تركيا حاضنة للإرهابيين والمرتزقة

 نوري سعيد

صرّح الرئيس التركي أردوغان (السلام في ليبيا يمر عبر تركيا) رغم أن العالم كله يدرك أن تركيا هي ممر وحاضنة للإرهابيين والمرتزقة، وتصريح أردوغان يذكرنا بما جرى بين القط والفأر (سقط الفأر من الأعلى فصاح القط اسم الله –اسم الله، فرد الفأر أنت اتركني وأنا بألف خير من الله)، تركيا أردوغان أصبحت شركة خاصة لتصدير الإرهاب لدول المنطقة. وسوريا كانت ولا تزال تعاني الكثير جراء ذلك، وهنا يمكن القول إن من كانت جذوره التاريخية قائمة على سفك دماء الشعوب والعباد، لا يؤمن له جانب هكذا علمتنا تجارب التاريخ.

 فتركيا حكمت الوطن العربي والمنطقة وقسماً من أوروبا 400 سنة بالخازوق والمشانق والانتهاكات الصارخة، وذاقت الشعوب الويلات جراء احتلالهم، واليوم أردوغان يريد إظهار نفسه في ليبيا على أنه حمل وديع لا هم له سوى نشر السلام، رغم أن البرلمان الليبي أدان التدخل التركي والجامعة العربية اعتبرته عدوان واحتلال. وإذا كانت حكومة الوفاق تدّعي الشرعية الدولية فهي فاقدة للشرعية الداخلية المتمثلة بالبرلمان والجيش الوطني الليبي، والتدخل هو بسبب أطماع تركيا التوسعية والسيطرة على نفط وغاز ليبيا كما فعلت في قبرص، وأيضاً بسبب التوافق الأيديولوجي بينها وبين الإخوان وممثلهم السراج، لأن تركيا أصبحت تدعم تنظيم الإخوان عالمياً، كما حصل في السودان ومصر في عهد البشير ومرسي.

 أما السبب المباشر للتدخل التركي في ليبيا فيكمن في الانتصارات التي حققها الجيش الوطني بقيادة المشير حفتر، وأحكام الطوق على العاصمة طرابلس، وانعقاد مؤتمر برلين هو لإنقاذ حكومة الوفاق وتركيا كانت وراء انعقاده، بعد حصولها على موافقة الروس من خلال صفقة إدلب مقابل ليبيا، والمؤتمر كما هو معروف لم يكن في مصلحة حفتر لأن موازين القوى كانت لجانبه وخذله الروس والأوروبيون لأن روسيا تريد كسب تركيا، أما الأوروبيون فلقد هددهم أردوغان بالإرهابيين والمهاجرين السوريين المقيمين في تركيا، وكون ألمانيا تعد الدولة الأكثر تضرراً من المهاجرين، لذا تريد تقاسم المصالح والأدوار مع أردوغان من خلال تطبيق سيناريو سوريا، بعد أن خدعه الأوروبيون في ليبيا منذ سنوات ويريد العودة من جديد من الشباك بعد أن أُخرِج من الباب كما يقال.

 وتركيا بالإضافة إلى ما سبق ذكره، تبرر تدخلها في ليبيا بوجود جالية تركية تقدر بمليون شخص، أما شعبنا الكردي في تركيا الذي يزيد تعداده عن 20 مليون نسمة تركيا لا تعترف حتى بوجوده، ولكن الشمس لا تُحجب بغربال كما يقال وسواء اعترفت تركيا أم لم تعترف فشعبنا سيحصل على حقوقه المشروعة شاءت تركيا أم أبت. وعلية وانطلاقاً مما سبق فأن الأزمة الليبية دخلت طور التدويل نظراً للأطراف المتعددة التي حضرت مؤتمر برلين، ويبدو أن أمريكا سلمت الملف للروس، لهذا فأننا سوف نرى عقد المزيد من مؤتمرات برلين كما حدث لجنيف الخاص بسوريا، وأصبح الحل بيد الكبار وتوافقاتهم التي سوف تمتد لسنوات ويبدو ذلك من خلال اللجان العديدة التي تشكلت في المؤتمر، وكل ذلك سيكون على حساب الدم الليبي وتدمير بنيته التحتية. وليس من المستبعد أن يقود كل ذلك في النهاية إلى تقسيم ليبيا، وعلى الشعب الليبي أن يجهز نفسة لسنوات عجاف جديدة تكون أسوأ عليهم مما حصل لهم حتى الآن، وفي الختام فأن المشير حفتر لم يكن ينوي حضور مؤتمر برلين، ولكنه أضطر إلى ذلك بسبب الضغط الدولي الكبير الذي مورس عليه انطلاقاً من المثل الشعبي القائل (شو يلي جَبرَك على المُر قال الأَمَر منو).