تعاريف في الأيديولوجيا

إعداد: هوزان سربست –

الأيديولوجيا نظامٌ فكريٌّ إدراكيٌّ مُنظَّم صِيغَ لوجود نقاطٍ مشتركة من الناحية الأخلاقيّة والثقافيّة والعقائديّة والعلميّة، لكنّها ليستْ مفهوماً مُطلقاً حيث لا يوجد نظامٌ لفكرٍ مُوحَّدٍ ومتزامنٍ لجميع الناس. وتختلف من شخص لآخر، بين زمنٍ وآخر وبين طبقة وأُخرى. الأيديولوجيا بشكلٍ عام هي صياغات ووجهات نظر؛ هي كثافة فكريّة مُعمّقة في إطار مصلحة طبقة ما، أو عدّة طبقات في آنٍ واحد، أو في إطار المصالح العامة للمجتمع1.
مفهوم الأيديولوجيا ليس عاديّاً فهو يعبّر عن واقع ملموس فيصف وصفاً شافياً، وهو ليس مفهوماً متولّداً عن بديهيات فيحدُّ حدّاً مجرّداً. وإنّما هو مفهومٌ اجتماعيٌّ تاريخيّ؛ وبالتالي يحمل في طيّاته آثار تطورّات وصراعات ومناظرات اجتماعيّة وسياسيّة عديدة. الدّين والعقيدة والذهنيّة والفلسفة ربّما لا تقبل الجَدَلْ على عكس الأيديولوجيا المبنية على الديالكتيك الذي يميّزها عن غيرها من المفاهيم. ومثال ذلك الأيديولوجيا السياسيّة التي غالباً ما تكون قُطبيّة؛ فكلُّ طرفٍ يعمل على إثبات وجهة نظره، وتفنيد وجهة نظر خصمه؛ يستخدم علماء السياسة الأيديولوجيا للإشارة إلى حِزم المواقف، التي يُعتقد أنّها غير قابلة للتمييز أو الدمج في حالة مثاليّة مفضلّة مفردة2.
يرتبط مفهوم الأيديولوجيا جوهريّاً مع التاريخ والمجتمع، ويقول ماركس أنّ الأيديولوجيا تخفي مصلحة طبقيّة، ويعلّل قوله بتطوّر التاريخ؛ حيث استخدمها الماركسيّون للدلالة على نسيج تآمري فكري يغطّي عيون الجماهير. يقول نيتشه إنّ القيم الثقافيّة أوهامٌ ابتدعها المُستضعَفون لتغطية غلِّهم ضدّ الأسياد، ويعلّل قوله بقانون الحياة. يقول فرويد أنّ إنتاجات العقل خلقها الإنسان المتمدّن لمعارضة دفع الرّغبة الجارف، ويعلّل قوله بطبيعة الانسان الحيوانيّة2.
أمّا مانهايم فميّز بين تعريفين الأوّل هو اليوتوبيا حيث عرّفها بأنّها نوعٌ من التفكير يتمحور حول تمثّل المستقبل واستحضاره بكيفية مستمرّة، والثاني هو الأيديولوجيا، فعرّفها بأنّها التفكير الّذي يهدف الى استمرار الحاضر ونفي بذور التغيير الموجودة فيه2.
كما يُستخدم الدِّين لتحقيق مصالح ديكتاتوريّة، أيضاً تُستخدم الأيديولوجيا كقناعٍ لتحقيق مصالح فِئويّة. ومن وجهة نظر اقتصاديّة فإن الأيديولوجيا نوعٌ من رأس المال البشري ـإن صحّ التعبيرـ الّذي يتغيّر بتحوّل الظروف الاقتصاديّة، ولا يمكن تحديد ثروة بلد ما على المدى الطويل؛ ما يعني أنّ دور الإيديولوجيا محايد في عملية التطوّر الاقتصادي طويل الأمد3، إلّا أنّ التعريف الأكثر تكاملاً يحدّد الأيديولوجيا بأنّها «النسق الكليّ للأفكار والمعتقدات والاتجاهات العامّة الكامنة في أنماط سلوكيّة معيّنة». وهي تساعد على تفسير الأسس الأخلاقيّة للفعل الواقعيّ، وتعمل على توجيهه4.

المراجع:
1ـ الأيديولجيا – رستم جودي
2ـ مفهوم الأيديولوجيا – عبدالله العروي
3ـ A Theory of the Ideology ــ(Tsao Hai-tao)
4- الأيديولوجيا ـــ موسوعة ويكيبيديا