قامشلو/ صلاح إيبو ـ
“الضامن التركي” لمنع سفك دماء السوريين، بحسب اتفاقيات آستانا ومرتزقة تركيا، بات جيشه الذي يحتل الشمال السوري يتفرج على الغارات الروسية والقصف المدفعي والصاروخي الذي تشنه القوات السورية ضد فصائل تقول عنها “إرهابية” ومن ضمنها جبهة النصرة.
هذا “الضامن”، الذي يحتل الأراضي السورية الشمالية، رد على العنف المفرط من قبل الجيش السوري والقوات الروسية، بقصف القرى التي تؤوي مُهجري عفرين في الشهباء، إذ طال قصف المدفعية التركية قرى عدة من ضمنها “احرص” التي تبعد عن خطوط التماس أكثر من 30 كيلومتراً، وتسبب القصف التركي هذا بجرح أربع مواطنين وخسائر في ممتلكات المدنيين.
وعمت التظاهرات والاحتجاجات التي نظمها أبناء إدلب المدنيين قرى وبلدات جبل الزاوية، وكانت عدد من تلك المظاهرات على مقربة من قواعد جيش الاحتلال التركي، وعبّر المتظاهرون عن غضبهم حيال الانتهاكات التي ترتكب بحق الأهالي جراء القصف الروسي وقوات النظام، فيما سقف جيش الاحتلال التركي (الضامن وفق اتفاق الهدنة) دون تحريك ساكن، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
الصمت المشروط
رغم ذلك بقيت تركيا، بلا حول ولا قوة في إدلب، إلا أن انتهاكات مرتزقتها وقصفها لقرى الشهباء وبعض أحياء حلب، يستمر، في دلالة على أن تركيا لا تريد منع سفك الدماء السوري، بل لها أجندات سياسية تريد تمريرها عبر نقل التوتر من ريف جبل الزاوية الذي يحاول الروس جعلها منطقة منزوعة السلاح، إلى ريف حلب الشمالي حيث توجد عفرين المحتلة، والنوايا التركية التوسعية إلى تل رفعت وريف حلب وربما إعادة تهديد حلب مجدداً.
وكان الرئيسان الروسي بوتين والتركي أردوغان قد وقعا اتفاقاً على وقف النار في إدلب في آذار2020، إلا أن خرقه استمر، وقبل أيام من عقد الجولة السادسة عشرة من اجتماعات آستانا عاد التصعيد إلى المنطقة، ليستمر إلى اليوم.
ووفق المعيطات الميدانية في إدلب فثمة اتفاق ضمني بين الروس والأتراك، في جعل منطقة جبل الزاوية منزوعة السلاح وبلا بشر، والمستهدف هنا بعض الفصائل الراديكالية التي تنشط بعيداً عن الأجندات التركية وجبهة النصرة، من ضمنها الحزب التركستاني ومجموعات أخرى، لذا تبقى تركيا صامتة بشروط روسية.
تعويم “جبهة النصرة”
وكان قائد جبهة النصرة /هيئة تحرير الشام/ قال إن وجود جيش الاحتلال التركي في إدلب هو مكسب لهم، في إشارة إلى وجود تفاهمات تركية مع جبهة النصرة لتعويمها على حساب باقي الفصائل الإسلامية والثورية منها أيضاً.
وفي السياق هذا، كتب فاسيلي أوشاكوف، في “كوريير” للصناعات العسكرية، عن تعاون تركيا الوثيق مع هيئة تحرير الشام “الإرهابية” في إدلب والضغط الذي تمارسه لشرعنة وجودها سياسياً.
وقال الكاتب “نحو ذلك، قام مؤخراً جهاز المخابرات التركي وعدد من الخبراء الموالين لأنقرة بالضغط على قيادة البلاد لإضفاء الشرعية على هيئة تحرير الشام، وتحويل جناحها السياسي إلى حزب قانوني في أراضي “سوريا الحرة” (أي المحتلة من تركيا). في الوقت نفسه، فإن هيئة تحرير الشام هي القوة الوحيدة القادرة على السيطرة على مشاحنات التشكيلات الأخرى، وسوقها إلى المعركة. وعليه فإن الحديث يدور عن صفقة إضفاء الشرعية على تحالف الغزاة الأتراك مع جماعة إرهابية دولية (وتجدر الإشارة إلى أن مثل هذه الخطوة ستدفن العملية الدستورية، لأن ثلث اللجنة الدستورية السورية تم تشكيلها من قبل المعارضة المرتبطة بتركيا من خلال التعاون مع الإرهابيين)”.
وقلل الكاتب من فرص تطبيق مخرجات آستانا الأخيرة بالقول “كل هذا يفسر حقيقة أن اشتراط آستانا القضاء على الجماعات الإرهابية في منطقة خفض التصعيد بإدلب وانسحاب المسلحين إلى الشمال من الطريق السريع M4 في الجزء الجنوبي من المنطقة، وكذلك من ريف حلب الغربي، لا تزال غير مستوفاة”.
وكانت قوات النظام السوري قد شنت قصفاً في 17 من تموز/ يوليو الجاري على قرية سرجة، ما أسفر عن مقتل ستة مدنيين.
كذلك، استهدفت قذائف النظام الصاروخية بلدة احسم جنوب إدلب في ذات اليوم، ما أسفر عن مقتل ثمانية مدنيين (أربعة أطفال وأربع نساء)، وإصابة 16 مدنياً غالبيتهم نساء وأطفال.