سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

بهزاد قاسم: “شعوب شمال سوريا الوحيدة التي تدعو إلى وحدة الأراضي السورية”

قال الكاتب والسياسي الكردي بهزاد قاسم: “يبدو أن هناك توافقاً بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا حول توكيل مهمة إدارة معظم ملف الأزمة السورية إلى روسيا هذا ما يظهر من خلال الأحداث المتلاحقة في المنطقة، وأن تركيا لا تملك السيطرة الكاملة على كل التنظيمات الموجودة في إدلب، ولا تستطيع الوفاء بالتزاماتها حول المنطقة العازلة من استبعاد تلك التنظيمات عن خطوط التماس”.
وأضاف: “وانتهاء عمليات شرق الفرات ضد داعش لا يعني نهايته؛ لأن لداعش أيديولوجية متطرفة، ورغم تصريحات كل الجهات التي تحارب داعش بالقضاء عليه مع انتهاء عمليات الباغوز، إلا أنه سابق لأوانه الحديث عن زوال خطر داعش الإرهابي والقضاء عليه. وسوريا لم تعد موجودة كدولة على أرض الواقع، ولم تعد هناك إمكانية لعودة سوريا كدولة مركزية من جديد”.
جاء ذلك في حوار أجراه آدار برس مع الكاتب والسياسي الكردي، بهزاد قاسم وكان الحوار على الشكل التالي:
ـ قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريح له “إن بنود الاتفاق الذي توصلت إليه روسيا وتركيا حول إدلب، لم تُنفذ بشكل كامل بعد”، هذه الاتفاقية التي كان من شأنها أن تخلق استقرار ووقف التصعيد في إدلب، ما تعليقكم على ذلك؟
حقيقة يُعتبر موقف الحكومة الروسية من الأزمة السورية منذ بدايتها، موقفاً استراتيجياً يهدف إلى عودة سلطة روسيا السيادية محلياً وإقليمياً ودوليّاً بصفتها قوة عظمى ولا بد من حماية مصالحها بالوصول إلى المياه الدافئة، وسوريا باعتبارها في قلب الشرق الأوسط؛ كان لا بد أن يكون لها الدور الفاعل. لذا؛ دخلت روسيا بقوة وبفاعلية في الأزمة السورية وتعد الآن من أكثر الدول تأثيراً وفاعليةً على مجريات الأحداث في الأزمة السورية. واستطاعت فرض خيارات كثيرة وتغيير مجريات الأحداث. ويبدو أن هناك توافقاً بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا حول توكيل مهمة إدارة معظم ملف الأزمة السورية إلى روسيا، وبالنظر إلى الاستراتيجية التي اتبعتها روسيا بعد دخولها في اللعبة السورية؛ عملت على دفع جميع الأطراف المتصارعة على الأرض السورية، الدوليين منهم والإقليميين والمحليين، للقبول بالطرف الروسي كطرف ضامن وطرف رئيسي ضمن جميع الاتفاقات. ومن المعلوم أن إدلب تسيطر على الجزء الأكبر منها جبهة النصرة وبعض التنظيمات الإرهابية الأخرى، منها المرتبطة بداعش، وأعتقد أن أهم بنود الاتفاق الروسي التركي بشأن إدلب هو انشاء منطقة عازلة من السلاح الثقيل والخفيف بعرض خمسة عشرة كيلو متراً بين قوات النظام من جهة وقوات المعارضة من جبهة النصرة وكل التنظيمات المتشددة والإرهابية من جهة أخرى، وهذا الاتفاق يؤكد عمق العلاقة وارتباط تلك التنظيمات بتركيا. ويمكننا القول إن الاتفاق هو تحميل تركيا مسؤولية جبهة النصرة والتنظيمات الأخرى من جهة، وإدانة واضحة وصريحة لتركيا باعتبار هذه التنظيمات تتحرك بأوامرها من جهة أخرى.
ـ ما تقييمكم للمبادرة الروسية التركية الإيرانية (آستانا) من حيث النتائج حتى اللحظة، وماذا عن اللجنة الدستورية التي لم يتطرقوا فيها إلى مشاركة الكُرد؟
بشأن المبادرة الروسية التركية الإيرانية، أعتقد أنها تأتي استكمالاً للمبادرة الروسية التركية، حيث يبدو أن الاتفاق التركي الروسي حول المنطقة العازلة يتم خرقها من قبل النظام السوري بإيعاز من إيران، لأن إيران أرادت أن تدخل كطرف ضمن كل ما تم الاتفاق عليه بين روسيا وتركيا، فجاءت المبادرة ثلاثية بدلاً من ثنائية. حيث أن المبادرة الثلاثية تضع إيران وتركيا أمام مسؤوليات تنفيذ الاتفاق، ويبدو من الأحداث المتلاحقة أن تركيا لا تملك السيطرة الكاملة على كل التنظيمات الموجودة في إدلب، ولا تستطيع الوفاء بالتزاماتها حول المنطقة العازلة من استبعاد تلك التنظيمات عن خطوط التماس. لذلك؛ نجد روسيا تحذر تركيا دائماً بأن النظام وإيران يستعدان لشن هجوم على إدلب، كما أعتقد أن المبادرة السياسية الثلاثية (روسيا ـ إيران ـ وتركيا ) تعتبر ضغطاً على تركيا وإلزامها تنفيذ بنود اتفاق المنطقة العازلة أكثر مما هي اتفاق ثلاثي، فنجد التصريحات المتعاكسة بين التنظيمات المعارضة والمتشددة والإرهابية، وتصريحات النظام السوري حول عدم التزام الطرف الآخر ببنود المنطقة العازلة ووقف إطلاق النار. لذا؛ نجد أن النظام يهدد باجتياح إدلب وكل الدلائل تشير إلى ذلك. يبدو أنه في إدلب سيكون هناك حسم للحسابات للدول الإقليمية وخاصةً إيران وتركيا، ولا أظن أنها ستمر دون حسم عسكري على الأرض، وأعتقد أن روسيا استطاعت بذكاء من خلال الاتفاقيتين التحكم التام بكل ما يجري وسوف يجري في إدلب والتحكم التام بالموقف التركي والإيراني من خلال توازن القوتين الإقليميتين وتعارض مصالحهما.
ـ كيف ترون مستقبل منطقة شرق الفرات بعد القضاء على داعش؟ وهل القضاء على داعش عسكرياً يعني نهايته؟
مع انتهاء عمليات شرق الفرات والقضاء على داعش لا اعتقد أن مرتزقة داعش سيقضى عليهم نهائياً؛ لأن لداعش أيديولوجية متطرفة، ورغم تصريحات كل الجهات التي تحارب داعش بالقضاء عليه مع انتهاء عمليات الباغوز وتحقيق الاستقرار النسبي في شرق الفرات. إلا أنه سابق لأوانه الحديث عن زوال خطر داعش الإرهابي والقضاء عليه، فهناك آلاف الخلايا النائمة ما زالت متواجدة على طرفي الحدود بين سوريا والعراق. أما بالنسبة إلى مصير شرق الفرات، فأعتقد أن سوريا لم تعد موجودة كدولة على أرض الواقع، ولم تعد هناك إمكانية لعودة سوريا كدولة مركزية من جديد. إن حدود سايكس بيكو انتهت مع بداية الأزمة السورية، وللأسف لم يبقَ حامٍ واحد لحدود سايكس بيكو ويدعو إلى وحدة سوريا أرضاً وشعباً، وشعوب شمال وشرق سوريا هي الوحيدة التي تدعو إلى وحدة الأراضي السورية، لذلك نحن أمام مشروع تقسيم سوريا والمنطقة باتفاق أمريكي وروسي وتعاون أوروبي إلى حدٍ ما.
ـ ماذا عن الحدود الآمنة التي تطالب بها الحكومة التركية؟ وما رأيكم فيما صرح به بعض قيادات المجلس الوطني الكردي بأن الحدود الآمنة يجب أن تكون تحت سيطرة تركيا؟
بالنسبة للحدود الآمنة وشكلها وترتيبها والقوى التي ستسيطر عليها في شمال سوريا، تضع روج آفا وشمال سوريا أمام منعطف خطير يهدد المنطقة بشكل كامل، فمازال هناك صراع واختلاف بالمواقف حول طبيعة وشكل وهدف هذه الحدود بين الأطراف المتصارعة في الأزمة السورية، وبخاصة تركيا والمعارضة السورية وأوروبا من جهة وأمريكا وروسيا من جهة أخرى، فتركيا تريد ومعها المعارضة السورية الموالية لها تنفيذ مشروع جديد وحدود تسمى آمنة ولكن على الواقع احتلال. وأعتقد أن روسيا والولايات المتحدة الأمريكية تتحكمان بكل مجريات الأحداث في المنطقة، وهاتان القوتان متفقتان على تبادل الأدوار والتعاون والحفاظ على مصالح بعضهما البعض، وترتيب المنطقة وفق تلك المصالح؛ لأن روسيا لا يمكن أن تترك المنطقة وسوريا والتي تُعتبر من أهم المناطق الحيوية والاستراتيجية المؤثرة على روسيا، بالنظر لقربها من الحدود الروسية والتي تؤثر مباشرةً على الأمن القومي الروسي ما عدا الاقتصادي والسياسي والعسكري وكل المجالات الأخرى. أما بخصوص تصريحات بعض قادة المجلس الوطني الكردي حول أن تكون الحدود الآمنة تحت سيطرة تركيا، حقيقةً إن وجدت فهي لا تُقدِّم ولا تُؤخر، لأن القرار ليس بيدهم ولا بيد تركيا، بل القرار سينفذ وفق مصالح أمريكا، وروسيا والقوى الدولية الفاعلة.