سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

براعم تجتثُ جذورها في سوريا

بيريفان خليل – 

شد انتباهي عنوان مقال بعبارة “لا تُسمّوا أطفال سورية ضحايا.. إنهم قتلى أبرياء” تحدث الكاتب فيها عن أطفال سوريا الذين قُتِلوا على أيادي طالت أرواحهم وتسطّر في الإعلام بأنهم ضحايا، هذه التسمية جعلتني أتعمق في بحثي عن أطفال سوريا الذين ذهبت أرواحهم مع هبوب ريح الحرب الدائرة والجميع يحصي أعدادهم؛ كم قُتِلوا، كم تشردوا، كم تيتموا، كم ماتوا في ظروف الحرب والجوع. هذا عدا أنني كنت شاهدة على الحرب السورية وكيف نيران الحرب تمتد من منطقة تلو أخرى لتحصد المزيد من الأرواح.
نعم أنهم أبرياء قتلوا، طفولة تموت ولا منقذ لهم، صور ومشاهد توصف الحدث بكل حذافيره، طفلة حاملة أخيها وعيناها تدمعان باحثة عن طريق تنقذ روح أخيها الرضيع، وطفل آخر ينادي أمي أين أنت؟ والضياع يرسم على وجهه ملامح طفولة أصبحت شيخوخة، وآخر جالس على ركام منازل طالها القصف، وتائه لا يدرك ماذا يحصل أمام مرأى عينيه، والأصعب من كل ذلك طفل مقطوع اليد أو الرجل متسطحاً لا يقوى على القيام للهرب من الموت، وآخر يلفظ أنفاسه الأخيرة فيقول هل من منقذ؟ كل ذلك والمشاهد تكثر أجساد أطفال مقتولة في الشوارع وتحت منازل مهدومة كل ذلك التقطتها عدسة إعلاميين وإعلاميات كانوا شاهدين على ما حصل في سوريا، عفرين المقاومة، كوباني قلعة الصمود، سري كانيه المناضلة، إدلب المستنجدة، سالت الدماء على ترابهم حتى أشبعتها دماً دماء أبرياء قتلوا على أيدي الظلام. صرخات محمد سري كانيه لازالت طنينها تتعالى في الآذان بعد هجمات الاحتلال التركي على المنطقة باستخدام المواد الكيماوية الفوسفور المحرّم دولياً، ورشا التي فقدت رجلها وبات حملها المشي كغيرها من الأطفال باستهداف المحتل التركي قامشلو بقصفه المدنيين العزّل بهمجية ووحشية.
والأهم من ذلك تجد منظمات معنية بحقوق الإنسان أو بحق الطفولة بشكل خاص تصدر إحصائيات للأجساد التي سلبت منها الروح نتيجة الحرب دون فعل شيء وكأن سكان المنطقة لا يدرون ما يحصل لهم، ما نفع تلك الإحصائيات إن لم يُضع حداً لتلك الانتهاكات، لجرائم حرب تفعل ما تشاء فقط من أجل قضم لقمة من كعكة سوريا.
قبل بضعة أيام أصدرت اليونيسيف بياناً ذكرت فيه بأنه كل عشرة ساعات يموت طفل في الحرب الدائرة في سوريا، ومن وجهة نظري ربما تفوق على ذلك، ولكن كم ذكرت آنفاً أين الحلول، أين الفعل تجاه هذه الجرائم اللاإنسانية، ففي عفرين وسري كانيه وكوباني وإدلب اليوم قتل أبرياء وشرد الكثير منهم وضاع الأكثر فهل ارتفع صيت ذلك الألم وصورة الفاجعة التي ألمت بأطفال سوريا، أنا أقول لا، فمازالت الصورة تتكرر يومياً دون منقذ لإخراج البشرية من رأسمالية الكثير من الدول التي تساهم في إراقة الدماء أكثر من إيقافها.
نعم أنها الحرب السورية فقد دخلت عامها العاشر ولم يتوقف النزيف بعد؟ فلكل دولة تدّعي بأنها حامية الإنسان ولكل منظمة ترفع شعار نعم لحماية الإنسان أقول أين أنتم من كل تلك الجرائم؟ فأصوات الأطفال تتعالى لإنقاذهم وتطرق الأبواب فكما قيل “لا حياة لمن ينادي”.