سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

ترتيلةُ الرَّحيل

صبري يوسف (أديب وتشكيلي سوري)_

“إلى روحِ أمّي الَّتي رحَلَتْ عاليًا، وأنا في أعماقِ غربتي”
تتراقصُ الفراشاتُ في رحاب قصصي، تزدهي مثلَ الزُّهورِ البرّية، هل لأنّها رمزُ الجمالِ والتَّحليقِ، أم رمزُ الاِنبهارِ في توهُّجاتِ النُّورِ؟! لستُ أدري، ولا أريدُ أن أدري، وكلُّ ما أدريه هو أنَّني عندما أتمعّنُ في خفّةِ الفراشةِ، أنظرُ إلى حفيفِ جناحيها المبرعمَينِ بنكهةِ الكرومِ، أشعرُ أنَّ نصوصي باهتة أمامَ تلاوينها الزَّاهية! ما كنتُ أظنُّ يومًا أنّي سأمسُك فرشاةً وأرسمُ فراشةً تحطُّ على خدِّ وردةٍ، أو على موجةِ البحرِ، فجأةً، وجدتُني أتعانقُ معَ ألوانِ الحياةِ، فرشْتُ ألواني كي أستريحَ بين عوالم طفولتي المتلألئة بين حقولِ القمحِ، سارحًا في براري الرُّوحِ، أركضُ خلفَ الفراشاتِ والعصافير…
عندما كنْتُ أمسكُ فراشةً بعدَ مطاردةٍ طفوليّةٍ لذيذة، بعيدًا عن أنظارِ الأمِّ، كنتُ أمسكُها بهدوءٍ يبهجُ كينونتي.. كنتُ أتكلَّمُ معها وأنظرُ إلى الوبرِ النَّاعمِ، إلى تشكيلِ بهائِها الجميلِ، ما كنتُ أقاومُ جمالَها؛ فكنْتُ أبوسُها بكلِّ حبقِ الطّفولةِ، ثمَّ أطيّرُها في الهواءِ وأبكي عليها؛ لأنَّها كانت تطيرُ بعيدًا عنّي!
كم كنْتُ أشعرُ بالفرحِ وهي تكحّل طفولتي بألوانِها الرَّائعة! الآن تتراقصُ أمامي بهجة تلكَ الأيَّام، فأجدُني أحنُّ إلى فراشتي الَّتي كنتُ أخبِّئها بين جوانحِ الرُّوحِ، بعيدًا عن الأضواءِ المبهرة؛ كي لا تشتعلَ أجنحتها الشَّفيفة، ترقصُ فرشاتي مثلَ قطراتِ النَّدى، وأرسمُ فراشةً تجاورُها فراشة، ثمَّ تنفرشُ الفراشاتُ فرحًا، فتولدُ لوحةً من رحمِ الزَّمنِ الآفلِ، من جوانحِ الذَّاكرة البعيدة.
أتساءلُ: هل نحنُ، الّذين عبرنا البحار،َ وعبرْنا الجسورَ، وعبرْنا بوّاباتِ الشِّعرِ، والنَّصِّ، والقصِّ، والسَّردِ، والعشقِ، عرفْنا لماذا تحومُ الفراشاتُ حولَ الضَّوءِ إلى حدّ الاِشتعالِ؟!
تعالي أيّتها الفراشة التَّائهة في عوالمِ الحلمِ، في عوالمِ البحثِ عن الفرحِ الآفلِ، لماذا لا تبقى أفراحُنا ساطعةً فوقَ خيوطِ الشَّمسِ؟!
جنوحٌ لا يخطرُ على بال، كيفَ لا يتشرَّبُ الإنسانُ جمالَ الحياةِ من جمالِ الفراشاتِ، من جمالِ سهولِ القمحِ، من جمالِ الزُّهورِ، من خدودِ الكونِ؟! هل كانَتِ المرأةُ يومًا فراشةً، أو زهرةً، أو سنبلةً، أو شجرةً يانعةً ولا ندري، وإلّا كيفَ تلألأتْ هذهِ الكائنات الرّائعة في صيغةِ التَّأنيثِ، في صيغةِ البهاءِ، في صيغةِ إنعاشِ القلبِ، وانتعاشِ براري الرُّوحِ؟!
عندما أتمعّنُ في وردةٍ قبلَ أن أقدِّمَهَا إلى صديقةٍ من لونِ الماءِ، يراودُني أنَّ وردتي ستعانقُ وردةً من عذوبةِ الدِّفءِ، فأغارُ من عناقهما، فلا أقاومُ بهجةَ العناقِ، فأغوصُ في طقسِ عناقهما، ولا أميّزُ وردتي عن الأخرى، فكلُّ الورودِ لها نكهةٌ عبقة من نقاوةِ بزوغِ الفجرِ، من لونِ خميلةِ اللَّيلِ، خرجْتُ عن خيوطِ العناقِ، عن ولادةِ الحبرِ وعن حيثيّاتِ نضوحِ البهاءِ، تهْتُ بين تضاريسِ العمرِ، عابرًا لجينَ الحلمِ أبحثُ عن وجهِ أمّي، عن وجهِ غربتي عن تمزُّقاتِ اللَّيلِ الحنونِ!
كنتُ في الطَّابقِ السَّابعِ من سماواتِ غربتي، وحيدًا معَ دمعتي، معَ خيوطِ الحنينِ، فجأةً، هجمْتُ على قلمي ثمّ كتبْتُ ما أمْلَتْهُ عليّ اِرتعاشاتُ مفاصلي، هطلَتْ دموعي على أصابعي الرَّفيعة.. لم أعُدْ قادرًا على اِستمراريَّةِ العبورِ؛ عبورِ بحارِ اللَّونِ، وأمواجِ العمرِ، ودموعِ الاِنتظارِ..
هدوءٌ متناغمٌ معَ صمتِ الخمائلِ، عودي ينتظرُني، موسيقى من نداوةِ السَّنابل، من اِحمرارِ طينِ الأزقّةِ، الَّتي ترعرعْتُ فيها، بخورُ الحرفِ يتراقصُ فوقَ قداسةِ المكانِ، هل للمكانِ قداسةٌ دونَ قداسةِ القداساتِ؟! تموجُ أصابعي على أوتارِ الشَّوقِ، على اِنبعاثِ الرُّوحِ في شهقةِ أمّي، هل أنا في بحيراتِ حلمٍ، أم في نصاعةِ اليقينِ؟! بكاءٌ من لونِ زرقةِ السّماءِ، أعزفُ فوقَ أوتارِ اللَّيلِ، فوقَ ينابيعِ حزني، أرتّلُ ترتيلةً من وهجِ الرَّحيلِ، أبكي، ثمَّ أبكي، وأبكي، من قطبِ الشَّمالِ، تنزاحُ دمعتي نحوَ بيارقِ الشَّرقِ، بيارقِ الدِّفءِ، بيارقِ أمّي لا يعلوها بيارق الكونِ، أمٌّ أنجبتْني على حفيفِ الموجِ بينَ سنابلِ القمحِ، على أنغامِ اللَّيلِ ونجمةُ الصَّباحِ شاهدة على أوجاعِ المخاضِ ..
آهٍ يا موجةَ حلمي! لماذا كلّ هذا البكاء؟! ثمَّةَ عناقٌ لروحِ الأمّ رغمَ أمواجِ البحارِ، رغمَ سماكةِ الضَّبابِ وجموحِ القاراتِ، عجبًا أرى من هذا الثَّراءِ؛ ثراءِ دمعتي لا يعادلُهُ ثراءً على مساحاتِ المساءِ! أمسكْتُ قلمي أنسجُ كيفيّة عبور أمّي فضاءَ السَّماءِ، كيفَ ودَّعَتِ الكونَ بعدَ أنْ عانقَتْ روحي عناقًا من لونِ عذوبةِ البحرِ؟! من الجهةِ الأخرى المقابلة لملوحةِ البحرِ، تيبّسَتْ شفاهُ أمّي، وهيَ تردِّدُ اِسمي، غابَتْ عن الوعي لكنَّهُ لم يغِبْ عن كينونتِها اِسمي، بدأتْ تردِّدُ اِسمي قبلَ أنْ تعبرَ شهقةَ السَّماءِ، بحارٌ من الهمِّ بيننا، معلّقٌ في انشراخِ سماواتِ غربتي، وهي هناكَ على مخدّةِ الوداعِ؛ وداعِ أحبَّتي وأنا تائهٌ بينَ أمواجِ الجنونِ؛ جنونِ الغربةِ، جنونِ الحنينِ، أليسَ جنونًا أنْ نعبرَ البحارَ تاركينَ خلفنا أمّهاتنا، يبحثْنَ عن قبلةٍ يطبعنَها فوقَ جباهِنا قبلَ أنْ يودّعْنَ الكونَ؟! أليسَ حماقةَ الحماقاتِ أنْ نعبرَ البحارَ بحثًا عن خرائطِ الاِخضرارِ، وهل على وجهِ الدُّنيا اِخضرارٌ يضاهي بسمةَ أمّي؟!
تطلبُ من إخوتي حضوري الفوريّ رغمَ أنفِ البحرِ، ورغمَ ضجيجِ الرِّيحِ، تطلبُني على جناحِ الموجِ ونداوةِ النَّسيمِ، يبكونَ من هذا العرضِ المستحيلِ، من هذا الطَّلب المعفّر بكلِّ تفرُّعاتِ الدُّموعِ، آهٍ، دموعي دموعٌ لا تجفِّفها المناديل! لا هاتف عبر البحارِ عندي، ولا حضارة العصر تفيدُني في الاِرتماءِ بين أحضانِ الحياةِ، أليسَتْ أمّي مَنْ أهداني للحياةِ؟.. ثمَّ أراني بعدَ ثلث قرن من الزَّمانِ مشلوحًا فوقَ بوَّاباتِ المدائنِ؛ مدائن غريبة عن دمعتي، غريبة عن وجنتي، غريبة عن شهقتي، مدائن من لونِ المودّةِ، من لونِ الثَّلجِ، من لونِ الاِنشراخِ؛ اِنشراخِ ذاكرتي إلى قناديلَ مشتعلة على اِمتدادِ اللَّيلِ، على مساحاتِ الحنانِ..
اِحتارَ الأحبَّةُ هناكَ خلفَ البحارِ البعيدة في تحقيقِ رغبةِ أمّي، تريدُ أن تقبّلني قبلةً واحدةً، قبلَ أنْ تعبرَ ضيافةَ السَّماءِ، قبلةً واحدةً لا غير، هلْ هذا كثير عليها أن تقبِّلَ آخرَ العنقودِ؛ اِبنها الّذي كانَ يركضُ خلسةً خلفَ الجرادِ، والفراشاتِ والعصافيرِ؟! كم ضحكَتْ بوداعةٍ مبهجةٍ عندما كنتُ أرتطمُ في خدودِ السَّنابلِ، وكانَتْ تزدادُ اِندهاشًا عندما كانَتْ تراني أقبِّلُ فراشةً، وأتركُها تطيرُ فوقَ بيادرِ المحبَّةِ، ثمَّ يزدادُ اِندهاشها عندما ترى صفاءَ دمعتي ينسابُ على رحابِ خدّي، هلْ كانتْ أمّي فراشةً يومًا، ولا أدري، هل سأصبحُ فراشةً يومًا ولا أدري، هل نحنُ البشر أجمل مِنَ الزُّهورِ؟! آهٍ، لو كنتُ زهرةً يانعةً فوقَ تخومِ الوادي، على قمَّةِ جبلٍ، فوقَ رابيةٍ مبرعمةٍ بالنَّفلِ، فوقَ شاطئِ البحرِ!
كيفَ سأخفِّفُ يا قلبي من جمرةِ الحنينِ، يتقدّمُ أخي نحوَ أمّي قائلًا لها: تفضّلي هوذا صبري، يقدّمُ لها صورةً كبيرةً من صُوَري المعلّقة فوقَ جدارِ الحزنِ، تحضنُ صورتي، تبتسمُ بسمةً تنعشُ غربتي، تقبّلُني قبلةً واحدة، ثمَّ تسلمُ الرُّوحَ عابرةً في قبّةِ السَّماءِ، وأنا من خلفِ البِّحارِ أنقشُ على الورقِ في الثَّواني نفسها، كيفَ يشيِّعونَ جنازةَ أمّي، هلْ بلَّغتْني فراشاتي الَّتي كنْتُ أقبِّلُها فوقَ بيادرِ العمرِ، أمْ أنَّ روحَها كانتْ تعانقُ روحي رغمَ أنفِ الكونِ، ورغمَ أنفِ البحرِ ورغمَ أنفِ الصَّخرِ والجمرِ ورغمَ اهتياجِ الرِّيحِ؟! هلْ نحنُ البشر باقات وردٍ من لونِ الماءِ، أمْ أنَّنا شهقةُ غيمةٍ ماطرةٍ فوقَ موجاتِ الحياةِ؟!
ذُهِلْتُ عندما شيّعوا جنازةَ أمّي، اِنكسرَتْ شجرةٌ في ساحةِ الدَّارِ من جذعِها المحاذي لسطحِ الأرضِ، اِنحنَتِ الشَّجرةُ ومالَتْ، ثمَّ اِنكسرَتْ أمامَ حشدٍ من المشيِّعين، هطلَتْ أسئلةُ أحبّتي على الرُّوحانيين، اِندهشَ الحشدُ، ولا ردَّ لهذا الاِنكسارِ، هلْ كنْتُ في نسغِ الشَّجرةِ هناكَ، أنحني مودّعًا أمّي، أم أنَّني كنْتُ نسمةً هائمةً فوقَ تواشيحِ الضَّريحِ؟!
وداعًا يا أمّي، يا زهرةً منبعثةً من أرخبيلاتِ الكونِ، روحي عانقَتْ أمّي مثلما كانتْ تعانقُ زرقةَ السّماءِ، جاءَني صديقٌ بناءً على طلبي، عيناي حمراوان: ماذا حصلَ، قالَ صديقي؟! أمّي ستودّعُ الكونَ هذهِ اللَّيلة، أو في الصَّباحِ الباكرِ على إيقاعِ شهيقِ الشُّروقِ!
هلْ جاءَكَ خبرٌ يا صديقي؟ قالَ صديقي.
كيفَ سيأتيني وأنا معلّقٌ بينَ خيوطِ الغربةِ، ولا وسيلة اتِّصالٍ إلى عناقِ ذبذباتِ الرُّوحِ؟! كيفَ راودَكَ هذا إذًا؟! روحي يا صديقي، توغّلَتْ في دكنةِ اللَّيلِ عبرَ البحارِ! هزّ رأسَه؛ متصوِّرًا أنَّني أهذي، أو ربّما أصابتني رجَّة في شرانقِ غربتي.. هدّأني، اِبتسمْتُ وأنا غارقٌ في حزني قائلًا: نحنُ أشبهُ ما نكونُ فراشات تشتعلُ من وهجِ الشَّوقِ، من وهجِ العناقِ، عناقُ الرُّوحِ أعمق من أنواعِ العناقِ كلها، ما كانَ يفهمُني؛ ربّما كانَتْ لغتي تلامسُ شظايا الاِنشطارِ؛ اِنشطارِ الرُّوح على مساحاتِ الاِشتعالِ!
عندما سمعَ لاحقًا، وسمعْتُ أنا الآخر، جاءَني، قبّلَني، متسائلًا بانذهالٍ: ما هذا التَّواصل الرُّوحي العميق يا أصدقَ الأصدقاءِ؟! بسمةٌ حائرة اِرتسمَتْ حولَ حافّاتِ بئري، قائلًا: هل تأكَّدْتَ الآنَ يا صديقي أنّني ما كنْتُ أهذي؟ مع أنَّني كنْتُ أتمنّى في قرارةِ نفسي لو كنْتُ أهذي وأهذي، حنينٌ من أعماقِ صحارى الرُّوحِ يشدُّني نحوَ دفءِ الشَّرقِ، نحوَ هداهدِ القلبِ، نحوَ مرابعِ الطُّفولةِ، نحوَ مسقطِ الرَّأسِ، نحوَ عظامِ الأهلِ، نحوَ هلالاتِ النُّجومِ الغافية بينَ جوانحِ الحلمِ!
مَن يستطيعُ أنْ ينتشِلَني من اِندِلاقِ هذه البراكين سوى قلمي؟ أهلًا بكَ يا قلمي، تعالَ؛ كي أزرعَ رحيقكَ بين عشبةِ القلبِ وشهقةِ الرُّوحِ؛ كي أرسمَ فوقَ بيادر غربتي ترتيلةً من لونِ المحبّةِ، من لونِ فراشةٍ موشومةٍ فوقَ بسمةِ أمٍّ متعانقةٍ معَ هلالاتِ الرُّوحِ، مع صعودِ بخورِ القلمِ!
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle