سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

تلويحٌ أمريكيّ بقانونِ نوبك مقابل قرارِ أوبك

رامان آزاد_

أثار قرارُ مجموعةِ الدولِ المُصدّرةِ للنفط أوبك بلس حفيظةَ البيتِ الأبيضِ، إذ من شأنه أن يرفعَ الأسعار ويدرَّ بمكاسبَ ماليّةِ كبيرةٍ على موسكو، بما يتعارضُ مع الجهودِ الأمريكيّة والغربيّة للحدِّ من مصادرِ التمويلِ الروسيّة التي تواصل للشهر الثامن الحربَ في أوكرانيا، وبذلك يُضافُ ملفُ النفطِ إلى الغازِ، ليزيدَ من محنةِ دول الغربِ في مجال الطاقةِ، ما دعا المسؤولين في واشنطن للتشكيك في موقفِ السعوديةِ، والتلويحِ باستخدامِ قانون “نوبك” الأمريكيّ حياله.
خفضٌ كبيرٌ لإنتاج النفط
وافقت مجموعةُ البلدانِ المصدّرةِ للنفط أوبك بلس/ +OPEC   التي تضمُّ معظم مُصدّري النفطِ في العالمِ بما فيها روسيا، خلال اجتماعها في فيينا الأربعاء 5/10/2022، على تخفيضاتٍ حادةٍ في إنتاجِ النفط في تحدٍّ لإدارةِ الرئيس الأمريكيّ جو بايدن التي حذّرت من التخفيضاتِ التي قد تدفع أسعار النفطِ العالميّة للارتفاع، وهو أكبرُ خفضٍ بالإنتاج منذ تفشّي جائحةِ كورونا مطلع عام 2020.
وقررت مجموعة “أوبك بلس” خفضَ إنتاجها من النفطِ بنحو مليوني برميل يوميّاً بدءاً من تشرين الثاني 2022، مقارنةً بما كان مطلوباً للإنتاجِ في آب 2022، والذي جاء دون المستهدفِ بنحو 3.6 مليون برميل يوميّاً لتصعدَ أسعار النفطِ في السوقِ الدوليّةِ، وتصلَ إلى 93.3 دولارا للبرميلِ لخام برنت، ونحو 87.7 دولاراً للبرميلِ من الخام الأمريكيّ، ويمثلُ هذا الخفضُ نسبة 2% من حجمِ الإنتاجِ اليوميّ العالميّ من النفط.
قرارُ التخفيض جاء مناقضاً لما اتفقت عليه مجموعة الدول المنتجة للنفط “أوبك بلس” في بيانٍ بعد اجتماع خاطفٍ الخميس 2/6/2022، والاتفاقِ على تعديلِ إنتاج تموز من النفط بزيادة 648 ألف برميل يوميّاً، مقارنةً بـ 432 ألف برميل حددت في الأشهر السابقة، وبدا أنَّ إعلانَ الدولِ الأعضاء في الاتحادِ الأوروبيّ الاثنين 30/5/2022 فرضَ حظرٍ على الجزءِ الأكبرِ من النفط الروسيّ، أدّى إلى زيادةِ المخاوفِ من حدوثِ نقصٍ في الأسواق، وغيّر بشكلٍ واضح موقف الكارتل الذي أكّد في البيان “أهميةَ أسواقٍ مستقرةٍ ومتوازنةٍ”، وفي تأكيدٍ للتنسيقِ الروسيّ قام وزير الخارجيّة الروسيّ سيرغي لافروف بزيارةِ السعودية في الأربعاء 1/6/2022، والتقى بوزراء خارجيةِ دولِ مجلسِ التعاونِ الخليجيّ.
يبدو أنّ الهجومَ الروسيّ في أوكرانيا يساهمُ بتعزيزِ هذا التحالفِ بدل زعزعته، فقد شكّل “أوبك بلس” ما اعتباره جبهةً مشتركةً لرفضِ فتح مضخّات الذهبِ الأسودِ على نطاقٍ واسعٍ، رغم دعوات الغربيين الراغبين بوقف ارتفاعِ الأسعارِ.
ويشير معهد “إنرجي أسبكتس” Energy Aspects للأبحاث في لندن إلى أنّه رغم أنّ روسيا تبدو معزولةً أكثر فأكثر، إلّا أنّ الاجتماع الذي جرى الأربعاء يُظهر أنّ “دولَ الخليج لا تزالُ غير راغبة بالنأي بنفسها عن موسكو”.
ويوجّه قرارُ “أوبك بلس” أيضاً ضربةً رمزية لجهود الولايات المتحدة تجريد روسيا من عشرات المليارات من الدولارات من عائدات النفط، وتوفّرُ شريانَ حياةٍ لروسيا في ظلِّ اقتصادها المنهكِ بسببِ الحربِ، بعدما اتهم الغرب الكرملين بتوظيفِ إمداداته من الطاقةِ لكسبِ النفوذِ الجيوسياسيّ.
يُذكر أنّ الزيارةَ التي قام بها الرئيس الأمريكيّ جو بايدن في 17/7/2022 إلى السعوديةِ كانت بهدفِ تجديدِ العلاقاتِ مع حليفٍ استراتيجيّ قديم لواشنطن، ومستهلك رئيسيّ للسلاح، وموردِ لا غنى عنه للنفط، فالولايات المتحدة تحتاجُ زيادةً في تدفقِ النفطِ، لخفض أسعار الوقود المرتفعة، والتي من شأنها التأثير على شعبيّة حزبه الديمقراطيّ، في الانتخابات التشريعية المرتقبة، في تشرين الثاني المقبل.

غضبٌ أمريكيّ لخفض إنتاج النفط
أثار قرارُ مجموعة أوبك بلس خفض إنتاجِ النفطِ غضبَ الولايات المتحدة التي اتهمتِ المجموعةَ بالانحيازِ إلى روسيا، وأوعز الرئيس الأمريكيّ جو بايدن إلى وزارة الطاقة بتوزيع 10 ملايين برميل إضافيّة من الاحتياطيّ البتروليّ الاستراتيجيّ في السوق الشهر المقبل، وقال البيت الأبيض، في بيانٍ، إنَّ القرارَ الذي اتخذته هذه المجموعة خلال اجتماعها في فيينا سبّب “خيبة أمل” للرئيسِ بايدن.
وفي كلمةٍ له بشأنِ الاقتصاد في ولاية ميريلاند، حذّر الرئيس الأمريكيّ الجمعة 7/10/2022 من سيطرة الجمهوريين على الكونغرس في الانتخاباتِ النصفيّة المقبلة، وانعكاسها المحتمل على الأسعار في الولايات المتحدة، وأقرّ بايدن بواقعِ ارتفاعِ الأسعارِ في البلاد، مشيراً إلى أنّه تمكّن من خفضِ أسعار البنزين، بينما أرجع ارتفاعها إلى روسيا والسعودية من خلال منظمة “أوبك بلس”.
واعتبر براين نيلسون نائب وزيرة الخزانة (الماليّة) الأمريكيّة أنَّ قرارَ أوبك بلس يعكسُ “قصرَ نظرٍ”، لأنَّ مسؤوليّةَ المنظمةِ هي ضمانُ تزويدِ أسواقِ الطاقةِ بالإمدادات، وأضاف أنَّ بايدن يجري محادثاتٍ مع وزيرة الطاقة حول الخياراتِ المتوفرةِ لتلبيةِ احتياجات الشعب الأمريكيّ.
من جهته، دعا السيناتور الجمهوري تشاك غراسلي إلى معاقبةِ أوبك بسببِ قرارها خفض الإنتاجِ، وذلك عبر تمريرِ تشريعٍ من شأنه تحميلُ منتجي النفطِ الأجانب المسؤوليّة عن التواطؤ في تثبيتِ الأسعارِ.
وقال غراسلي إنّ أوبك وشركاءها تجاهلوا مناشداتِ الرئيس بايدن لزيادةِ الإنتاجِ، والآن يتواطؤون لخفضِ الإنتاجِ وزيادةِ أسعارِ النفطِ عالميّاً، وأكد غراسلي أنّه يدعمُ مشروعَ قرار “نوبك”، ويعتزمُ إرفاقه كتعديلٍ على قانون تفويضِ الدفاعِ الوطنيّ المرتقب.
واتهم السيناتور الجمهوريّ تيد كروز الرئيس بايدن بالتسببِ في هذه الأزمةِ بسياساته المدمّرةِ للطاقة وسياساته الخارجيّة، وقال إنّه يشعر بخيبة أمل شديدة من القرار السعوديّ، متمنياً أن يتصرفَ السعوديون كحليفٍ في ظلِّ الظروفِ الحالية.
وفي مقابلة مع شبكة CNBC الأمريكيّة، قال رئيس اللجنةِ الفرعيّةِ للعلاقات الخارجيّةِ في مجلس الشيوخ كريس ميرفي إنَّ الوقتَ قد حان لإجراءِ تقييمٍ شاملٍ للتحالفِ الأمريكيّ مع السعودية، وأضاف السيناتور الديمقراطيّ أنّ الولاياتِ المتحدةَ بحاجةٍ إلى السعوديين لاتخاذِ خطواتٍ قد تؤثرُ على أرباحهم القصيرةِ الأجل عندما يتعلقُ الأمر بعائدات النفط، ولكنها ستسمحُ للغربِ بالبقاءِ على قيدِ الحياةِ في مواجهةِ روسيا.
كما اعتبر رئيس لجنة الاستخباراتِ في مجلس النواب النائب الديمقراطيّ آدم شيف أنَّ قرارَ السعوديةَ خفض إنتاج النفطِ خلال أزمةِ الطاقةِ العالميّة، يساعدُ حربَ روسيا على أوكرانيا ويزيدُ تداعياتِ ارتفاع الأسعار على المستهلكين، ورأى أنَّ استمرارَ اعتمادِ الولايات المتحدة على السعودية يشكّلُ تهديداً للأمنِ القوميّ الأمريكيّ، بحسب تعبيره.
عضو لجنة الخدماتِ المسلحة في مجلس النواِب الأمريكيّ رو خانا وصف في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز تخفيضَ أوبك بلس إنتاجَ النفط بأنّه “أمر شائن”، وأنّه سيقوّي روسيا وبوتين وسيؤثر على المستهلكين في الولايات المتحدة وأوروبا، وقال السيناتور الديمقراطيّ “خانا”: “يجب على الرئيسِ بايدن أن يوضّحَ أنّنا سنتوقفُ عن تزويدِ السعوديّ ين بالأسلحةِ وقطعِ غيارِ الطائراتِ إذا وقفوا إلى جانب روسيا في هذه الأزمةِ من خلال إجراءِ تخفيضاتٍ جذريّةٍ في الإنتاجِ. إنّهم يحتاجون إلينا أكثر بكثيرٍ مما نحتاجهم”.
وفي بيان مشترك من البيتِ الأبيض، قال مستشار الأمن القوميّ جيك سوليفان، ومدير المجلس الاقتصاديّ الوطنيّ برايان ديس، إنَّ الرئيس “أُصيب بخيبةِ أملٍ” من قرار: أوبك بلس” وسط أزمة الطاقة الناجمة عن الغزو الروسيّ لأوكرانيا، واصفاً القرار بأنّه “قصير النظر”.
تلويحٌ بتفعيل “نوبك”
وقال تشاك شومر زعيم الأغلبيّة بمجلسِ النواب الأمريكيّ، في تغريدةٍ على موقع تويتر في 7/10/2022: “ما فعلته المملكة العربيّة السعوديّة لمساعدةِ بوتين على الاستمرارِ في شنِّ حربه الدنيئةِ والشرسةِ ضد أوكرانيا سيتذكره الأمريكيّون لفترةٍ طويلةٍ. نحن نبحث في جميعِ الأدواتِ التشريعيّةِ للتعاملِ بشكلٍ أفضل مع هذا الإجراء المروّعِ والساخرِ للغاية، بما في ذلك مشروع قانون نوبك NOPEC
وكانت اللجنة القضائية التابعة للكونغرس الأمريكيّ قد مررت في 12/5/2022 مشروعَ قانونٍ يعرف باسم نوبك NOPEC ضد أعضاء منظمة الدول المصدّرة للنفط “أوبك”، وبموجبِ مشروع القانون سيُسمح لوزارةِ العدلِ بمحاسبة أوبك وشركائها على أنشطتهم المانعة للمنافسة.
يعدُّ مشروعُ قانون نوبك كان مناورةً سياسيّةً أمريكيّةً، تهدفُ إلى دعمِ جهود الولايات المتحدة في السيطرةِ على الأسواقِ العالميّةِ ويمكّن واشنطن من رفعِ وخفضِ الأسعارِ كما تريد، لكسرِ احتكارِ السوق. كما يهدفُ إلى تهدئةِ الشارع الأمريكيّ بسببِ الزيادة الكبيرة في أسعار الطاقة”، والتي ستطال تداعياته السلبيّة قطاعات اقتصاديّة أخرى في الولايات المتحدة بما في ذلك قطاع النفط والغاز”
وجاء التصويتُ على القانون بعد ساعاتٍ فقط من رفضِ منظمة “أوبك” وشركائها في تحالفِ أوبك بلس مجدداً طلبات الغربِ والتشبث بخطط زيادة متواضعة في الإنتاج خلال حزيران المقبل قدرها 432 ألف برميل يوميّاً.
نفي سعوديّ وتبرير إماراتيّ
في مقابل مع شبكة فوكس نيوز” الأمريكيّة نفى وزير الدولة السعوديّ للشؤون الخارجية عادل الجبير أن تكون بلاده تهدف إلى إلحاق الضرر بالولايات المتحدة من خلال خفض إنتاج النفط، وأكد الجبير أن الرياض وواشنطن ترتبطان بعلاقة استراتيجية منذ 8 عقود، وأضاف “السعودية لا تسيّس النفط ولا القرارات المتعلقة به. فالنفط ليس سلاحاً ولا طائرة مقاتلة ولا دبابة، بل هو في نظرنا سلعة مهمة للاقتصاد العالميّ الذي لنا فيه حصة كبيرة”.
وتقول السعودية وأعضاء آخرون في أوبك بلس، الذي يضم دول أوبك ومنتجين من خارجها من بينهم روسيا، إنّهم يسعون لمنع التقلبات وليس استهداف سعر معين للنفط.
ويتهم الغرب روسيا باستغلالِ الطاقةِ كسلاحٍ، وخلقِ أزمةٍ في أوروبا قد تضطر معها إلى تقنينِ الغاز والكهرباء هذا الشتاء. وفي المقابل تتهمُ موسكو الغرب باتخاذ الدولار والأنظمة الماليّة مثل سويفت سلاحاً، رداً على غزو أوكرانيا بينما تصفها روسيا بأنّها عمليةٌ عسكريّةٌ خاصة.
وقال وزير الطاقة الإماراتيّ سهيل المزروعي للصحفيين إنَّ “القرار سيكون فنيّاً، وليس سياسيّاً”، وأضاف: “لن نحوّلها لمنظمةٍ سياسيّةٍ”، موضحاً أنَّ المخاوفَ من حدوثِ ركودٍ عالميّ ستكونُ من بين الموضوعاتِ الرئيسيّةِ المطروحةِ على طاولةِ النقاشِ.
وتشكل العملية العسكرية الروسيّة في أوكرانيا اختباراً جاداً للتحالف السعوديّ ــ الروسيّ، ما يضعُ المملكةَ في موقفٍ حرجٍ ما بين حليفها الرئيسيّ -الولايات المتحدة – وتحالفها الجديدِ مع روسيا، ما قد يؤثر على قراراتها المستقبليّة بحسب ما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وبحسب الصحيفة الأمريكيّة فإنَّ الموقفَ الحالي من الحربِ الدائرةِ يعد أول اختبار جيوسياسيّ للتحالفِ بين الرياض وموسكو، والذي بدأ في عام 2016، عندما وقعت روسيا و12 دولة أخرى معاهدة مع “أوبك” لتنظيم الإنتاج النفطيّ، إلى جانبِ الزيارات الرسمية المتبادلة على أعلى مستوى بين الجانبين ناهيك عن صفقاتِ شراءِ الأسلحةِ الروسيّةِ الضخمةِ.
مجموعة أوبك بلس
أوبك بلس هو اتفاقٌ يضمُّ 23 دولةً مُصدّرةً للنفط منها 13 دولةً عضواً في منظمةِ البلدان المصدرة للبترول (أوبك). فقد توافقت دول أوبك خلال اجتماع في الجزائر في أيلول 2016 مبدئيّاً على تخفيضِ إنتاجها للمرةِ الأولى منذ عام 2008 لتحسينِ أسعار النفط بعد هبوطٍ قياسيّ شهدته الأسعار خلال العامين السابقين للاجتماع ووصلت في بعضها إلى 70 %، بسبب زيادةِ العرض، وأعلن خلال اجتماعٍ فيينا في 30/11/2016 عن التوصلِ لاتفاقٍ لخفضِ الإنتاجِ بمشاركةِ دولٍ منتجةٍ للبترول من خارجِ منظمة أوبك في مقدمتها روسيا التي خفّضت 230 ألف برميل من إنتاجها اليوميّ، فيما تحملتِ السعوديةُ النسبةَ الأكبرَ من التخفيضِ بمقدار 500 ألف برميل يوميّاً.
وتضمُ مجموعة “أوبك بلس” إضافة إلى دول منظمة أوبك كلاً من: روسيا، أذربيجان، البحرين، بروناي، كازاخستان، ماليزيا، المكسيك، عُمان، جنوب السودان، السودان.
بالمجمل يعدُّ قرارُ «أوبك بلس» ضربةً رمزيّةً لجهودِ الولاياتِ المتحدة الهادفة إلى تجريدِ روسيا من عشراتِ مليارات الدولاراتِ من عوائد النفط، الذي يعتبر أحدَ أهم الموارد الماليّة للاقتصادِ الروسيّ المتعبِ، بعدما اتهم الغرب الكرملين بتوظيفِ إمداداته من الطاقةِ لتوسيعِ النفوذِ الجيوسياسيّ، وبالمقابل كان من المتوقعِ أن يكونَ التأثيرُ الفعليّ لخفضِ الإنتاج محدوداً، وثمّة مبالغةٌ بحجمِ الفَقدِ الروسيّ لبراميل النفط بسببِ العقوباتِ الغربيّةِ، ومن جهةٍ أخرى ليس صحيحاً تماماً تأويلُ خفضِ الإنتاجِ على أنّه رغبةٌ سعوديّةٌ لإسداءِ خدمةِ لموسكو مقابل دورٍ روسيّ لمنعِ تسليحِ الحوثيين.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle