سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

تأجيل الانتخابات بإقليم كردستان جزء من استراتيجية الحرب

 استيرك كلو_

مرةً أخرى أعلنت المفوضية العليا للانتخابات تعليق العمل بإجراءات الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان وذلك بعد صدور أمر “ولائي” من المحكمة الاتحادية العراقية. القرار الذي وصفه مراقبون بأنه تمهيد لتأجيل الانتخابات بعد عامين من صدور قرار تنفيذها.
ازدحم الشارع الدبلوماسي في تقديم الذرائع والحجج لبعض القوى من قبل إدارة حزب الديمقراطي الكردستاني، وخاصةً بعد فقدانه نسبة كبيرة من المقاعد البرلمانية ورفض الحكومة العراقية لسياسته في تقديم مصالحه على حساب مصالح شعب الإقليم وشعب العراق أيضاً، وخاصةً في مسألة تجارة الغاز والبترول بطرق غير شرعية لصالح تركيا.
توجهت قيادة الحزب كل من مسرور البرزاني ونيجيرفان البرزاني إلى واشنطن وطهران بعد تشديد ضغط أنقرة على أنفاسهم حتى لا تخسر الأخيرة هذه الإدارة التي تعتبرها المنفذ الهام في تلبية مصالحها الاقتصادية والسياسية على حدٍ سواء. إن زيادة استياء العراق من سياسة حزب الديمقراطي الكردستاني وخاصةً في مسألة احتضان المصالح التركية، جاء من بعد فتح أبواب هولير على مصرعيها أمام أنقرة وقد توضح ذلك بعد زيارة أردوغان للإقليم وتوضح إن المنطقة تسير على توازنات إذا ما اختلت أي حلقة منها تؤثر على الأخرى وهذا بحكم ما تحمله الظروف السياسية للمرحلة.
تأجيلٌ حذرٌ ومشحون بعواقب ربما لم ترجع إيجاباً لبعض القوى وأولها إيران التي تحاول الحفاظ على مائدتها الدسمة في العراق أولاً، ثانيها، أنقرة التي تهرع وراء شرعنة غزوها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي لهولير عبر طرق عديدة ومنها عن طريق اللعب على الوتر التركماني وخاصةً في كركوك التي تواجه تحديات جادة مع الاتحاد الوطني الكردستاني اليقظ حالياً أمام ضغوطاتها وذلك عبر إصرارها في إجراء الانتخابات وعدم التأجيل. وإذا ما قرأنا تحت السطر تأجيل الانتخابات البرلمانية وإصرار الحزب الديمقراطي الكردستاني في المقاطعة، سنجد بأنه خائف من فقدان سيادته؛ وذلك بعد فقدان العديد من الوزارات والمقاعد البرلمانية. أما بخصوص ما تتبعه تركيا في هذه المرحلة، فهو كسب الوقت لاستكمال استراتيجية تصفية المنجزات الكردية التي تخطط لها منذ عقود وذلك عبر شن هجمات أوسع نطاق على مناطق الدفاع المشروع، مثلما حصل في هجمتها الأخيرة على متينا.
 وإلى جانب ذلك اتخاذ هولير مركز لتقوية هذه الهجمات، لذا فإن خوف تركيا من خسارة البرزاني في الانتخابات، نابع من فقدانها لهذا المركز الحياتي لها في حربها ضد الشعب الكردي. وحتماً لنتائج الانتخابات دور هام في هذه المرحلة، ولكن ليس خافياً بأن تقاطع مصالح هذه القوى على حساب مصالح الشعب الكردستاني سيكلفها الكثير سواء على صعيد الإقليم أو على الصعيد الكردستاني، وخاصةً ستكون هزيمة كبيرة بالنسبة إلى سيادة البرزاني الذي يفضل بهذه الطريقة الوصاية التركية على تقوية علاقاتها مع الحكومة العراقية، بل وشرعنة هذه السياسة عبر تقديم تنازلات لا تصب في مصلحة الشعب الكردستاني. تركيا تحاول الفوز “بالجمل بما حمل” ولكنها خسرت الكثير من نفوذها إلى درجة فقدان ثقة القوى الإقليمية بقدراتها في التحكم بسياسة المنطقة. وكان لموقف الشعب الكردستاني في شمال كردستان في العملية الانتخابية ومقاومة حركة التحرر الكردستانية الدور الرئيسي في ذلك. لذا؛ يبدو من الصعب الحصول على ما تريده وحتى إن تأجلت الانتخابات إلى إشعار آخر.