سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

بعد أن وصل الفرات لأدنى منسوب له عبر التاريخ… هل نجحت الضغوط الأمريكية؟

كوباني/ سلافا أحمد ـ

حبست دولة الاحتلال التركي حصة السوريين من مياه نهر الفرات، الأمر الذي أدى إلى تراجع الوارد المائي خلال الأشهر الماضية إلى أدنى مستوياتها على مر التاريخ الحديث.
وتراجع الوارد المائي خلال الأشهر الماضية ليصل إلى 150 متر مكعب في الثانية، فيما يفترض أن تبلغ حصة سوريا من المياه القادمة من تركيا إلى 500 متر مكعب في الثانية، مما أدى إلى تراجع مخزون المياه، وصعوبة في توفير الكهرباء والمياه في المنطقة.
فيما تنتهك تركيا جميع المعايير والمواثيق الدولية بتلاعبها بمنسوب المياه ونقضها للاتفاقية الموقعة بين سوريا وتركيا عام 1987 التي تلزم تركيا بتمرير 500 متر مكعب في الثانية يتقاسمها العراق وسوريا كحصة للبلدين، إلا أن أخباراً تحدثت عن ضغوط أمريكية لدفع تركيا زيادة التدفق المائي.
83 قرية منكوبة
تدني منسوب المياه هذا أدى إلى خروج مساحات شاسعة من الأرضي الزراعية من الاستثمار، مما قد يُشكل أزمة كبيرة في المنطقة، كون أغلب سكان المنطقة الذين يقطنون على ضفاف نهر الفرات يعتمدون على زراعة الأراضي وسقيها عبر النهر كمصدر لدخلهم الأساسي.
وبلغ عدد القرى المتضررة من خفض المنسوب في الريف الغربي لمقاطعة كوباني 83 قرية، إضافة إلى التلوث العارم الملحوظ نتيجة توقف جريان النهر، كما أثرت المشكلة على المياه المخصصة للشرب، وضعف تكريرها وتعقيمها لعدم وصول المياه بالكميات المطلوبة لمحطات المعالجة، الأمر الذي يفرض على غالبية المواطنين الاعتماد على مياه غير معقمة في الأعمال اليومية من نظافة وشرب.
 وبحسب مراقبين فقد أدى حبس تركيا للمياه إلى تراجع حصة العراق من نهري (الفرات ودجلة) بنسبة 80 في المئة حتى قبل الأزمة الحالية، بينما انخفضت حصة سوريا بنسبة 40 في المئة.
ويرى سياسيون ومراقبون أن كارثة وشيكة تهدد حياة ثلاثة ملايين سوري يعتمدون على النهر في تأمين مياه الشرب والكهرباء والري، إن استمرت تركيا في حرمان السوريين من حصتهم من مياه نهر الفرات.
وبدوره أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الجانب التركي لا يزال يستمر في حبس حصة الجانب السوري من المياه، وسط مخاوف من السكان بوقوع أزمة شديدة، حيث انخفض منسوب المياه في النهر بحدود خمسة أمتار محذراً من كارثة بيئية تهدد الأمن الغذائي في الجزيرة السورية، إضافة إلى أزمة إنسانية ستضر بسكان الرقة والحسكة ودير الزور وكوباني، خاصة بعدما تم رفع أوقات قطع الكهرباء إلى 6 -10 ساعات يومياً.
ضغط أمريكي
إلا أن الرئيس المشترك للموارد المائية في الحسكة قال في تصريح صحفي السبت، إن تركيا بدأت بضخ جزئي للمياه في نهر الفرات، وذلك بضغط أمريكي، إلا أنه لم يطرأ أي تغير على كميات المياه في المجرى إلى لحظة إعداد هذا التقرير.
حكومتان راضختان
أما السياسي ومسؤول علاقات حزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) بإقليم الفرات فرمان حسين يرى أن تلاعب تركيا بمنسوب المتدفق من مياه نهر الفرات وحرمان سوريا والعراق من حصتهما يعتبر خرقاً للقوانين والمواثيق الدولية التي نصت عليها اتفاقية وقعت منذ ثلاثة عقود بين الحكومة السورية والتركية والعراقية.
وأدان حسين صمت حكومتي العراق وسوريا على تجاهلهم ممارسات وخروقات المحتل التركي بحق شعوب المنطقة، مشيراً إلى أن صمت تلك الحكومتين يعتبر رضوخاً لـ”فاشية تركيا” ومساندة لمخططاتها التخريبية والاحتلالية التي تسعى إلى قهر إرادة شعوب المنطقة وتهجيرهم من مناطقهم.
وأشار حسين خلال حديثه قائلاً “بعد فشل تركيا عسكرياً باحتلال مناطق شاسعة من شمال وشرق سوريا، باتت تستخدم أساليب أخرى بتهجير سكان المنطقة، وفي هذه المرة كان حبس وقطع المياه سلاحاً تستخدمه للنيل من إرادة شعوب المنطقة.
محذراً خلال حديثه من كارثة إنسانية تحصل في المنطقة، وأن الأهالي أمام مجاعة المياه والكهرباء، مطالباً من المجتمع الدولي والمنظمات الدولية بالتدخل ووضع حد لممارسات الاحتلال التركي.
“فشل مخططاتها دفعها لقطع المياه”
يطالب مزارعو القرى المجاورة لضفة نهر الفرات المعتمدين على الزراعة، المنظمات الحقوقية والإنسانية، بالتدخل سريعاً، وإعطاء السوريين حصتهم كاملة من مياه نهر الفرات، فإن استمر الحال على هذا المنوال سيكونون أمام مجاعة كبيرة.
ومن جهته، قال بسام صالح من قرية تل عبرة “إن تركيا تسعى عبر حبس وقطع المياه على السوريين، إلى إدخال الشعب السوري في مجاعة كبيرة، لتجبره على الرضوخ لمطالبها وتتمكن من تنفيذ مشاريعها التخريبية بسهولة”.
وأضاف “محاولتها وسعيها الدؤوب في النيل من إرادتنا جميعها باءت بالفشل، ولن نسمح لتركيا بتنفيذ مخططتها على مناطقنا مهما كلفنا الأمر”.
مطالباً خلال حديثه المنظمات الحقوقية والإنسانية القيام بواجبتها تجاه شعوب المنطقة، ووضع حد لانتهاكات الاحتلال التركي في مناطق شمال وشرق سوريا.