سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

انتشار أمراض الجهاز الهضمي في مدينة الحسكة بسبب مياه الصهاريج الملوثة

الحسكة/ محمد حمود ـ

بعد قطع دولة الاحتلال التركي محطة مياه علوك، المصدر الوحيد لمياه الشرب في مدينة الحسكة؛ تسببت مياه الصهاريج الملوثة، التي كانت بديلا لأهالي المدينة، بأمراض عديدة في الجهاز الهضمي.
مع قطع دولة الاحتلال التركي المتكرر مياه محطة علوك؛ المورد الوحيد للمياه الصالحة للشرب، التي يستخدمها أهالي الحسكة؛ يجد أهالي الحسكة في مياه الصهاريج الخاصة بديلاً وحيداً لتغذيتهم بالمياه.
إلا أن المشكلة، التي استجدت هي أن مياه الصهاريج الملوثة تسببت بتفشي الأمراض بين سكان المدينة الواقعة في إقليم شمال وشرق سوريا، ورغم ذلك، يعاني الأهالي صعوبة في الحصول على مياه كافية تسد حاجاتهم اليومية.
 متابعون لانتشار هذه الأمراض في الحسكة؛ أشاروا إلى أن أصحاب الصهاريج، في الأغلب الأعم، يلجؤون إلى خلط مياه الآبار الملوثة بتلك الصالحة للشرب، الأمر الذي يترك آثاره السيئة على صحة المواطنين في المدينة والأرياف القريبة منها.
ارتفاع عدد الإصابات
هذا وأوضح الأهالي، أن كلورة مياه الصهاريج كانت موجودة منذ عدة أشهر من المنظمات، التي انتهت عقودها فتوقفت العملية، مطالبين الجهات المسؤولة في الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا بوضع نقاط كلورة على الطرق بين مناهل التعبئة ومناطق الاستهلاك، أي في الطرق، التي تضطر الصهاريج إلى سلوكها بعد التعبئة.
إلى ذلك؛ سجلت أعداد المصابين بالأمراض الناجمة عن المياه الملوثة ارتفاعا في النصف الأول من العام المنصرم 2023، حيث سجلت بعض المنظمات خلال هذه الفترة 2500 إصابة داخل المدينة (الحالات التي راجعت مستشفى الشعب فقط)، فيما تؤكد هذه المنظمات أن نسبة إصابات الأطفال وكبار السن (فوق الـ 60 عاما) تجاوزت الـ 98 بالمائة من مجمل الإصابات المسجلة في المدينة.
ونوهت المصادر إلى أن الإصابات بين الأطفال انتشرت بشكل كبير بين أعمار السنتين إلى ست سنوات، وتمثلت الأعراض بالتهاب الأمعاء، الذي يترك آثارا كالإسهال الحاد، والاستفراغ، الذي وصل في بعض الحالات إلى الجفاف، ثم الموت (تم تسجيل أربع حالات وفاة بين الأطفال) حتى لحظة إعداد هذا التقرير، فيما أكدت المصادر ذاتها، أن هذه الأعراض تشير بشكل لا يدع مجالا للشك أن الإصابة هي كوليرا محققة.
معضلة كبيرة
وفي جولة سريعة داخل المدينة؛ قالت المواطنة مها الدرويش من حي الكلاسة شمال المدينة، إن كل عائلة بحاجة إلى ثلاثة خزانات مياه
 أسبوعيا في الصيف، فيما تنخفض هذه الكمية شتاء.
مضيفة: “تكلفة الخزان الواحد من المياه، تصل إلى 20 ألف ليرة سورية، أي 60 ألفاً أسبوعياً، و240 ألف ليرة سورية شهريا. تكلفة المياه مرتفعة إضافة إلى أنها ملوثة”، مبينة أنها تسبب أمراضاً داخلية لدى الأطفال وكبار السن.
ودعت مها إلى تأمين المياه من مصادر نظيفة طبقاً للمعايير الدولية، مؤكدة أن أزمة المياه تحولت إلى معضلة كبيرة لدى أهالي المنطقة.
معاناة يومية
أما في مشفى الشعب داخل المدينة، فترقد فضة اللطيف (35 عاماً)، وهي من سكان قرية عب الشوك بريف الحسكة الشمالي، بسبب استخدامها مياهاً غير صالحة، حيث تكررت معاناة فضة من التهابات في المعدة، والأمعاء، والتسمم؛ بسبب شرب مياه غير نظيفة، حسب ما أخبرها الأطباء عن حالتها.
تقول فضة: إنها تعتمد في الشرب أحياناً على المياه المعبأة، لكن التكاليف، التي تفوق إمكانات عائلتها التي تضم تسعة أطفال تدفعها للتوقف عن شرائها والعودة للاعتماد على الخزان المنزلي.
وتشير إلى أن خزان منزلها مهترئ؛ ما يجعل قطع الصدأ تمتزج بالمياه، إلى جانب الأوحال والرمال التي تتجمع فيه من مياه غير نقية تنقلها الصهاريج. وقبل لجوء المرأة للمشفى، تعالجت طفلتها الصغيرة في المشفى من الإقياء والإسهال الدموي، وللأسباب نفسها.
وتشعر المريضة الآن بالغثيان كلما شربت الماء، ما يجعلها معتمدة على السيرومات لإمداد جسدها بالسوائل، والقليل من المياه المقطرة.
ويستقبل المشفى ما يصل إلى 150 حالة إصابة تسمم وآلام الجهاز الهضمي، والكلى في ظل انقطاع أو نقص الضخ في شبكة مياه الشرب، بسبب انقطاعها من المصدر في محطة علوك بريف سري كانيه المحتلة، وفق المسؤولين.
فقد قالت الممرضة المسؤولة عن عمل قسم الأمراض الداخلية في المشفى، روجين إبراهيم، إن عدد حالات الإصابة بالأمراض نتيجة استهلاك مياه غير صالحة يتراوح حالياً بين 100 و150 إصابة.
وقد يرتفع العدد صيفاً إلى 300 حالة لازدياد الحاجة للمياه، وعدم تمكن سكان بعض الأرياف من الحصول حتى على مياه نظيفة من الصهاريج.
كما أن مادة الكلور المضافة لمياه الصهاريج بهدف تعقيمها قد تسبب أعراضاً لدى بعض الأشخاص، حسب روجين.
ومن الجدير بالذكر؛ أنه في الخامس من تشرين الأول من العام الماضي 2023، قصفت دولة الاحتلال التركي بالطائرات الحربية والمسيرة العديد من المرافق الحيوية في مناطق شمال وشرق سوريا؛ ما أدى لخروج عدة مرافق خدمية ومنشآت حيوية عن الخدمة، بينها محطة الدرباسية الكهربائية.
وبعد إعادة محطة كهرباء الدرباسية إلى الخدمة، حاولت فرق الصيانة إعادة تشغيل محطة علوك، ولكن لم تستطع بسبب التعديات والسرقات، التي طالت المحطة ومعداتها وخطوطها من قبل مرتزقة الاحتلال التركي، ما حرم السكان والمهجرين في الحسكة من المياه النظيفة.