عثر في موقع جعدة المغارة على لوحة مرسومة بشكل مباشر على الجدران الطينية، ما يجعلها من أقدم اللوحات في العالم، إذ وجدت ضمن بيت دائري مبني من الحجارة والطين، تحفه بروزات نحو الداخل بطول مترين وارتفاع خمسة أمتار وعرض متر واحد، وتوضع فيه القطع الأثرية المهمة. هذا الاكتشاف لشكل البيت هو الأول من نوعه في المنطقة وبالتالي فهو يثري في الفترة التي شهدت العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار( النيوليتك). بينت الدراسات في العصر الحجري أن الإنسان كان يعيش حياة المشاعية متنقلاً بين الصيد والقنص وجمع والتقاط الثمار. وظل الأمر هكذا عدة آلاف من السنين، ليستقر لاحقاً بالقرب من مصادر المياه، ليأتي الصيد إليه لا أن يذهب هو إليه, حيث كانت الحيوانات تأتي لتشرب من ضفاف الفرات، إذ تمكن من صناعة الفخاخ والشراك لها، ليقنصها ويصطادها ويأكلها، ووجدت في الموقع كمية من عظام الحيوانات يصل ارتفاعها أكثر من متر، من مختلف الأنواع، وبالأخص الجاموس المحلي وعجوله لكنه انقرض الآن حيث كان يتميّز بضخامته فيصل ارتفاعه عند الكتف 180سم والتباعد بين رأسي قرنيه 2 م، واللافت بالأمر أن هذا الحيوان قد لاقى تقديساً فيما بعد، وهذه المجموعة البشرية الأولى لم تأكل السمك نهائياً. ولم يعتمد الإنسان في تلك الفترة بغذائه على اللحوم، وإنما كان يسهل عليهم الذهاب شرقاً نحو السهول المجاورة، ليلتقطوا حبوب القمح البري، ويحضّروها ويطحنوها ويصنعوا منها نوعاً من الخبز خاصة ما يثبت ذلك وجود طواحين حجرية بدائية وبعض أنواع الحبوب الأخرى المحروقة. ومن العادي والتلقائي أن تنبت البذور التي تسقط منهم، ومع التكرار ربما كانت هناك البدايات لاكتشاف الزراعة، كذلك عندما تركوا صغار الحيوانات لتسمن وتكبر عرفوا تربيتها وتدجين الحيوانات. كما وعثر على أجزاء من اللبن عليها رسومات فنية على أرضية البيت وأدوات مصنوعة من عظام الحيوانات والصوان، وكذلك تمثال لرجل في وضعية الوقوف طوله أقل من خمسة سنتيمترات. وأيضاً تمثال لامرأة نصفي مصنوع من الحجارة البيضاء بطول أقل من خمسة سنتيمترات وهو بوضعية تعبد ويشبه الإلهة الأم أو ربة الخصب عشتار، ويعتقد البعض أن ذلك يمثل بداية ما يعرف بـالإلهة عشتار ربة الخصب والعطاء والجمال، والتمثالان مصنوعان من الطين والكلس والصلصال، حيث جريت مقارنتهما بتماثيل مشابهة لها وجدت في رها بشمال كردستان.
القادم بوست