سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

تيمناً بالمقاتل هارون ورداً للخيانة.. أم تسمي وليدها اسم “هارون”

قامشلو/ دعاء يوسف ـ

“عندما يولد الكُرد من رماد أرواحهم المناضلة”، تجسدت أسماءهم بأجساد جديدة، مُكملين الطريق الذي سلكه رفاق دربهم “مظلوم دوغان وساكينة جانسيز”، وغيرهم الكثيرين، وبالرغم من أن الكثير من الكرد في السجون التركيّة مصيرهم مجهول، تبقى أسماءهم حاضرة تُلاحق أطياف الحرية، ليتجسّد حب المقاتل “هارون أليان” للوطن بروح طفل جديد.
المقاتل هارون أليان تعرّض لخيانة أبناء جلدته، بعد لجوئه إلى إحدى القرى التابعة لناحية شرناخ، فجعلوا الدم ماء، وأصبحوا يداً للخيانة والعمالة، ففضلوا الغدر، وملأوا آذانهم بالهراء، فرحين بما قاموا به وهم السفهاء، فقد طُعن هارون بخنجر أخيه عندما سلمه أبناء شعبه إلى السلطات التركيّة المحتلة.
روح الحرّية
لاقت هذه الحادثة سخطاً شعبياً، وقابلتها فاطمة العلي بدموع بقيت حبيسة الجفون، إلا أنها رأت في عيون مولودها الجديد “هارون” لا اسم تتغنى به، بل روحاً حرة بريئة ستحب الوطن، داعبت وجه الصغير بأناملها وكأنها تواسي نفسها على تلك الخيانة، وأن هارون باقي كرفاق دربه الذين مازالوا يسهرون في حماية الوطن رغم ما يتعرضون له.
عندما استذكرت فاطمة الفيديو الذي نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، في لحظات اعتقال هارون، اعتصر قلبها ألماً، فعبرت دموعها قبل كلماتها: “كيف لأمه أن تتحمّل ما جرى مع هارون، فالأولاد قطعة من أرواحنا، لا يمكننا التخلي عنهم، فما أبشع أن يُزفَ إليك جثمان ولدك، وما أقسى أن ترى ولدك يُطعن بيد أخيه، ويسلمه لعدوه على طبق من فضة دون عناء”.
اعتقلت الدولة التركية المحتلة على مرّ   تاريخها المئات من المقاومين الكرد، وهذه دلالة على أن أبناء الشعب الكردي مازالوا يقاومون، ويقفون في وجه عدو ليس بجديد، بل ما تسبب بألمهم وتلك اليد التي سلمت هارون كانت يد كردية، وعلقت فاطمة: “تلك اليد يجب أن تُقطع، وهذا الظفر يجب أن يُخلع، فبقلب أم هارون، وأم كل شهيد، ومعتقل في السجون، يجب أن تنال العدالة مجراها، فقبل أن يُسلموا هارون، سلموا الوطن، وضعوا حقوق وحرية كل كردي في قبور الخيانة والغدر”.

فداء للوطن
ذلك الفيديو المتداول لـ “هارون أليان”، اخترق روح فاطمة، ليولد طفل يحمل اسم هارون، وحب هارون للوطن، فعائلة فاطمة لا ترى أن الاحتلال التركي سيكسر من عزيمة الكرد، فالشهداء ساكينة جانسيز ومظلوم دوغان وغيرهم الكثير استشهدوا فداءً للقضية، لتولد أرواحهم بأجساد جديدة محملة بحبهم للحرية قبل أسماءهم، وعن تسمية مولودها على اسم هارون قالت فاطمة: “الكُرد لا يموتون ولا ينتهون، فمع كل محاولة للاحتلال التركي لمحو وجودنا وقتلنا كنا نولد من جديد بعزيمة أقوى وروح يهابها الموت وأردوغان أيضاً. وولدي هارون لن يعوض مكان المقاتل هارون إلا أنه سيحمل تلك الشعلة التي حملها هارون”.
لجأ المقاتل هارون إلى إحدى القرى الكردية التي ظن أنها ستكون عوناً له، ليُقابل بالغدر والخيانة، ومع كل هذا لم يصدق أنه يمكن لأبناء شعبه فعل ذلك، فبقي يبين الأسباب وأنه كردي منهم ومعهم لا ضدهم، ولكن هيهات فالضمير نام، ولم يستيقظ، لتتطرق فاطمة إلى الخيانة قائلةً: “بتنا لا نعرف العدو من الصديق، عدونا واحد لماذا لم يضع هؤلاء الخونة بعين الاعتبار أنه أحد أولادهم، فلماذا مكتوب لنا الخيانة والموت، إلا أننا أصحاب قضية حرة، وهم مازالوا يطيعون الظالم”.

كُلّنا هارون
وتابعت فاطمة حديثها، وهي تهز صغيرها، وتمسك يده بقوة، وكأنها تخاطبه: “هارون ليس أول معتقل، يُسلم للاحتلال التركي بيد الخونة، ولن يكون الأخير، فما دمنا نعيش بتلك الروح الوطنية، وذلك الحب الذي دفع هارون، ورفاق دربه لأن يتركوا منازلهم وراحتهم، ويعيشوا في الجبال يحاربون أعتى الدول لنعيش بسلام، فهناك الكثير ممن سيلحقون بهم”. كل أم ترى فلذة كبدها قطعة من روحها، جزء لا يمكن أن يفصل عن الأصل، وفاطمة كغيرها من الأمهات، إلا أنها تشعر بحرقة القلب عندما ترى في طفلها المقاتل هارون، كيف لأهله تحمّل تلك الخيانة: “لربما شاهدت والدته الفيديو آلاف المرات، ولربما لم تصدق ما جرى لولدها، فنحن لم نستطع أن نتحمل هذا الظلم الذي مر به هارون، ولو كان عدواً، والتجأ إلينا لحميناه، فكيف لدم واحد أن يصبح ماء، فالصبر لقلبها المحطم”.
واختتمت فاطمة العلي حديثها، بنبرة يملؤها العزم والقوة: “حق هارون لن يضيع، لن يفرح العدو بهذا الاعتقال، ولن نُكسر، فكلنا فداء للوطن، هارون لجأ إليهم وكله ثقة بأن الكُرد سيحمونه، ليُقابل بخنجر الخيانة، لم تُطوَ قصة هارون، وسننتقم من جميع الخونة، فكلنا هارون”.