذاتي)، إلى جانب الفطرة، وهي الهوس بالأشياء الجميلة، دون وجود مدرب أو مدرس؛ (جهد شخصي خاص)، ولا يوجد وقت محدد لإتقان الخط، فالمتعلم في فن الخط العربي دائماً يطمح للوصول للأفضل يستطيع أن يعرف درجة تطوره عندما يحفظ ويتقن جميع قواعد فن الخط من حروف وكلمات وجمل”.
الرسم بالكلمات تجسيد روحاني

وأشار إلى إن الرسم بالكلمات، هو نوع من الخط العربي، يمكن أن يتتبع القاعدة أو من عدمها وذلك بأن ترسم صور نوع من أنواع الحيوانات أو الطيور بعبارة تشبه الصورة المراد منها نوعاً ما. ولا شك أن خط النسخ أقرب الخطوط إلى قلبي والتي أحبها لأنه كتب به القرآن الكريم بيد أنه يحتاج إلى تشكيل جميع حروفه، ومن الخطوط المقربة لي أيضاً ويكثر استخدامها عند عامة الناس، هو خط الرقعة الفني الذي اقتبست منه قواعد تحسين الخط اليومي؛ الدارج كتابته بالقلم العادي، والذي يجيد خط الرقعة العادي، يستطيع أن يتعلم خط الرقعة الفني بسهولة. لقد لعب فن الخط العربي دوراً كبيراً في حفظ القرآن الكريم والسنة النبوية لما له من عظيم الأثر في قلوب محبيه أيضاً.
الشذرة الفنية تنافس تقنيات العولمة
وحول ما آل إليه فن الخط العربي في مدينة منبج وبمن تأثر من الخطاطين؛ أضاف الحسين: “تأثرت بعدد من الخطاطين؛ أمثال الخطاط د.”عثمان طه” والخطاط ” د. نبيل الشريفي”، وأمين رشدي، والحافظ عثمان، ومصطفى نظيف، ومصطفى حليم، كما وأمتلك نسخة مكتوبة بخط اليد للخطاط محمد أمين رشدي. أما بالنسبة لفن الخط العربي للأسف في تراجع مستمر ليس في مدينة منبج، فحسب بل في معظم أنحاء العالم العربي والإسلامي، وذلك لعدة أسباب منها: أولاً عدم الاهتمام الواضح بهذا الفن الأصيل والعريق، وثانياً والأهم؛ ظهور العولمة التي أدت إلى القضاء شبه التام على هذا الفن، وأعني بالعولمة؛ استخدام تقنيات الكمبيوتر وبرامج الكتابة الحديثة والصيغ الجاهزة، كل هذا أدى إلى تدهور هذا الفن عموماً”.
الخط العربي بين الفن التشكيلي والتصميمات
إن الخط العربي عادة يقاس بالنقاط، إذ أن لكل حرف ميزان خاص يقاس بالنقاط، فمثلاً الألف بخط الرقعة الفني ثلاثة نقاط، وبالخط الديواني سبعة نقاط، وبخط النسخ أربعة أو خمسة نقاط متراوحة وهكذا، ولكل خط عند كتابته زاوية معينة للقلم سواء بالقلم القصب أو بالقلم الفني الجاهز الذي يباع في المكتبات، أما الخط الديواني والرقعة لا يحتاجان للقصبة إلا للضرورة. ولقد شغل الخط العربي أهمية كبيرة أثناء حكم السلاطين العثمانيين بل كان أربابه أيضاً من المقربين عندهم، وتكمن أهمية فن الخط العربي عموماً بأنه يبعث في نفس القارئ مشاعر الارتياح النفسي والتأثير على الآخرين عند قراءة النص المكتوب بخط جميل وواضح. ولذا فإن الخط العربي يعد فرعاً من الفنون الجميلة التي تتميز بقدراتها على تربية الذوق وشحذ المواهب، وتعتبر مجالاً مهماً لتعليم طلاب العلم بعض القيم الأخلاقية والمهارات مثل الأدب والشعر وغيرها، بحسب تعبير الحسين.
الفن رسالة وهوية
وحول رسالته تجاه محبي هذا النوع من الفن، وهو الخط العربي قال: “أوجه رسالتين اثنين؛ الأولى للقائمين بالثقافة والفن في مدينة منبج وريفها مؤخراً على حرصهم واهتمامهم الملحوظ بهذا الفن الإسلامي، لذا أشكرهم على جهودهم المبذولة، لكن كنت أتمنى منهم المزيد من الاهتمام لأرباب هذه الحرفة؛ خوفاً عليها من الضياع والاندثار فضلاً على تشجيع مبدعيها من خلال إقامة مسابقات تشجيعية دورية تبعث في نفس الخطاط روح التفاؤل والعطاء. أما رسالتي الأخرى، فأوجهها للمجتمع، فمن العيب والمخجل أن نغفل عن فن عربي إسلامي، كتب به القرآن الكريم حتى وصلت إلى درجة الإهمال واللامبالاة به. وأدعو أن ينال الخط العربي أهمية كبيرة، بأن يدرّس في المدارس ولاسيما في المراحل الابتدائية، وأن تقوم الجهات المعنية والمسؤولة بمتابعة هذا الأمر في المدارس، بتدريب الأساتذة والمعلمين وإعطائهم دروس مجانية بفن الخط العربي، وأنا إذا ما دعيت لهذه المهمة التدريبية، فللن أتردد في ذلك أبداً”.
الجدير ذكره، أن الخطاط؛ حسين محمد الحسن العلي من مواليد مدينة منبج قرية الياسطي عام 1975م، حصل من معهد المأمون الدولي بدمشق على إجازة في الكهرباء، كما ودعي من قبل وزارة الثقافة اللبنانية أثناء تواجده هناك إلى إقامة معرض للفنون الجميلة في مدينة طرابلس، كما وله عدة مشاركات محلية، كان أخرها صناعة لوحة للمجمع التربوي في مدينة منبج تعبر عن محو الأمية.