انطلقت فعاليات الدورة الثالثة لمعرض بغداد الدولي للكتاب التي تستمر خلال الفترة من 7-17 من شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وذلك بمشاركة أكثر من 350 داراً للنشر عراقية وعربية تُمثّل 20 دولة.
وأفادت المديرة العامة للشركة العامة للمعارض والخدمات التجارية العراقية “زهرة الكيلاني” في تصريح لها بهذه المناسبة، بأن: “المعرض سيشهد إقامة عدداً من الفعاليات والجلسات الفكرية والثقافية، التي سيُساهم فيها مثقفون وكتَّاب من العراق والدول العربية وجلسات شعرية وحفلات توقيع كتب وأخرى فنية متنوعة”.
وقالت زهرة، إن: “المعرض سيشهد مشاركة أكثر من 350 داراً للنشر عراقية وعربية، من 20 بلداً، وإنه سيكون برعاية مؤسسة (المدى للإعلام والثقافة والفنون) وبالتنسيق مع الشركة”.
وأوضحت، أن: “الهدف من إقامة مثل هكذا معارض هو تعزيز المساهمة في إشاعة القراءة، وتداول الكتاب وتيسيره بكل الوسائل لإغناء الحركة الثقافية ونشطائها”.
ولفتت إلى، أن: “المعرض هو رافد من روافد الثقافة وملتقى لتبادل الأفكار والرؤى الثقافية والاجتماعية، والتعرف على عادات وتقاليد الشعوب ونتاجاتهم الفكرية”.
ومن الكتّاب المشاركين: محسن الرملي من العراق، وفراس السوّاح من سوريا، ومحمّد النعّاس من ليبيا، وبثينة العيسى من الكويت، وبشرى خلفان من البحرين، وهانا دوبغن من ألمانيا، وبيدرو إنريكيث من إسبانيا، واتسومو إوكادا من اليابان، وكزافير لوفن من بلجيكا.
معالم تراثية تظهر خلال المعرض
ويحمل المعرض اسم المفكّر العراقي هادي العلوي (1932 – 1998). وفي هذا السياق، يُخصَّص عدداً من الجلسات لمناقشة سيرته وفكره ومنجزاته الثقافية، كما يجري نصب منحوتةً له داخل المعرض الذي سبقت انطلاقَه حملة ترويجية بدأت قبل أسابيع؛ حيث عُلّقت في عددٍ من شوارع بغداد صُوَر للعلوي بالأبيض والأسود للتعريف به ولفت الانتباه إلى الدور الكبير الذي قام به خلال مسيرته الفكرية.
وتميّزت الحملة بطابع كلاسيكي؛ حيث جاءت ملصقاتها المنجَزة بالأبيض والأسود مُحاكيةً لتصاميم القرن الماضي، في إحالة إلى فترة ذهبية بنتاجها المعرفي وشخصيّاتها المؤثّرة، واستعادت معالم تراثية من بغداد وعناصر من تاريخها الثقافي؛ مثل: كتاب “دوحة الوزراء في تأريخ وقائع بغداد الزوراء” لمؤلّفه رسول حاوي الكركوكلي، والذي يُعدُّ أقدم مطبوع عُثر عليه في العراق؛ وأوّل مطبعة حجرية أُسّست في بغداد عام 1816، وكانت تطبع “جورنال العراق”؛ أول صحيفة عراقية.
استعادت الملصقات أيضاً “ابن الشرق”؛ وهو أوّل فيلم عراقي أُنتج سنة 1945، ويروي قصّة شاب عراقي يسافر إلى القاهرة لاستكمال دراسته في الطبّ، إضافةً إلى كتاتيب بغداد في القرن الماضي، ومكتباتها القديمة؛ مثل “مكتبة النهضة” التي أسّسها عبد الرحمن صاحب حياوي في “شارع المتنبّي” عام 1957، و”مكتبة المثنّى” التي أسّسها قاسم محمّد الرجب في “سوق السراي” عام 1935.
لدى قرّاء العراق معادلة أخرى فالأوقات كلّها أوقات ذروة، حيث يعدونه كرنفال، كما يقول الشاعر صفاء سالم إسكندر، الذي يوضح أكثر في حديثه لوكالة Rojnews: “ها نحن ذا ننتقل من عرض الكتب إلى جو الكرنفال، وما يشكل أفضلية المعرض هو حضور الكتاب العرب، الأمر الذي زاد من عدد الحضور والمعجبين”.
بغداد عادت من جديد تنبض بالحياة
ويعلّق الصحافي حيدر الربيعي على دور المعرض الثقافي والإنساني في مدينة مثل عاصمة الرشيد قائلًا: “الصورة السوداوية التي رُسِّمت عن بغداد وشوهت من خلالها طيلة السنوات الماضية، لم تعد موجودة، وخير دليل على ذلك كل النشاطات والمناسبات التي تحتضنها العاصمة، واليوم معرض بغداد للكتاب، الذي أسهم في تأكيد عودة بغداد المدينة التي تكتب وتقرأ وتطبع، وحفز عدداً كبيراً من الشباب البغدادي بالتوجه نحو قراءة الكتاب والمطالعة في وقتٍ يُقال إن القراءة تراجعت”.
يأتي مثقفون وكتّاب من مختلف المدن العراقية، من البصرة هناك الروائي ضياء جبيلي والشاعر محمد حاذور، ومن الحلّة عاصمة بابل الشاعران مازن المعموري وحيدر الفيحان، ومن جبل سنجار تحضر مجموعة من الشعراء الشباب من بينهم زيدان خلف وعماد بشار وسرمد سليم.
بالإضافة إلى العديد من كتّاب المنفى العراقي مثل الروائيين علي بدر ومحمد حياوي، والقاص أزهر جرجيس، والشاعر والباحث جمال جمعة إلى جانب هؤلاء، تلتقي بشعراء بغداد مثل عبد الزهرة زكي وزعيم نصار وأحمد عبد الحسين، والروائيان سعد محمد رحيم وأحمد سعداوي.
يقول الشاعر الشاب زيدان خلف: “هذا أول معرض دولي للكتاب تسنح لي فرصة زيارته، ومن هول الفرحة رحت أنكب على الكتب الجديدة والقديمة أيضاً، إذ أنّ المنطقة التي نعيش فيها تعاني من شح الكتب، وهذا ما جعلنا شغوفين أكثر بزيارة معرض لم يُخيب ظنوننا”.
