تشرين الأول في التاريخ الكردي

دجوار أحمد آغا_

يتميز شهر تشرين الأول عن أشهر السنة بأحداث مميزة في التاريخ الكردي ما عدا شهر آذار، الذي يكون رمزا لعيد الكرد القديم والمعاصر وما فيه من آلام وآمال. فشهر تشرين الأول حصلت فيه أحداث ومناسبات وذكريات مؤلمة جداً للكرد، إلى جانب بعض المناسبات السعيدة، ومنها تحرير كركوك للمرة الأولى في تاريخ الكرد المعاصر، وتأسيس مجلس سوريا الديمقراطية، وصدور صحيفة روناهي، وتشكيل قوات سوريا الديمقراطية، التي تعدُّ وحدات حماية الشعب، ووحدات حماية المرأة العصب الرئيسي فيها.

نذكر هنا أهم أحداث تشرين فيما يتعلق بالكرد:

الثالث من تشرين الأول 2017 رحيل جلال حسام الدين الطالباني “مام جلال” المناضل الكبير مؤسس والأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني YNK، ثعلب السياسة الكردية، وأول رئيس كردي للعراق، بعد سقوط نظام صدام حسين، مام جلال من مواليد 1933 في قرية كلكان بقضاء كوي “كويسنجق” له تاريخ حافل بالسياسة، والكفاح من أجل قضية وطنه وشعبه، انشق عن الحزب الديمقراطي الكردستاني سنة 1964 بعد خلافات مع الملا مصطفى البرزاني، وانضم الى إبراهيم أحمد، فيما عُرف بجماعة المكتب السياسي، تزوج من “هيرو خان” ابنة إبراهيم أحمد وله ابنان “قباد” و”بافل”. أسس في الأول من حزيران 1975 بدمشق “الاتحاد الوطني الكردستاني” مع مجموعة من المناضلين، نذكر منهم (نوشيروان مصطفى، علي العسكري، فؤاد معصوم، عادل مراد، كوسرت رسول..).

الخامس من تشرين الأول 1962 قيام حكومة البعث بإجراء إحصاء جائر بحق الكرد في مناطق الجزيرة الكردية، ولمدة نصف يوم فقط لا غير، وبموجب هذا الإحصاء الجائر تم تجريد أكثر من 150 ألف عائلة من الهوية والجنسية السورية، وأصبحوا مكتومي القيد أو أجانب.

الخامس من تشرين الأول 2015 خلال الهجوم الهمجي والوحشي، الذي شنّه متطرفو “داعش” قامت ابنة عفرين البطلة آرين ميركان بتنفيذ عمليتها الفدائية في سفوح تلة مشتى نور بكوباني، والتي أوقعت العشرات من القتلى والجرحى في صفوف المرتزقة. هذه العملية التي ترددت أصداؤها في سائر أرجاء المعمورة، وغيّرت مسار الأحداث في مقاومة كوباني من “على وشك السقوط” إلى “امتداد الأصفر، واندحار الأسود”.

التاسع من تشرين الأول 1998 بدأت مؤامرة دولية كبيرة بحق الكرد، وقضيتهم العادلة من خلال استهداف القائد والمفكر الكردي الكبير عبد الله أوجلان.  هذه المؤامرة التي مازالت مستمرة منذ 25 عاماً، حيث شاركت فيها العديد من الدول المهيمنة والإمبريالية العالمية من خلال إخراج القائد من ساحة الشرق الأوسط، ومن ثم مراقبة ورصد تحركاته، وخيانة البعض من القوى التي كانت تدّعي صداقتها للقائد ولقضية شعبه، حيث في نهاية المطاف في الخامس عشر من شباط 1999 تم خطف القائد من نيروبي عاصمة كينيا، وتسليمه لتركيا التي ظهر رئيس وزرائها آنذاك “بولند أجاويد” على شاشات التلفزة العالمية معلناً أكبر انتصار للجمهورية التركية منذ تأسيسها. تم الحكم على القائد بالإعدام، ولكن نتيجة الضغوط الشعبية الكبيرة وتدخل المحكمة الأوروبية، تم تغير الحكم إلى السجن المؤيد المشدد. الذي يعني بقاء السجين داخل السجن إلى أن تنتهي حياته. هذا الأمر مخالف للقوانين الأوروبية والأممية، وحتى التركية التي تعطي السجين حق يُدعى “الحق في الأمل”. القائد أوجلان تولد 1949 في قرية أمارة بمنطقة الرها (أورفا).

التاسع من تشرين الأول 2019 قيام دولة الاحتلال التركي بالهجوم على مناطق سري كانيه وكري سبي (تل أبيض). هذا الهجوم الذي جاء بموافقة من القوى المسيطرة على الأزمة السورية، أي من الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا الاتحادية، التي أعطتا جيش الاحتلال التركي ومرتزقته الضوء الأخضر للهجوم على هذه المناطق. وكانت دولة الاحتلال التركي قد أكّدت للطرفين، بأنها سوف تنتهي من هذه “العملية” في غضون ساعات قليلة، وثلاثة أيام على أبعد تقدير. لكنها واجهت مقاومة عنيفة وكبيرة، لم تتوقعها من جانب مقاتلي سوريا الديمقراطية، الذين سطّروا ملاحم بطولية في التصدي للقوات الغازية.

العاشر من تشرين الأول عام 2007 ترجل فارس من فرسان الأدب والثقافة الكردية مبكراً عن صهوة جواده، الكاتب القدير محمد أوزون الذي اختطفه القدر، وهو في قمة عطائه في الرابعة والخمسين من عمره على إثر مرض عضّال. هو تولد 1953 سويرك التابعة لمنطقة الرها (أورفا)، وتم دفن جثمانه بناء على وصيته في آمد (ديار بكر) قلب كردستان.

العاشر من تشرين الأول 2015 تم تشكيل قوات سوريا الديمقراطية. هذه القوات التي تُعرف باختصار “قسد” هي عبارة عن تحالف متعدد الأعراق والأديان بين الكرد، والعرب، والسريان، الآشور، والتركمان، الذين اجتمعوا معاً على حماية مناطقهم، والدفاع عنها ضد أية قوى تحاول النيل منها. من أهم القوى المنضوية تحت سقف “قسد” هناك: (وحدات حماية الشعب YPG ووحدات حماية المرأة YPJ وقوات الصناديد، المجلس العسكري السرياني، وقوات حرس الخابور، وكتائب شمس الشمال، والمجالس العسكرية لمناطق منبج، دير الزور، الطبقة، الرقة، الباب، وغيرها).

الحادي عشر من تشرين الأول 1993 توفي المناضل الكردي الكبير، وأحد مؤسسي الحزب الديمقراطي الكردستاني في روج آفا، الكاتب والشاعر والسياسي أوصمان صبري في دمشق، وتم نقل جثمانه إلى مزار الشهيد، رستم جودي في قرية “بركفري” بناحية الدرباسية بإقليم الجزيرة. يُذكر أن أوصمان صبري تولد في قرية “نارنجي” في أديمان بباكور سنة 1905، وهو من الرعيل الأول، والمؤسس للحركة السياسية الكردية في روج آفا، وله بصمة واضحة في تاريخ الحركة، كما له عدة مؤلفات، وكتب أشعار.

الحادي عشر من تشرين الأول 2015 تم تأسيس مجلس سوريا الديمقراطية، والتي تُعرف اختصاراً بـ “مسد” التي هي عبارة عن مظلة سياسية تضم القوى، والأحزاب، والحركات السياسية، والمجتمعية، التي تؤمن بالسير على طريق حل الأزمة السورية، وفق منهج الإدارة الذاتية، وبناء سوريا ديمقراطية تعددية لامركزية.

الثاني عشر من تشرين الأول 1948 رحيل الشاعر الكردي المبّدع، وكاتب النشيد القومي الكردي (أي رقيب) “يونس ملا رؤوف” المشهور بلقب “دلدار” وهو ما يزال في ريعان العمر 31 عاما؛ بسبب المرض، الذي ألمّ به وهو في السجن. هو تولد مدينة كوي في باشور كردستان سنة 1918.

الثاني عشر من تشرين الأول 2019 اغتيال الأمين العام لحزب سوريا المستقبل الشهيدة هفرين خلف، بشكل وحشي على يد مرتزقة أحرار الشرقية المدعومين من تركيا على الطريق الدولي.

السادس عشر من تشرين الأول 2011 صدور العدد الأول من صحيفة روناهي، التي ماتزال مستمرة في الصدور حتى الآن.

الثامن عشر من تشرين الأول 2015 رحيل الفنان الكردي العالمي عمر حمدي “مالفا”، الذي دخل قاموس الفن العالمي من بين 100 فنان عالمي. 1951 / 2015 يُذكر أن الفنان عمر حمدي من مواليد مدينة الحسكة في شمال وشرق سوريا.

العشرون من تشرين الأول 2019 استشهاد القائد العام لقوات الأمن الخاصة HAT البطل تولهلدان زاغروس، الاسم الحقيقي عكيد محمود تولد 1987 في مواجهة الحرب الخبيثة، التي شنتّها دولة الاحتلال التركي ضد مناطق سري كانيه، وكري سبي (تل أبيض).

الثاني والعشرون من تشرين الأول 1984 توقف عن الخفقان القلب الكبير، الذي كتب الأشعار والقصائد وتغزّل بوطنه وشعبه شاعر الكرد الكبير جكر خوين، الذي وافته المنية في استكهولم بالسويد، وتم دفنه في باحة منزله بالحي الغربي بمدينة قامشلو، حيث أصبح مزار للشعراء والمثقفين، الذين يستذكرونه بكل تقدير واحترام. 1903 / 1984

الخامس والعشرون من تشرين الأول 1992 استشهاد الثائرة والمناضلة كلناز قره تاش “بيريتان” من مدينة ديرسم الكردية في باكور كردستان، انتهت حرب الجنوب يوم استشهادها (25 -10 ـ 1992)، حيث حاصرها بيشمركة الطالباني، والبرزاني حين كانت برفقة مجموعتها، أمرتهم بالخروج من الحصار، وبقيت لتحمي المجموعة بنيران سلاحها أثناء انسحابهم.

ناداها كبير البيشمركة المتواجدين في الحملة العسكرية كي تستلم، فكسرت سلاحها كي لا تغنمه القوى الخائنة، وألقت بنفسها من أعلى الصخرة. فكان استشهادها بداية مرحلة جديدة ضمن حزب العمال الكردستاني للمقاتلات الكرديات.

استشهدت الرفيقة بيريتان في الواحدة والعشرين من عمرها في منطقة خاكورك، كل البيشمركة الذين كانوا قريبين منها حين رأوا الحادثة، تركوا أسلحتهم، ولم يحملوا سلاحاً بعد ذلك. لم يكونوا يعلموا أن بيريتان وحدها، هي التي كانت تقاوم لساعات ضد المئات منهم، المشاركون في الحملة إلى جانب جيش الاحتلال التركي. هؤلاء البيشمركة الذين تركوا السلاح بنوا علاقات صداقة حقيقية مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني، وهذا الكلام منقول عن شاهد منهم لحادثة استشهاد بيريتان.

الشهيدة بيريتان كانت صاحبة موقف خاص من الرجعية الكردية المتجسدة في أحزاب باشور “جنوب” كردستان، وكانت صارمة ضد الخيانة. قبل إلقائها نفسها بثواني صرخت ” لتسقط الخيانة”.