سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

حرب المياه مُستمرة … بعد الحسكة الاحتلال التركي يقطع المياه عن قامشلو وريفها

قامشلو/ دعاء يوسف ـ

قطع الاحتلال التركي المياه عن مدينة قامشلو وقراها، بعد أنّ تسبب في تعطيش حوالي مليون ونصف مليون شخص من سكان الحسكة وريفها لأعوام، مما ينذر بكارثة إنسانية كبيرة سببها حرب المياه المُستمرة، فما الحلول البديلة التي تعمل عليها الإدارة الذاتية الديمقراطية لإيقاف استخدام المياه كسلاح حرب.
في الوقت الذي كانت تعاني مدينة الحسكة وضواحيها من شح في المياه، لتعلن في تموز العام الماضي كمنطقة منكوبة، نظراً لعدم وجود مصادر مائية بديلة عن محطة مياه علوك، التي تتحكم بها مرتزقة الاحتلال التركي في مدينة سري كانيه المحتلة، بدأت دولة الاحتلال التركي بتوسيع حرب المياه لتصل إلى العديد من مناطق مقاطعة الجزيرة، فبعد القصف التركي الأخير الذي تركز على البنى التحتية، بما في ذلك محطات المياه والكهرباء، توقف توريد المياه في المحطات والآبار، واحتمال تأخر الوارد من المياه في قامشلو ومعظم مناطق مقاطعة الجزيرة، نظراً لخروج مُعظم منشآت الطّاقة الكهربائية والغازية عن الخدمة.
قامشلو بلا ماء 
وبهذا الصدد تحدثت لصحيفتنا “روناهي” الرئيس المشترك لدائرة المياه في قامشلو “واصل أسعد”، والذي حدثنا عن خروج محطات المياه في قامشلو عن الخدمة كونها كانت تتغذى عن طريق الكهرباء، حيث أن مدينة قامشلو تضم ثلاث محطات مياه، وأكبرها محطة الهلالية التي كانت تغذي 70% من المدينة، وتحوي 51 بئر، بالإضافة إلى محطة العويجة وتحوي سبعة آبار، ومحطة جقجق وتحوي خمسة آبار.
فيما نوه أسعد أن قامشلو كانت تتغذى أيضاً من نهر سفان، إذ يصل إلى المحطات ضخ مياه بقطر 800 أنش، ومع تدمير منشأة السويدية انقطعت مياه من سد سفان، حيث يغذي السد 25% من حاجة سكان المدينة.
وعن الحلول البديلة التي تسعى إليها دائرة المياه لتزويد المنطقة بالمياه، بيّن أسعد: “يتم تشغيل المولدات لتعويض انقطاع الكهرباء عن آبار المياه في قامشلو بعد خروج محطات الكهرباء عن الخدمة نتيجة القصف التركي، إلا أن المولدات غير قادرة على تشغيل المحطات على مدار 24 ساعة ونشغل قرابة العشر ساعات، كونها ذات تكلفة كبيرة حيث يصل استهلاك المولدات إلى22 ألف لتر مازوت في اليوم”.
وأوضح أسعد إنه سيتم تشغيل 25 بئراً من أصل 51 في محطة الهلالية، فيما بقي التقسيم اليومي ذاته إذ ستضخ المياه للقسم الشرقي والغربي من المدينة بالتناوب ولفت إلى: “إلا أن الضخ قليل فقد لا يصل لجميع المنازل، ومن كان يعاني من انقطاع المياه في فصل الصيف لن تصله المياه”، وكحلول داعمة تقوم دائرة المياه بتوزيع المياه عبر ثلاث صهاريج للمناطق التي لا تصلها المياه.
ودعا الرئيس المشترك لدائرة المياه في قامشلو “واصل أسعد” في ختام حديثه سكان مدينة قامشلو والجزيرة عموماً إلى ترشيد استهلاك المياه، في ظل استمرار الهجمات التركية.
استخدام المياه كسلاح حرب 
وقبلها، قطعت تركيا مياه محطة علوك الموجودة في سري كانيه، منذ احتلالها عام 2019، عن سكان الحسكة وريفها وتل تمر، ووصل عدد مرات القطع المتواصل إلى ما يزيد عن 16 مرة خلال الأشهر الأخيرة، إذ تراوحت مدة قطع المياه بين أسبوعين وعدة أسابيع، وفق وكالات إعلام محلية.  تسبب ذلك بكارثة إنسانية، إذ أنه مع تفاقم المُشكلة تفاقمت معاناة السّكان، وباتوا مضطرين لشراء المياه بصهاريج وبتكلفة لا تتناسب مع الدّخل المعيشي لهم، ويزداد الوضع سوءاً في فصل الصّيف مع ارتفاع درجات الحرارة.
كما وتعمدت تركيا خفض منسوب مياه نهر الفرات الواردة إلى سوريا والعراق؛ مما أدى إلى جفاف نهر الخابور وروافده، الأمر الذي انعكس سلباً على الواقع الزّراعي والخدمي، كون معظم مناطق إقليم شمال وشرق سوريا زراعية، فضلاً عن أن تراجع منسوب الفرات، أدى لانقطاع الكهرباء عن ملايين السّكان. حيث يستخدم الاحتلال التركي مياه نهر الفرات، الذي ينبع من أراضيها، ويمر في سوريا مسافة 600 كيلومتراً قبل دخول العراق، كورقة ضغط سياسية، فقد عد الاحتلال التركي ملف المياه كسلاح في حربه ضد أهالي المنطقة.
وطالبت الأمم المتحدة في تموز عام 2021 “استئناف خدمات المياه والكهرباء وحماية وصول المدنيين للمياه والصرف الصحي”، وحثت “جميع الأطراف وبشكلٍ فوري على توفير ممر آمن لوصول طواقم العاملين التقنيين الإنسانيين بشكلٍ منتظم ودون عوائق حتى يتم تشغيل محطة مياه علوك دون انقطاعات إضافية”.
مع استمرار أزمة المياه في مدينة الحسكة، أقامت الإدارة الذاتية الديمقراطية، في أوائل شهر آب العام الماضي، مشروعاً لاستجرار مياه الشرب من منطقة جنوب عامودا إلى مناطق الحسكة وتل تمر والقرى المحيطة، وهو المشروع الأول من نوعه، ويعتبر من المشاريع المهمة والريادية في قطاع المياه لما له من أبعاد إنسانية واقتصادية واجتماعية، ويهدف إلى، “تأمين مياه الشرب لأكثر من مليون نسمة في الحسكة والقرى الموجودة على طول خط الاستجرار”.
ومع استمرار التّعديات للاحتلال التركي، لا تعد حرب الماء جديدة على سكان إقليم شمال وشرق سوريا، وسورياً عموماً، ولكنها تزيد من احتمالية حدوث كوارث عدة مما ينذر بكارثة إنسانية كبيرة سببها حرب المياه المُستمرة، الأمر الذي يتنافى مع ما قدمته لجنة الأمم المُتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والثقافية في تعليقها العام رقم 15، حول إرشادات الدّول باحترام الحق في الماء وحمايته.