ما زرعته الطبقاوية في 2017 تحصده اليوم في 2018

مضى عام على تحرير منطقة الطبقة من مرتزقة داعش وعليه؛ سارعت المرأة إلى التحرير من القيود التي كبلتها مرتزقة داعش، فوصلت بعملها التنظيمي والتدريبي لأعلى المراتب لتحصد اليوم نتاج ما زرعته في العام الماضي وتصبح نموذجاً للمرأة الكاسرة لقيود العبودية فكانت خير امرأة حرة بفكر حر ديمقراطي

الطبقة – عانت المرأة الطبقاوية كبقية أفراد المجتمع من تطرف مرتزقة داعش الذين عملوا على تهميش دور المرأة وحصره في المجتمع بحجج واهية وهي أن المرأة عورة ويجب أن تكون في البيت…..إلخ. فكانت المعاناة كبيرة للمرأة وبخاصة من بعض الأفراد الذين عرفوا في المنطقة ولا يحسنون التعامل وامتهنوا محاسبة الأهالي واتخذوا لهم اسم الحسبة والأمن ليكونوا سيفاً مسلطاً على الرقاب الذين كانوا لا ينفكوا عن تتبع الأهالي ومضايقتهم وبخاصة النساء في كل مكان سواءً في الشارع والسوق وكانت السنوات التي سيطرة فيها المرتزقة على المنطقة سوداء للمرأة فقد تعرضت للجلد والسجن والقتل على أيدي حسبة وأمنيي داعش

مقاومة أزهرت ربيع ثورة المرأة

 لم تكتف المرأة الطبقاوية قبل التحرير بالانزواء خلف الأبواب المؤصدة رغم كل محاولات داعش لزجها خلف سجون جهلهم بالدين، فقاومت الحصار النفسي المفروض عليها بحكمة الأم الموروثة وبطموح الشابة الناشئة في سبيل التخلص من هذه الذهنية التي فرضت على المجتمع لمحاصرة المرأة فيها وإبعادها عن حقيقة دورها في بناء المجتمع

وكانت نساء الطبقة في موعد مع ربيع الحرية الذي  تفتحت زهوره في صباح يوم العاشر من أيار عام 2017م على يد صانعات السلام ووحدات حماية المرأة وقوات سوريا الديمقراطية وحيث جاءت النساء من الشمال السوري كافة لتخليص نساء الطبقة وتحريرهن؛ فصنعن ربيع ثورة المرأة لتخرج الطبقاويات من قفص المرتزقة إلى سماء الحرية والتخلص من الذهنية التي كانت تسود المجتمع في ذلك الوقت

تخليص جنسها من الظلم.. كانت أول خطواتها

 وبعدما تحررت الطبقة من رجس المرتزقة خرجت المرأة من سجنها لتأخذ الدور الفعال والرائد في بناء المجتمع وتوعيته بحقيقة نهوض المجتمع وازدهاره. لذا؛ سارت بعضهن إلى ربيع الحرية المتفتح وانضممن لصفوف وحدات حماية المرأة لمتابعة المسيرة لتخليص المرأة من ظلم المرتزقة في الرقة ودير الزور وعلى امتداد الجغرافية السورية. وأرسلت أخريات أبناءهن لخوض معاركها منهن من قضين قبل الوصول إلى أهدافهن المنشودة وحصلن على وسام الشهادة التي حرمت منه المرأة لفترات طويلة مثل هناء وفاطمة الطبقة وضحت أخريات بأجزاء من أجسادهن

مجلس يكفل بدعم المرأة كلياً

كما واحتفلت المنتصرات بالإنجاز في العاشر من أيار من العام المنصرم متعهدات بالسير على خطاهن المرسومة والاحتذاء حذو السابقات، فكان أول ما سعت إليه المرأة هو حماية المرأة من جور وظلم الواقع المعاش. لذلك؛ قررت نساء الطبقة تأسيس مجلس للمرأة في منطقة الطبقة في التاسع عشر من تموز في الذكرى السنوية الخامسة لانطلاقة ثورة روج آفا وشمال سوريا والتي كانت ثورة المرأة ليكون أول مجلس يؤسس لحماية المرأة من الظلم، ويساعد المرأة على توعيتها الفكرية والتخلص من الذهنية الذكورية التي تقف عائقاً في طريق تقدم المرأة على طريق الصحيح والذي يضمن حقوقها، ويساعدها على أداء واجبها في بناء المجتمع من النواحي كافة؛ التنظيمية والفكرية والخدمية والاقتصادية، ويكون أول جسم تنظيمي يضم تحت جناحه نساء المنطقة كافة. واهتم المجلس خلال الفترة الماضية  بتوعية المرأة من الناحية الفكرية والثقافية وهو الجانب الأهم في حرية المرأة لتخليصها من كافة الأفكار والذهنيات الفاسدة التي زرعها المرتزقة من خلال الدورات الفكرية التي قام به مجلس المرأة وضمت أعداداً كبيرة من النساء ودورات محو الأمية والتمريض وتدريب النساء على الإدارة ليكن في طليعة المجتمع ويشاركن في إدارة وبناء المجتمع

لجان تعمقت بعملها فنجحت

وتذكّر الإدارية في هذا المجلس ضحى خليفة بالهيكلية المؤسساتية التي يقوم عليها مجلس المرأة بأنه ومنذ تشكيل مجلس المرأة في 19 تموز 2017 تمّ العمل على تشكيل خمس لجان تهتم جميعها بقضايا المرأة فمن التوعية بالحقوق والواجبات بإقامة عشرات الندوات والمحاضرات الفكرية مثل ماهية مؤتمر ستار وأعماله وندوات المرأة في الأمة الديمقراطية، علاوة على اللقاءات الثقافية والإرشادية  إلى السعي لتأمين سبل المعيشة وفرص العمل للمرأة وصولاً إلى حل الخلافات العائلية وتقديم الدعم النفسي والمعنوي للمرأة عبر لجنة الصلح التي عرفت نجاحاً منقطع النظير، حيث برزت المرأة المصلحة بآرائها الحكيمة لتنال إعجاب شرائح واسعة من المجتمع الأهلي لمنطقة الطبقة في تجربة كانت الأولى من نوعها على المستوى المحلي

تنظيم نسوي وعمل جماعي

وفي مجال تنظيم المرأة في الريف؛ فقد عمل مجلس المرأة على افتتاح دور للمرأة في الصفصاف وجعبر والمنصورة والجرنية …..إلخ وكذلك مجالس محلية للمرأة في المدينة والريف لمساعدة المرأة في تنظيم نفسها وتقديم الخدمات لها

ولا يزال مجلس المرأة بعد حوالي عام يقوم بمهام جلية ليس فقط في الجوانب المتعلقة بالمرأة، بل بممارسة عمل اجتماعي أشمل يعالج قضايا بيئية منها المساهمة بحملات التنظيف، والمشاركة بحملة التشجير، بالإضافة إلى توكيل مهمة توزيع ولصق منشورات التوعية إلى اتحاد المرأة الشابة المنبثقة من مجلس المرأة الذي يبذل مجهوداً في تقديم رسائل النصح والتوجيه إلى بنات جلدتهن من أجل مستقبل أفضل والتحذير من مخاطر التفريط والاضمحلال في إطار حملة انتفضي

أكاديميات تتولى توعية المرأة

وفي الرابع عشر من شباط 2018م افتتح في مدينة الطبقة أكاديمية خاصة بالمرأة تحت اسم أكاديمية المرأة السورية الديمقراطية والتي خرجت حوالي دورتين وضمت الدورات أكثر من 60 امرأة من مختلف الإدارات والمؤسسات المدنية والاجتماعية ودور المرأة، وساعدت الدورات على توعية المرأة وفيها تلقت دروساً فكرية وتوعوية للنهوض بالمرأة بمختلف مجالات الحياة وإبراز دورها الرائد في المجتمع وكذلك انضمت المرأة للتدريب في أكاديمية المجتمع الديمقراطي في الطبقة؛ أكاديمية الشهيد خالد عليوي لتزيد من وعيها وتدريبها.

مشاريع تستقل بها المرأة اقتصادياً

ولم يقتصر نشاط المرأة على هذه الجوانب فقط، بل انتقل إلى الناحية الاقتصادية، فقام مجلس المرأة بافتتاح مشغل خياطة للمرأة في جعبر من أجل توفير وارد مالي للنساء، كما ويعمل المجلس على افتتاح مشغل آخر في الطبقة وسيتم افتتاحه قريباً وكذلك روضات لمساعدة المرأة العاملة على تربية أطفالها ومساعدتها في العمل ومشاريع اقتصادية اخرى لدعم اقتصاد المرأة.

واتسعت فعاليات المرأة في منطقة الطبقة على مجلسها علماً أنه قطع شوطاً كبيراً في الأبعاد السياسية والإدارية من خلال إقرار مبدأ الرئاسة المشتركة الذي يضمن للمرأة التشاركية مع الرجل في الإدارة والقرار متميزة في تطوير ذاتها ضمن سياق أعم يضع على رأس أولوياته تطوير المجتمع. فالمرأة أصبحت تطالب بواجباتها بالتوازي مع حقوقها من منطلق المسؤولية التاريخية والأخلاقية المنوطة بها

نموذج حي عن عبقرية كاسرة القيود ومتجذرة الكيان

فالمرأة تتصدر المجلس التشريعي والتنفيذي، السياسي والإداري في بوتقة الإدارة المدنية الديمقراطية لمنطقة الطبقة كرئيسة مشتركة لمجلسي الإدارة تشريعياً كان أم تنفيذياً، وعلى أعلى الهرم التنظيمي لجميع اللجان النافذة كالصحة والتربية والتعليم والبلديات والدفاع إلى كل الهيئات الناظمة كالهيئة الاقتصادية والسياسية وانتهاء بديوان العدالة الاجتماعية

وكان  للمرأة دور فعال ورئيسي في حفظ أمن المجتمع، فقد انضمت المرأة الطبقاوية وبشكل فعال إلى صفوف قوى الأمن الداخلي بمختلف تشكيلته واختصاصاته من أمن عام ومرور وحواجز وغيرها، وبهذا الصدد ترى عضوة قوى الأمن الداخلي أماني الصليبي أن حدود المرأة لا يجب أن تتوقف عند المجالات المدنية فحسب، بل لا بد أن تتخطاها إلى الاختصاصات الأمنية والعسكرية، فالكثيرون لم يكونوا يتوقعون أنّ يروا امرأة تحمل السلاح وترتدي السترة العسكرية وتسهر على حماية أمن مدنها وقراها

فالمرأة اليوم وصلت بها القدرة على إنشاء المراكز الأمنية الخاصة بها بعد أن تخرجت من الدورات التأهيلية والتدريبية، حيث استطاعت أن تطور إمكانياتها عبر عام واحد من الحرية عقب التخلص من مرتزقة داعش لتقدم نموذجاً حياً وملموساً عن عبقرية كاسرة القيود ومتجذرة الكيان

اختارت التحدي فغيرت الواقع

لقد اختارت المرأة الطبقاوية اختبار التحدي الذي خاضته ضد سنوات من الحزن والفقر والعذاب، فهي التي تحدت الجوع ونقص الخبز والفقر بالزراعة والجهل بالعلم والحزن بالأمل.

ومارست المرأة في الطبقة دورها الوطني والإنساني فقامت بوقفات احتجاجية ضد ممارسات عدوانية وخرجت في مسيرات تضامنية وعبرت بالكلمات والمعاني قبل أن تباشر بالدعم المادي، حيث كان لها النصيب الأوفى والحظ الأكبر في مناسبتين متزامنتين إحداهما المشاركة في خيمة الاعتصام والإضراب للتعبير عن الوقوف إلى جانب أهالي عفرين والغوطة والثانية المشاركة في خيمة لجمع التبرعات لمساعدة المهجرين قسراً من عفرين نتيجة ممارسات دولة الاحتلال التركي

وأخيراً وليس آخراً لم تقف المرأة الطبقاوية عقب عام من التحرير على جملة الإنجازات المذكورة أعلاه، بل لا تزال آفاق واسعة في انتظارها، فما تزرعه اليوم ستحصده غداً، كما اعتادت عبر تاريخها الطويل تحقيق المنجزات لتصبح امرأة واعية فعالة حرة في المجتمع وذات فكر حرّ