سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

ثورة المرأة… ـ3ـ

ريحان لوقو_

خلال ثورة التاسع عشر من تموز، أبدت النساء دورهن في التنظيم والحماية على مختلف الأصعدة، التي تعلمنها من فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان، وتركت طابعها الخاص لديهنَّ.
الكومونات، والمجالس والأكاديميات والتعاونيات، هي الساحات الأساسية للتنظيم المجتمعي لمؤتمر ستار. يتم تأسيس اللجان ضمن الكومونات والمجالس، لتنظيم مجالات الحياة الاجتماعية، ولكل لجنة نظام داخلي، تؤدي عملها وفقه.
1-الكومونات: هي شكل التنظيم القاعدي الأساسي للديمقراطية المباشرة، وهيئة صنع القرار، ضمن وحدات عمل ونشاط القرى والأحياء في المجتمع الأخلاقي والسياسي، فكل عضوة في مؤتمر ستار تأخذ مكانها، وتمثل نفسها في كومونة واحدة على الأقل، وجميع أعضاء المؤسسات والمنظمات هم أعضاء الكومونات في المناطق، التي يتواجدون فيها، حيث تنتظم العضوات بناءً على قواها الذاتية وفق منظور إيجاد الحلول للمشاكل السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والدفاع المشروع في مجالات الحياة الاجتماعية.
2-المجالس: تنشئ مجالسها الخاصة في المدن، والنواحي، والمقاطعات، وتعمل بالتنسيق مع النساء في المجالس العامة، وتجري تدريباتها حسب الحاجة، وتشارك المرأة كقوة اجتماعية في السياسات العامة عن طريق المجالس، وتشكل لجانها ضمن الحاجة وفق أبعاد الأمة الديمقراطية، ويتجه نحو تشكيل اللجان، كما تجري الانتخابات في المجالس على الأسس والمبادئ الديمقراطية.
3-الأكاديميات: هي الشكل المؤسساتي الأساسي لثورة المرأة، وتنويرها، تنظم وتسير أنشطتها وفعالياتها بهدف التعريف بنمط الحياة المعاشة من النواحي الأيديولوجية، والسياسية، والتاريخية، والفلسفية، والاجتماعية، والثقافية، والعلمية، واكتساب وعي المرأة الحرة والمجتمع الديمقراطي، لذلك تقوم على تطوير وإغناء الذهنية الحرة والعلم الحر في المواضيع المتعلقة بالمرأة والمجتمع، وإعداد برامج تعليمية غنية المحتوى، إلى جانب تطوير طرق وأساليب التعليم، والتدريب التشاركي، والبحثي، والاستقصائي، كما يتم تنظيم الأكاديميات في إطار النشاط العام وفق حاجة اللجان.
كما ويوجد في شمال وشرق سوريا، العديد من الأكاديميات الخاصة بالمرأة، والتي تقوم بتدريب وتوعية النساء من الشعوب كافة ضمن كافة الأعمار والمستويات دون تمييز، إلى جانب وجود أكاديميات تقوم بتدريب النساء على الاختصاصات المتنوعة منها (العلوم الاجتماعية، قضايا التحرر الجنسوي، تاريخ المرأة وغيرها)، حيث يعتمد المنهاج ضمن هذه الأكاديميات على زيادة مستوى الوعي، والإدراك لدى المرأة من خلال الدروس، التي يتم اعطاؤها مثل (الجنولوجيا، تاريخ المرأة، أهمية التدريب، الإيكولوجية، الدفاع المشروع، التحرر الجنسوي وغيرها)، كما وتناضل هذه الأكاديميات في سبيل الإيصال بالرجل أيضاً إلى مستوى التحرر من الذهنية الذكورية، من خلال فتح دورات تغيير ذهنية ذكورية الخاصة بالرجال، وذلك في إطار الارتقاء بالعائلة، والمجتمع إلى مستوى ديمقراطي إيكولوجي حر على أساس تحرر الجنسين (المرأة والرجل) .

زراعة بذور التعايش المشترك
4ـ لجنة الاقتصاد و التعاونيات: هي ساحة الإنتاج، التي طورتها الثورة المجتمعية النسائية، من خلال تنظيم الكدح الفردي والجماعي، إنها ليست وحدة اقتصادية، فحسب بل هي ساحة غنية بالثقافة المجتمعية الديمقراطية، وتُزرع فيها بذور التعايش المشترك، وهي تنمي الانتماء والغنى الاجتماعي على أساس الاقتصاد المجتمعي والأيكولوجي ضد الرأسمالية الاحتكارية والصناعوية، وتطور المشاريع التي تحل مشاكل المرأة الاقتصادية، كما تهدف إلى تفعيل دور المرأة في الإنتاج للتغلب على بطالة المرأة، وتطوير مفهوم العدالة والمساواة في المجال الاقتصادي، وإنشاء ساحة تنظيمية لكدح المرأة المتغاض عنه، وتطور التعاونيات ومجالات الحياة الجماعية حولها بمراعاة أخلاقيات ومعايير العمل في جميع الميادين الاقتصادية.
حيث قامت لجان الاقتصاد إلى اليوم في شمال وشرق سوريا، بإدارة وإنشاء العديد من المشاريع والتعاونيات الهادفة إلى الوصول للمعنى الحقيقي للاقتصاد الكومونالي والمجتمعي عبر مشاركة النساء والمجتمع فيها، وذلك بتنويع المجالات فمنها (الزراعية، والتجارية، والصناعية، والحيوانية، والحرف اليدوية غيرها)؛ ما فتح المجال أمام انضمام المئات من النساء إليها، والتخلص من البطالة.
قرية “جن وار” أهم مكتسبات ثورة المرأة
من أحد وأهم مكتسبات ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا، هي قرية “جن وار” أي موطن المرأة، عملت النساء من الشعوب على مشروع القرية، ووضعن الحجر الأساس لها في عام 2017، ليتم الإعلان عن افتتاحها رسمياً في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، والذي يصادف 25 تشرين الثاني عام 2018.
تعدُّ هذه القرية، تجربة فريدة من نوعها في سوريا والشرق الأوسط، ترحب هذه القرية بجميع النساء من كافة الشعوب والبلدان، وتعيش نساء القرية حياة تعاونية ومنظمة ويسعين للاكتفاء الذاتي من خلال مشاريعهن الزراعية والاقتصادية، تطور المرأة من فكرها، وثقافتها، وتسعى للتعرف على حقيقتها، وتاريخها من خلال الدورات التدريبية التي تُعطى بشكل منظم داخل أكاديمية القرية، ويعتبرن التدريب أحد أهم الأسباب للحفاظ على مكتسبات ثورتهن والسير بها نحو النجاح. تشتهر القرية بمنازلها الطينية القديمة، والتي تعطي منظراً خلاباً للقرية.
5-اللجنة الاجتماعية: الغرض الرئيسي من هذه اللجنة، هو تطوير الوعي الاجتماعي في المجتمع، وتطور الخطط والمشاريع لحماية وتنمية حقوق الإنسان والسلام والرياضة والمعتقدات والصحة ورعاية الأطفال وكبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة وعوائل الشهداء والجرحى وضحايا الحرب والهجرة واللجوء، وتبني المنظمات والمؤسسات حسب الحاجة.
تنمي الأنشطة والفعاليات التدريبية والتنظيمية، وتناضل لأجل زيادة الوعي بالأمة الديمقراطية لدى المرأة والمجتمع، وتقوم بأعمال وفعاليات ذات أبعاد متعددة لأجل تحقيق التحول الديمقراطي في العائلة، وتقوم بالتقييمات والتحليلات اللازمة لمشاكل المرأة والأطفال، الشبيبة، البطالة، عمالة الأطفال، استغلال الطفولة والهجرة، وتحدد موقفها على أساس إيجاد خلق الحلول لهذه المشاكل والقضايا.
6 ـ لجنة العلاقات الدبلوماسية والسياسة الديمقراطية: مسؤولة عن تطوير وتنظيم العمل الدبلوماسي للمرأة، ومكلفة بتطوير وتعزيز السياسة الديمقراطية لها على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، لذلك فهي مسؤولة عن تطوير استراتيجيات وتكتيكات سياسية قوية وفعالة، وتعمل على تطوير النقاش والعمل والتضامن والاتفاق المشترك مع المنظمات النسائية في الأحزاب السياسية، وتنمية وعي المرأة في الإدارة الذاتية الديمقراطية في مواجهة النظام الذكوري المهيمن، وترسيخ نظام الرئاسة المشتركة في المؤسسات والمنظمات السياسية الديمقراطية، وتقوم بتأسيس شبكات تضامن مع النساء على الساحتين الوطنية والدولية، وكذلك تقوم على تنظيم الهويات والثقافات والمعتقدات المختلفة، وتطور المؤسسات، التي تراها مناسبة وخاصة الأكاديميات السياسية والدبلوماسية.
تعزيز المقاومة الاجتماعية
7 ـ لجنة الحماية الجوهرية: تؤسس نفسها على مبدأ الدفاع الذاتي والمشروع ضد أنواع العنف الممارس بحق النساء والأطفال، والذي يتعرضان لها من قبل الذهنية الذكورية السلطوية والدولة، ولتحقيق ذلك تعزز المقاومة الاجتماعية، وذلك في إطار تحقيق حرب الشعب الثورية، ضد كافة الهجمات الاحتلالية والإرهابية التي تطال المجتمع والمرأة، عبر ممارسة تطبيقات الحرب الخاصة عليها، كما تقوم بتعزيز وترسيخ وعي الدفاع الذاتي لدى المرأة وتنظمها، بأقسامها التالية (وحدات حماية المرأة YPJ)، التي سطرت ملاحم تاريخية بسواعد فتيات شمال وشرق سوريا، وأصبحت أيقونات للفداء من أجل حماية المرأة والمجتمع، ففي العديد من الجبهات، التي دارت في مناطقنا لعبت المرأة الدور الهام والفعال في تحقيق السلام والقضاء على الإرهاب، أمثال “آرين ميركان” الفتاة الكردية المقاتلة، التي قامت بعملية فدائية كأيقونة لتحرير المدينة، كانت مقاومة كوباني على وشك الفشل حيث أن المعارك اشتدت وسط صمت دولي مطبق وكان اقتراب مرتزقة داعش من السيطرة على تلة مشته نور، التي تشرف بشكل كامل على أحياء كوباني كفيلا بسقوط المدينة، تنبهت آرين ميركان لخطورة الموقف وقررت عمل شيء لإنقاذ المدينة ورفاقها.
8- لجنة الحقوق والعدالة: تم تأسيس دار المرأة في 20 آذار من عام 2011، من النساء اللواتي استطعن إيجاد الحلول للقضايا، التي تعاني منها النساء، وذلك بهدف تعزيز المساواة الاجتماعية، فمن أعمالها الأساسية النضال من أجل حل القضايا المجتمعية ضمن العوائل والوصول بها إلى عوائل ديمقراطية.
9- لجنة الثقافة والفن: الهلال الذهبي: تناضل ضد الإبادات الثقافية، وتقوم بأنشطة وأعمال متعددة لحماية الثقافات المعرضة للإبادة، وذلك من خلال الحفاظ عليها وإحيائها من جديد، كما تقوم بالأنشطة التي تساهم في إحياء وحماية وتطوير الثقافة واللغة والفن لدى الشعب الكردي وجميع الشعوب التي تعيش في سوريا، وتُسَيّر الفعاليات التي تركز على حرية التحدث باللغة الأم للشعوب وعلى تعليمها وآدابها، وتنشئ المنظمات والمؤسسات الثقافية والفنية الهادفة لتوعية المرأة في المجال الأخلاقي والجمالي، وتضمن مجتمعية ثورة المرأة من الناحية الثقافية، وتعمل على تطوير سلوكيات وأنماط جديدة وفق المبادئ الأخلاقية والجمالية وتطور المشاريع، في مجال اللغة والأدب من خلال تعزيز منظور حرية المرأة، فإن تطوير العمل في هذا المجال أمر أساسي.
10- لجنة الإعلام: تنظم نفسها كأداة تنظيمية أساسية للتحول الاجتماعي الديمقراطي في عصرنا، وتقوم على تعزيز ونشر القيم المجتمعية الديمقراطية للمرأة، ونقل التقدم اليومي لنضال حرية المرأة ومقاومتها وتطورها الثوري إلى النساء والمجتمع بأساليب جذابة ومفهومة ومؤثرة، وتناضل في مجال الإعلام النسائي ضد كافة أشكال الحرب الخاصة والنفسية، وتعمل لأجل تطوير إعلام نسائي بديل، وتتضامن مع المؤسسات الإعلامية النسائية للقيام بأنشطة وأعمال مشتركة، وهي مسؤولة عن تغطية أعمال وأنشطة مؤتمر ستار ونقلها بالشكل الصحيح، والتعريف بثورة المرأة، وكسب الدعم المجتمعي وتنوير المرأة على هذا الأساس، وتناضل ضد المفاهيم والتصورات المتحيزة جنسياً ضد المرأة التي تظهر في مجال الإعلام والنشر، وتُمَكِّن المنظور البديل القائم على النموذج الديمقراطي الأيكولوجي والتحرري النسوي، كما تنظم وحدة الأرشيف كذاكرة للأعمال التنظيمية.
11- لجنة الصحة: مسؤولة عن تنظيم وتعزيز العمل الصحي للمرأة، وتناضل ضد سياسات القوى الرأسمالية العالمية التي تحتكر الرعاية الصحية وتجعلها قطاعاً للربح، وتتناول قضية الصحة بشكل مرتبط بمجالات الحياة الأخرى، من الناحية الجسدية والنفسية والروحية والسياسية والاجتماعية على عكس التشوهات التي أحدثتها الحداثة الرأسمالية والتي تتناول موضوع الصحة فقط في إطار “الحالة الجسدية الجيدة للشخص”، كما إنها تناضل ضد المقاربات الوضعية التي تفصل مجال الصحة عن بعضها تحت اسم “الاختصاص”، وتعمل بشكل فعال ضد أشكال التمييز الجنسوي في جميع الأنشطة المتعلقة بقطاع الصحة، كما أنها بدلاً من ذلك لا تقتصر على معالجة الأمراض ومداواتها فقط، بل تعمل أيضاً على تثبيت السياسات الصحية الهادفة إلى مكافحة أصل هذه الأمراض، وتجفيف جذورها، ففي ظل ظروف يومنا الراهن، تتم إعاقة الحصول على حق الرعاية الصحية بشكل متساوٍ، حيث تعدُّ المساواة في الوصول الشامل إلى الخدمات الصحية كأساس للعمل الصحي لأمة ديمقراطية، وتحقيقاً لهذه الغاية، تهدف إلى تنفيذ وتطوير وتنمية منظمة نسائية في جميع الوحدات الصحية في المقاطعات والمدن والبلدات والقرى من أجل جعل سياساتها حيوية.
12- لجنة البيئة: تم تأسيس اللجنة وذلك من أجل تحقيق الريادة النسائية في إعادة إنعاش القيم البيئية الصحيحة التي من شأنها حماية التوازن البيئي وإصلاح الخلل الذي أحدث فيه، نتيجة الذهنيات والتقربات الاستغلالية الرأسمالية والسلطوية حيال المرأة والمجتمع، حيث تناضل من أجل الارتقاء بالواقع البيئي وذلك بعقل النساء وقوتهن التنظيمية، وبالتالي النضال لتحقيق الثورة الإيكولوجية ضد الثورة الصناعوية التي تسببت في الأزمة البيئية.