تميهداً للاعتراف الدستوري… دبلوماسي رفيع في الإدارة يربطه بالحوار الداخلي

تقرير/ محمد محمود-

روناهي/ قامشلو ـ ربط مسؤول دبلوماسي رفيع في الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا موضوع الاعتراف الدولي بالإدارة الذاتية بمدى قدرة السوريين على حل خلافاتهم الداخلية، إلا أن النشاط الدبلوماسي الحالي يشهد انفراجاً وهو الذي يزيد من فرص الاعتراف بالإدارة الذاتية قريباً.  

إن الحراك السياسي الذي تشهده مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا غير مسبوق خصوصاً خلال الفترة الماضية والتي تمثلت في زيارة الوفود الرسمية لعدة دول إلى المنطقة، ولقائهم مع شخصيات سياسية وعسكرية في الإدارة الذاتية وتقديم وعودٍ عدة للتعاون في مجالات سياسية وخدمية وتنموية.

أثارت هذه الزيارات الكثير من التساؤلات لدى المجتعمين المحلي والسوري، ولعل السؤال الأبرز هو هل حان الوقت للاعتراف بالإدارة في مناطق شمال وشرق سوريا؟ وإن حدث ذلك فماذا سيكون موقف الحكومة السورية ومصير المناطق السورية المحتلة من قبل تركيا؟

بوادر اعتراف

خلال الشهرين الماضيين زار عدد من وفود وزارات خارجية بعض الدول الأوروبية المهمة مثل السويد وبلجيكا مناطق الإدارة الذاتية، إضافة لوفد أوزبكستان وآخر طاجسكتاني، ولقاءات دبلوماسية عدة جرت افتراضياً بين شخصيات من الإدارة الذاتية ومسؤولين غربيين، وفي هذا السياق أجرت صحيفتنا لقاء مع نائب رئيس دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية فنر الكعيط للاطلاع على ماهية المواضيع التي ناقشتها الإدارة الذاتية مع تلك الوفود ومخرجات اجتماعاتهم.

يرى الكعيط أن هذه الزيارات تُشير في الواقع لبوادر الاعتراف بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وتضامن كل الوفود مع الإدارة. لكنه؛ ربط مسألة الاعتراف بالإدارة الذاتية التي أثبتت نفسها منذ التأسيس بنجاح الحوار السوري السوري، وقال: “مسألة الاعتراف بالإدارة الذاتية شائكة جداً لأنها مرتبطة بالحوار السوري السوري وكذلك بالحوار مع الحكومة السورية، ونحن ضمن الإدارة الذاتية نعرف هذا جيداً وندرك مدى صعوبة الأمر”.

وأشار الكعيط إلى أنهم ومنذ اليوم الأول لتأسيس الإدارة كانت يدهم ممدودة للحوار السوري السوري وكذلك فتح قنوات مع حكومة دمشق, ويتم العمل اليوم على ضرورة مشاركة الإدارة الذاتية بشكل رسمي في اجتماعات اللجنة الدستورية السورية والتباحث في صيغة قانونية ترضي كل الأطراف السورية، وتابع “نحن نؤمن بسوريا موحدة تعددية لا مركزية وتجربتنا على أرض الواقع في شمال شرق سوريا تبرهن على ذلك، لذا فإن مسألة الاعتراف تحتاج أولاً للحوار السوري السوري, ثم يأتي الاعتراف الدولي والكل يعرف أن لدينا ممثليات في الكثير من الدول الأوروبية وزيارة الوفود لمناطقنا هو دليل واضح على الاعتراف بالإدارة لكن ليس بشكل رسمي وهو ما يبقي الحوار الداخلي الخطوة الأولى لأننا عندما نتحدث عن الاعتراف طبعاً يكون القصد الاعتراف القانوني والدستوري”.

تواصل دوري

جدول زيارات الوفود الرسمية الأجنبية وبالأخص دول الاتحاد الأوروبي وآسيا كانت مقررة قبل مدة طويلة إلا أن عودة انتشار جائحة كورونا في بعض الدول تسبب بإيقاف تلك الزيارات لفترة من الزمن، وتابع الكعيط بالقول “لكن رغم ذلك كنا على تواصل دائم عبر (الأون لاين) مع الجهات الدبلوماسية لبعض الدول المهمة”.

نقل صورة الواقع منعاً للتشويه

تُركز دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية جُل اهتمامها خلال لقاء الوفود الخارجية بحسب الكعيط على نقل الصورة الواقعية للإدارة الذاتية بسبب تعرض الإدارة للكثير من التشويه عبر وسائل الإعلام من الدول المجاورة ومن جهات داخلية أيضاً, “لذا نقوم بدورنا في دائرة العلاقات الخارجية بشرح جميع جوانب الإدارة السياسي منها والاقتصادية وموضوع المخيمات وبشكل عام جميع المعوقات التي تواجهنا في شمال وشرق سوريا ويكون العمل ضمن جداول لزيارة مؤسسات الإدارة، ونقوم بتسهيل المهمة والتواصل مع الجهات المعنية إن كانت خدمية أو صحية أو غيرها”.

    توضيح صورة الانتهاكات التركية

تعتبر هذه هي المرة الأولى التي تزور فيها الوفود الأجنبية القادمة لمناطق شمال وشرق سوريا مخيمات النزوح التي تأوي آلاف المُهجرين قسراً من المناطق التي قامت تركيا باحتلالها (سري كانية وكري سبي), وتركز دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة على تنظيم جداول زمنية لزيارة تلك المخيمات وجعلهم ينظرون للواقع المأساوي للأهالي، ويُبرز الكعيط أن زيارة الوفود إلى المخيمات ونقل واقع الشعب المهجر شيء جيد بالنسبة لهم، وتعتبر ورقة ضغط على تركيا للخروج من المناطق التي احتلتها. ويتابع “نقوم بتهيئة زيارة الوفود لمناطق المخيمات التي تؤوي المهجرين، سواء في مخيمات الشهباء أو مخيم واشو كاني, ليتم الاطلاع على أحوال الشعب عن كثب ويرون بأنفسهم ما يتعرض له الأهالي داخل الخيام من قسوة الظروف نتيجة الاحتلال التركي لمناطقهم”.

وتضم الوفود الدبلوماسية القادمة لشمال وشرق سوريا شخصيات سياسية وصحفيين ومسؤولين في وزارات دولهم، ويرجح نائب رئيس مكتب العلاقات أن يكون لهم دور فعال ويستطيعون الضغط على دولهم لإجبار تركيا للخروج من المناطق المحتلة، وأكد فنر كعيط بقوله “جعلهم يقومون بزيارة المخيمات هو شيء جيد كونها تشكل ورقة ضغط على الاحتلال التركي واجبارهم على الخروج من مناطق احتلتها سابقاً وبالطبع نحن الان نقطف ثمار بعض هذه الضغوطات”.

مصير المناطق المحتلة

ولم يخفِ فنر الكعيط وجود نقاشات حول موضوع المناطق المحتلة مثل عفرين وسري كانيه وتعرضهما للكوارث والتجاوزات والتغيير الديموغرافي على يد الاحتلال التركي مع الوفود الزائرة “طبعاً تم شرح أحوال المهجرين من كافة جوانبه الإنسانية وعرض ما يتعرض له أهالي تلك المناطق المحتلة في المخيمات أمام الوفود الزائرة”.

ولم تغفل الإدارة الذاتية الدور التركي الفاعل في السياسية الدولية والمصالح المتشابكة بينها وبين دول العالم، ويقول الكعيط أنهم على دراية أيضاً أن تركيا دولة قوية وهناك مصالح دولية متشابكة، وهو سبب صمت الغالبية تجاه ما تعمد إليه من انتهاكات، وتابع بالقول “لكن الأمور لن تبقَ كما كانت، وبات ذلك يتغير تدريجياً, بدأ الضغط على تركيا من دول الاتحاد الأوروبي، حتى من الولايات المتحدة الأمريكية من جانبها بدأت بالضغط عليها بسبب تجاوزاتها المستمرة  للقانون الدولي واحتلال الأراضي”.

وأنهى فنر حديثه بقوله “أتمنى أن يعم الأمن والسلام في عموم مناطق شمال وشرق سوريا وكافة الأراضي السورية وأن يكون هناك حوار سوري حقيقي لإنقاذ سوريا من الحرب الطاحنة المستمرة منذ قرابة عشر سنوات وأن تكون علاقتنا مع جميع دول الجوار علاقة سلام وعدم تدخل في شؤون الغير وأن تُحرّر كافة المناطق المحتلة بالإضافة لاستمرار تجربة الإدارة الذاتية والتي استطاعت أن تجمع كافة الطوائف والأعراق في صف واحد”.