سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

بعد عشر سنوات من الثورة السورية.. التّجربة الديمقراطيَّة في شمال وشرق سوريا حلٌ جذري للأزمة

عين عيسى/ حسام اسماعيل ـ

عشر سنوات انقضت على اندلاع الثورة السوريّة دون الوصول الى الأهداف التي أرادت الشعوب السوريّة ابتغاءها، في ظل التدخّلات الدولية، وتشعّب مصالحها على الأرض السوريّة، في حين أن كافة المبادرات والمنصات التي حاولت الوصول إلى الحل السلمي للأزمة السوريّة لم تحقق المَرجو منها، فهلْ تُعمم التجربة الديمقراطيَّة لشُعوب شمال وشرق سوريا كحلٍ جذري للأزمة السوريّة؟!.
وبمناسبة الذكرى العاشرة لاندلاع الثورة السوريّة كان لصحيفتنا حواراً مع رئيس حزب سوريا المستقبل إبراهيم القفطان، وكان الحوار كالتالي:
يُصادف 15 آذار الذكرى السنوية لاندلاع الثورة السوريّة، ماذا حققت هذه الثورة خلال السنوات الماضية على كافة الأصعدة، وماذا حققت للشعوب السوريّة؟
منذ خروج السوريين في احتجاجات في الخامس عشر من شهر آذار من عام 2011، لم تتوقف مآسيهم إذ سرعان ما تحولت أحلامهم إلى كوابيس مستمرة مع سيطرة لغة الرصاص والدم وغياب الهتافات والأناشيد.
لقد راودت السوريون نفس الأحلام التي راودت المصريون والتونسيون قبل عشر سنوات، فبعد الإطاحة بحكم زين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر، تفاءل السوريون بالنتائج التي حققتها المظاهرات في كلا البلدين، وخرج العشرات من الشباب احتجاجاً على البطالة وتفشي الفساد وغياب الحريات السياسية.
لكن سرعان ما تحولت تلك الاحتجاجات إلى أعمال عنف مع اعتقال قوات الأمن السوريّة عشرات المتظاهرين وتعذيبهم بشكل وحشي في السجون، واتسعت رقعة المظاهرات لتشمل معظم المدن والبلدات السوريّة، وشيئاً فشيئاً برزت المجموعات المسلحة للمعارضة، وبعدها اعتمدت المعارضة على الأطراف الدولية لإسقاط النظام السوري على غرار ليبيا ومصر تونس، من خلال القوى الدولية وهذا ما عقّد المسألة السوريّة أكثر بعد تدخّل الدول الإقليمية والدولية وانتهاج استراتيجية المصلحة لدولهم أولاً، ومن ثم الثورة السوريّة الى أن وصل الحال بسوريا الى ما وصل إليه، وتحولت إلى حرب أهلية وكذلك ارتماء البعض منهم في أحضان الدول الإقليميَّة، وتحولهم إلى مُرتزقة يعيشون على أمل الدول الأخرى لتحقيق أجنداتهم كما يحصل الآن للمرتزقة السوريين المُرتبطين بالاحتلال التركي .
 وبالعودة الى ما حققته الثورة السوريّة لا شك أن هناك شيء مهم تم تحقيقه، وهو فضح الأنظمة الاستبدادية والوقوف في وجهها وتعريتها من لباسها القومي والديني تحت اسم دول الممانعة والصمود والتصدي، وتبيّن أنها دول تقف بوجه شعبها وليس ضد أي احتلال او اعتداء خارجي، ونريد أن نذكّر بأن من يريد نجاح الثورة عليه العمل مع كافة القوى الوطنية الديمقراطية التي تتمثل بالتجربة الديمقراطية في شمال وشرق سوريا.
 ـ بعد التدخّل الدولي السياسي والعسكري مما أدى إلى انحراف مسار الثورة السوريّة، وتفريغها من مضمونها في إحداث تغيير شامل إلى أين تتجه الثورة السوريّة، ما هي الثورة الحقيقية من وجهة نظركم؟
لا شك كما ذكرنا أن تدويل الأزمة السوريّة حوّل الثورة إلى مطية لكافة الدول التي تريد أن ترسل رسائل إلى دول أخرى، وتحقق مصالحها من خلال البريد السوري، وهذا ما أفرغ الثورة السوريّة من محتواها الحقيقي، ومبدأها التي خرجت من أجله وهو مطلب الحرية والديمقراطية، ونحن نعلم أن الثورة السوريّة تتجه إلى المجهول لأنّه إن لم تتفق مصالح الدول لن يكون هناك حل للأزمة السوريّة، وهذا ما نُلاحظه الآن من خلال الدول المُتدخلة) روسيا ـ  ايران ـ  تركيا ـ  أمريكا)،  ونرى بأنَّ الأطراف السوريّة مُعتمدة على اختلاف الدول في تحقيق مصالحها، وتحقيق مآرب آنيَّة، وليست استراتيجية للخُروج من الأزمة السوريّة.
فالثورة الحقيقية يلزمها عقلانية  تكاتف  تنظيم، وهذه العوامل الثلاثة من شأنها دفع الشعوب نحو الإرادة الحقيقية، وكفيلة بأن تحصل الشعوب على أهدافها المرجوة لكن ما حصل من تغيير في مسار الثورة السورية أحدث رداً عكسياً على أغلب شعوب منطقة الشرق الأوسط، فأصبحت الفوضى تعم أرجاءها في ظل انتشار مظاهر التسليح والضخ الخارجي، وسرعان ما تحولت إلى حرب أهلية لتتصارع القوى الإقليمية لأجل الاستيلاء لتحقيق أهدافها.
كانت الثورة بمثابة خلاص من الاضطهاد لأغلب شعوب الشرق الأوسط، ونجحت عدة دول عربية بالحصول على أهدافها الثوريّة، ولا زالت سوريا تعاني القتل والتشرد بسبب انحراف مسار الثورة،  تدخّل ميليشيات مُرتبطة بالسلطة الحاكمة وببعض الدول المتطرفة دينياً.
بعد كل هذا الصراع والتشتت وغياب بوادر الحل في سوريا تحولت المنطقة إلى سوق وساحة عرض للقوة والأسلحة المتطورة لهيمنة مصالح الدول الإقليمية والسيطرة على ثروات وموارد الشرق الأوسط، وبقيت شعوب المنطقة تعاني من الظلم والاضطهاد والسرقة.
ـ إلى أي مدى تستطيع الشعوب في ظل التدخّلات الدوليّة وتشعّب مصالحها على الأرض السوريّة تصحيح مسار الثورة، وهل تعتبر ثورة روج آفا في شمال وشرق سوريا نموذج الحل لسوريا المستقبل؟
لا شك الذي يستطيع تصحيح مسار الثورة السوريّة هم الشعوب السورية لأنهم النواة الحقيقية لأي ثورة، وليست الأنظمة أو الدول رغم أن هناك عوائق كما ذكرنا في تدويل الأزمة السوريّة، وتشعب المصالح الدولية والإقليمية لكن علينا أن نحدد كيف تستطيع الشعوب تصحيح هذا المسار، وهو الاعتماد على الذات، والتقاطع مع الدول الأخرى  ضمن تحقيق المصالح المشتركة لكل الأطراف، وليس لطرفٍ على حساب طرفٍ آخر، وبالعودة الى ثورة شمال وشرق سوريا وهل يُعتبر النموذج الأفضل للحل السوري لا شك نحن نعتبر بأن نموذج الإدارات المدنية والذاتية في شمال وشرق سوريا هو نموذج ناجح يُصلح لكل سوريا لأنه يُمثل أخوّة الشعوب وهو نهضة للشرق الأوسط قاطبة.
 ـ ماذا جلبت المسارات والمنصات من قِبل الدول المتدخّلة في الأزمة السوريّة للشعوب السوريّة، هل ترون بأن الحل السياسي الذي يَدفع بهِ مجلس سوريا الديمقراطية سيجلب الحل للأزمة السوريّة التي وصلت إلى مرحلة اللا حل؟
بخصوص المسارات والمنصات المتعلقة بالأزمة السوريّة لم تَجلب أي شيء يَخدم الشعب السوري من آستانا إلى سوتشي ومن ثم القاهرة والرياض، وهي عبارة عن منصات تخدم الدُول القائمة عليها بل على العكس وخاصة (سوتشي) وآستانا غيّرت مسار الأمم المُتحدة وعكست مضمون القرار2254 وسلال” دي مستورا” الأربع، والتي تبدأ بتشكيل حكومة انتقاليَّة وآخرها لجنة دستورية لكن آستانا بدأت بتشكيل لجنة دستورية للحفاظ على النظام السوري وكذلك مصالحها في سوريا، وإفراغ كافة القرارات الأممية المُتعلقة بالشأن السوري.
 بخصوص مجلس سوريا الديمقراطية وطرحه للحل السوري هو المسار الصحيح الذي يُلبي حاجات السوريين لدعوة مجلس سوريا أو من كافة الأحزاب في شمال وشرق سوريا، وحزب سوريا المستقبل بالحوار، والعودة إلى منصة الأمم المتحدة وتطبيق القرار 2254 لذلك نقول بأنه لا حل عسكري بل الحل عبر الحوار السوري، وهذا ما تؤكد عليه كافة الأطراف الدوليَّة بأن الحل العسكري لن يأتي بأي نتائج بل دمّر سوريا وهجّر أبنائها واستنزف مواد الشعوب السوريّة.
 ـ كلمة أخيرة تودون الإدلاء بها في نهاية حوارنا.
 أريد التأكيد من خلال صحيفتكم وباسم حزب سوريا المستقبل بدعوة كافة القوى الوطنية والحكومة السورية والمعارضة والدول المتدخلة أن يكون لها موقف تجاه الثورة السوريّة التي تغيرت أهدافها عن مسارها الحقيقي، والحل السوري السلمي الشامل والجذري، وأن تنطلق هذه الرؤية عبر إرادة دوليّة لحل الأزمة السوريّة وتطبيق القرار الأممي 2254.