سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

تقارب دمشق وأنقرة.. ماذا بعد..؟!

ميرخان عمادي_

 كثيرة هي الأوهام التي رافقت انتفاضة الشعب السوري في سبيل الحرية والديمقراطية، بعضها سقط واقعياً، بحكم مسار الأحداث على الأرض، أو بحكم تغيّر مواقف أصحاب هذه الأوهام، أو مواقف أولئك الذين ساهموا في إنتاجها ودعمها من أصحاب الأجندات الخاصة، ومن بين من لعب بمصير الشعب السوري تلك التي كانت تُسمي نفسها بالمعارضة وتوهِم الشعب أنها تقاتل لأجل إنهاء حكومة دمشق، وتحولت لأداة بيد النظام التركي، تُحركهم أينما شاءت عبر شرائهم بالمال، والقتال لأجل مصالحها تارةً في ليبيا وأذربيجان ،وتارةً في العراق والنيجر، وأينما تتواجد المصالح تقوم بإرسالهم إلى بقاع الأرض.
نعم، تلك المعارضة التي تحولت إلى مرتزقة وتحت تسميات مختلفة مثل داعش وجبهة النصرة ومرتزقة الحمزات والعمشات والسلطان مراد وغيرها من التسميات، التي لا تمتّ بصلة للشعب السوري الذي خرج بثورته، وكلّه أمل أن ينال الحرية والعيش بكرامة.
اليوم، وبعد فتح قنوات التقارب بين الاحتلال التركي وحكومة دمشق، والتي أنزلت الستار عن كواليسها وأصبحت مكشوفة وعن طريق روسيا وأطراف أخرى لها مصالح من هذا التقارب؛ ألقى أردوغان هؤلاء المرتزقة وراء ظهره، بعد انتهاء مدة صلاحيتهم.
ما تشهده المناطق المحتلة، اليوم، من غليان شعبي ضد الاحتلال التركي يكشف حقيقة هؤلاء المرتزقة الذي كانوا أداة لتحقيق مصالح تركيا بالدرجة الأولى، فقد شهدت مدن الباب والراعي وإعزاز وعفرين المحتلة ومناطق أخرى احتجاجات ضد التواجد التركي رداً على الممارسات العنصرية ضد السوريين داخل تركيا وخاصةً مهاجمة عوائل سوريّة في مدينة قيصري، واحتجاجاً على التقارب بين أنقرة ودمشق، وسط حالة من التخبط بين المرتزقة والمستوطنين بعد الحديث عن التقارب، وتوسعت الاحتجاجات لتتحول إلى قطع للطرقات، وإطلاق النار من قبل الاحتلال ومرتزقته على المحتجين، واقتحام مقار الاحتلال ومرتزقته وإحراق العلم التركي، وتحطيم شاحنات تركية وحالة هيجان شعبي ضد هؤلاء المرتزقة الذين مارسوا الإرهاب بحق الأهالي على مدار تلك السنوات بعد أن قدموا تلك المناطق على طبق من ذهب للاحتلال التركي.
نعم، تلك الممارسات والانتهاكات اللا إنسانية بحق البشر والشجر، والتي أغلقت منظمات حقوق الإنسان آذانها، وتواطأت مع المحتلين، فالاحتلال والمرتزقة مارسوا في المناطق المحتلة سياسة التغيير الديمغرافي وتم فرض اللغة والعملة التركية ورفع الأعلام التركية وانتهاكاتها اليومية من قتل، اختطاف، نهب المنازل والأملاك وأخذ الأموال كما قاموا بكل ما هو خارج عن الأخلاق والضمير، وازدادت الانتهاكات في الآونة الأخيرة، حيث وصلت إلى مستوى الإبادة الجماعية الجسدية والثقافية.
على الشعوب المضطهدة في المناطق المحتلة الاستمرار في تظاهراتهم واحتجاجاتهم لإنهاء الاحتلال التركي ومرتزقته لأراضيهم بعد ذاك الحكم الدموي الذي حوّل حياتهم إلى جحيم.
 بعد الدمار والخراب الذي ألحقته تركيا ومرتزقتها بسوريا يتحدثون عن التقارب، وإعادة مسار العلاقات، وكأنّ شيئاً لم يحدث، والسؤال الذي يدور في خُلد كلِّ سوريٍّ إذا كنتم تريدون التقارب؛ لماذا دمرتم وقتلتم ومزقتم سوريا..؟.
وهنا يتضح من جديد أن الخط الثالث الذي اتخذته الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا منذ بداية الأزمة السوريّة كان الخط الوحيد والنموذج الأمثل الذي حافظ على سوريا، وذلك بفضل تكاتف وتلاحم الشعوب بوجه كافة المخططات والمؤامرات، وهنا على شعبنا في المناطق المحتلة طرد المحتل ومرتزقته والعودة إلى حضن الإدارة الذاتية.