بوكو حرام تنظيم إرهابي يتبع القاعدة

محمد تقي (باحث سياسي)-

يظن الرأي العام أن جماعة “بوكو حرام” ولدت بعد مرتزقة الدولة الإسلامية بالعراق والشام المعروف باسم “داعش”، ولكن حقيقة الأمر أن بوكو حرام عمرها يسبق تنظيم داعش بعشر سنوات، وفكرياً هم أبناء العباءة الأوسع لمختلف التنظيمات الأصولية وأحدث امتداد لأفكار سيد قطب وعبد الله عزام وابن لادن وغيرهم من أصحاب الفكر التكفيري.

فبوكو حرام أو جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد المعروفة بالهوساوية أو باسم بوكو حرام ومعناها “التعاليم الغربية حرام” تأسست في كانون الثاني عام 2002م على يد شاب نيجيري لم يكمل تعليمه اسمه محمد يوسف، والذي تأثر وانجذب بشدة لأفكار تنظيم القاعدة وبشخص أسامة بن لادن وباقي نجوم عالم الإرهاب.

فقد أسس محمد يوسف قاعدة “الجماعة” أو “أفغانستان” كما تم تسميتها في كناما بولاية يوبة النيجيرية، وفي عام 2004م انضم له ما يقارب من 200 شاب من تشاد حتى اتسعت حركة الجماعة وزاد نشاطها ودخلت في صدمات حادة مع أهالي مدينة باوتشي.

وفي تموز عام 2009م قامت الشرطة النيجيرية بالتحري عن عناصر تلك الجماعة التي باتت تهدد بشكل واضح وصريح أمن البلاد واستقرارها، خاصة بعد تلقي تقارير أفادت بقيام الجماعة بتسليح نفسها.

وبعدها تم القبض على عدد من قادة الجماعة في باوتشي مما أدى إلى اشتعال اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن النيجيري وقدر عدد الضحايا وقتها بحوالي 150 قتيل، وفى تلك الفترة لم تتوقف الجماعة ساعة واحدة عن العنف، وأثناء تلك الفترة قدمت قناة الجزيرة القطرية فيلم تسجيلي عن جماعة “بوكو حرام” وقدمتهم على أنها جماعة دعوية خيرية لا علاقة لها بالعنف وإراقة الدماء.

حتى جاء أيلول عام 2010م لتنفذ جماعة بوكو حرام عملية واسعة لتهريب عناصرها المسجونين بمعتقلات ولاية باتوشي، وتم تهريب أكثر من 700 تكفيري مثلوا خطراً شديداً على الأمن والشرطة النيجيرية في ذلك الوقت، وهي عملية تتشابه كثيراً بما فعله عناصر الإخوان وحركة حماس يوم 28 كانون الثاني 2011م بمصر، عندما نفذوا عملية تهريب قياديين إخوان على رأسهم الرئيس المتوفي محمد مرسى، ونفس الأمر كرره إخوان صنعاء في عام 2014 بعد اقتحام سجن صنعاء وتهريب عناصر تابعة للإخوان منه.

وفي نيسان 2014م قامت بوكو حرام بتنفيذ عمليات جديدة في الشكل بعد اختطاف 276 فتاة من مدرسة ثانوية بمدينة غووزا شمال نيجيريا، واستغلت جماعة بوكو حرام البعد العرقي في نيجيريا وهو الأمر الذي كان له دور كبير في تنامي نفوذ جماعة بوكو حرام.

حيث تتشكل نيجيريا من قبيلتين كبيرتين هما “الهاوسا” وأغلبهم من المسلمين وقبيلة “الإيبو” وغالبيتها من المسيحيين، وكثيراً ما تحدث اشتباكات دينية وعرقية بين القبيلتين، وفي هذه الأثناء تطرح جماعة بوكو حرام نفسها كمدافع عن الإسلام.

وبعد الأحداث التي تطرقنا لها بنيجيريا، بالتزامن مع توضيح ما أصبحت عليه ليبيا في مقالات سابقة، وكيف تم إعداد تدمير كافة مؤسساتها بعد قصف مقاتلات الناتو لها، وانتشار الجماعات الإرهابية فيها، كي تتحول ليبيا لأرض خصبة تستقبل الإرهابيين من نيجيريا ودلتا النيجر ثم يستقروا هناك أو تكون لهم ممراً للعبور إلى سوريا، نستطيع القول أن التدخل التركي الفج في ليبيا أكمل الحلقة المفقودة بوسط السلسلة، سلسلة الإرهاب من نيجيريا غرباً مروراً بليبيا ثم سيناء ثم غزة وصولاً  لسوريا والعراق أقصى شرق الإقليم، كي يتم ربط وتلغيم هذا الشريط الطويل الرابط بين أقصى غرب أفريقيا مع أقصى شرق آسيا بمئات التنظيمات الإرهابية والتكفيرية وجميعها تتحرك حسب عقل الاستخبارات التركية وبأموال قطرية.

وفي ظل ذلك لا ننسى أن المخزون النفطي في غرب أفريقيا كان السبب في ظهور داعش كحال سبب ظهورهم في مناطق النفط والغاز بسوريا والعراق وليبيا، خاصة عندما نعلم أن دولة غينيا الاستوائية (بغرب أفريقيا) توفر أكثر من 22% مما تستورده الولايات المتحدة من النفط.