جسر الرشيد الاستراتيجي في الرقة.. بين العودة والدمار

الرقة/ حسين علي –

تأهيل جسر الرشيد في الرقة مشروع ضخم يهدف إلى إعادة بناء وتحسين هذا الجسر الحيوي والاستراتيجي وفق خطة هندسية مدروسة، ويعتبر واحداً من أهم الجسور التي تربط بين الضفتين الجنوبية والشمالية لنهر الفرات بطول 530 م، وهو الرابط الرئيسي بين الرقة والمناطق المجاورة.

تضرر جسر الرشيد بشدة خلال النزاعات العنيفة التي شهدتها المنطقة في السنوات الماضية وخصوصاً إبّان سيطرة مرتزقة داعش على مدينة الرقة، وكانت الأضرار واضحة وملحوظة في البنية التكوينية للجسر، وتضررت البنية التحتية للجسر والأجزاء الأساسية له، حيث تعرّض لأضرار جسيمة في الأرصفة والأعمدة والمساند.

بشكلٍ عام، أصبح جسر الرشيد غير صالح للاستخدام بشكلٍ نهائي، إلى أن بدأت هيئة الإدارة المحلية والبلديات لشمال وشرق سوريا، بالإشراف الكامل عبر فريق استشاري ومهندسين مختصين وتم البدء في مشروع تأهيل جسر الرشيد بهدف إعادة بناء جسر جديد يتمتع بالمواصفات العالمية ويتوافق مع المعايير الهندسية الحديثة.

وتشمل عمليات التأهيل إزالة الأجزاء التالفة والبنية القديمة للجسر وبناء أجزاء جديدة بأحدث التقنيات والمواد المتطورة، فللجسر 15 ركيزة و14 فتحة موزعة على امتداده، لكن نتيجة الحرب التي كانت دائرة دُمّرت خمس ركائز وست فتحات تدميراً كلياً، وبهذا الخصوص بيّن لصحيفتنا “روناهي” مدير موقع جسر الرشيد “وضاح المهباش” والذي أشار في بداية حديثه إلى: “نقوم باستكمال ترميم وبناء الأجزاء المدمّرة في بنية الجسر، حيث باشرنا بتنفيذ المشروع منذ أواخر عام 2022 وانتهينا من بناء ثلاثة ركائز ونعمل على الاثنين المتبقيتان، وكما أنجزنا ثلاث فتحات والعمل جارٍ على إنهاء الفتحات الثلاثة المدمّرة الأخيرة”.

العوائق التي تعرّض لها مشروع ترميم جسر الرشيد

نتيجة التخريب والدمار في بنية الجسر، كان هناك مخلّفات وقنابل خصوصاً في بعض الأجزاء الجنوبية، لذا من خلال الخطة المدروسة التي اتبعتها هيئة الإدارة المحلية والبلديات، دفعها ذلك إلى وضع حلول تتناسب مع الخطة المدروسة، وفي هذا أوضح المهباش قائلاً: “قمنا بتحويل مجرى نهر الفرات ليتسنى لنا التمكّن من إزالة الألغام الموجودة في القسم الجنوبي من الجسر، كما تم استهلاك ردميات بما يُقارب 130000 متر مكعب من المواد الصخرية والترابية”.

الطاقة الاستيعابية والأهمية لجسر الرشيد

ويعدُّ تأهيل جسر الرشيد ليس مجرد تحسين بنية تحتية، بل يُسهم أيضاً في إعادة الحياة إلى المدينة وتعزيز حركة التجارة والاقتصاد المحلي. إن إعادة فتح الجسر سيُعزز التواصل بين الضفتين الشرقية والغربية لنهر الفرات، ويُسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين المناطق المختلفة، وتوجد ضوابط للحمولة على ألا تتجاوز حمولة السيارة 120 طن.

وعلى الرغم من تحديات تأهيل جسر الرشيد، إلا أن هذا المشروع يمثّل خطوة هامة في إعادة إعمار المدينة وتعزيز التنمية المستدامة في المنطقة. وإن جهود إعادة بناء الجسر وتأهيله ستعمل على تحسين البنية التحتية للمنطقة، وتوفير فرص عمل للسكان المحليين، مما يعزز التنمية الاقتصادية ويُعيد الثقة والأمل للمجتمع المحلي. واختتم مدير موقع جسر الرشيد “وضاح المهباش” حديثه: “سيتم الانتهاء من الأعمال في مشروع جسر الرشيد أو جسر الرقة الجديد في غضون أشهر قليلة وعلاوةً على ذلك، يعد تأهيل جسر الرشيد خطوة هامة في إعادة بناء البنية التحتية في المدينة بشكلٍ عام. فهو يعكس التزام هيئة الإدارة المحلية والبلديات في الإدارة الذاتية والجهات المعنية بإعادة بناء المنطقة وتطويرها بعد سنوات من النزاعات والتدمير”.

ويمثّل هذا المشروع رمزاً للتعافي والنهضة، ويعكس إرادة السكان المحليين في بناء مستقبل أفضل لهم وللأجيال القادمة، وتأهيل جسر الرشيد في الرقة هو مشروع ضخم، يهدف إلى إعادة بناء وتحسين جسر حيوي واستراتيجي في المدينة. وسيُسهم هذا المشروع في تعزيز البنية التحتية والتنمية الاقتصادية، وتعزيز الروابط بين المناطق المجاورة، وإن إكمال هذا المشروع سيكون خطوة هامة نحو إعادة الحياة والازدهار إلى مدينة الرقة، ومناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا قاطبةً.