سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

تحليل مثير لعالمنا الافتراضي.. ما علاقته بالواقع؟

كتاب ” عالمنا الافتراضي؛ ما هو وما علاقته بالواقع؟” يتوجَّه بشكل خاص إلى الذين يلتبس عليهم أمر الواقع الافتراضي. ومؤلِّف هذا العمل هو الفرنسي بيير ليفي، أستاذ الفلسفة في جامعة باريس، وهو ليس بعيداً عن هذا الحقل المعرفي، فله مؤلفات سابقة عن الخيال الصناعي، وتقنيات الذكاء، وعن برامج الحوسبة وأنثروبولوجيا الفضاء السيبراني، لكنه في هذا الكتاب بات أوضح لأنه صاغ فيه أكثر من فرضية ترتبط بتخوف أصبح متأصلاً في مجتمعاتنا عن احتمال الانفصال عن الواقع جرّاء الاستغراق في العوالم الافتراضية. لكنه ينقضها جميعها؛ لأنه لا يفضل السيناريوهات التشاؤمية التي تذهب إلى اقتراب حدوث انهيار كامل للمفاهيم التقليدية للزمان والمكان، أو أن البشر يعرّضون أنفسهم بسبب انسحاقهم الرقمي إلى خطر الاختفاء الشامل، كما أشار من قبل الفيلسوف الفرنسي جون بودريار.
يكتب ليفي: “إن الافتراضي المعرّف تعريفاً دقيقاً لا يمتّ إلا بِصِلَة ضعيفة إلى الزائف أو الوهمي أو الخيالي. ليس الافتراضي ضد الواقعي أبداً. إنه على النقيض من ذلك، نمط وجود خصب وقوي يثري عمليات الإبداع ويفتح آفاق المستقبل ويحتفر آباراً من المعاني تحت سطحية الوجود الفيزيائي الآني”.
ويدلِّل الكاتب على رأيه هذا عبر الكتاب الذي توزعت صفحاته على تسعة فصول تعقبها خاتمة حملت عنوان: “أهلاً بكم في دروب الافتراضي” التي تؤكد توجهه المتفائل. فالعالم الافتراضي، إذاً، حسبما يطرح ليس مخيفاً، بل هو عالم رحب يتيح فضاءات مغايرة وسرعات جديدة ويفتح أوساطاً جديدة للتفاعل.
ويرصد ليفي، وفقاً لمفهومه الخاص عن الافتراضي ليس باعتباره بديلاً عن الواقع الملموس وإنما باعتباره امتداداً له. ويؤكد في رصده هذا وتتبعه لهذه الظاهرة على أنه “لا علاقة للافتراضية بعالم مزيف أو خيالي، بل على النقيض من ذلك، فالتحوُّل إلى الافتراضي هو دينامية العالم المشترك وهو الذي نتقاسم الحقيقة من خلاله”.