نوري سعيد –
بدايةً وحدة وسيادة الدول مصانة بموجب قوانين وتشريعات الأمم المتحدة، وكون تركيا إحدى الدول الضامنة لبعض القرارات لا يعني أن وجودها شرعي في سوريا، لأن وزارة خارجية الحكومة السورية صرّحت أن الوجود التركي في سوريا هو احتلال وعدوان وكذلك مندوب سوريا في الأمم المتحدة، ليس هذا فحسب بل إن روسيا أيضاً لا يجوز لها أن تتصرف في سوريا وكأن سوريا محمية روسية، رغم وجودها في سوريا بطلب من النظام السوري. وإن ما أقدمت عليه سابقاً كصياغة مسودة لسوريا يعد تدخلاً في الشأن السوري الداخلي، وكذلك إيران لا يجوز لها أن تتجاوز شرعيتها وتحاول السيطرة على سوريا وإقامة الهلال الشيعي، مروراً بسوريا وصولاً إلى حزب الله في لبنان، لأننا كسوريون غير معنيين بالمسائل المذهبية ولا الطائفية، بل نحن شعب نتصف بالاعتدال ونحترم كافة المذاهب والطوائف من دون أي تعصب او انحياز لأي مذهب، وإننا نرفض محاولات تركيا إقامة ما تسميها بالمنطقة الآمنة في شمال وشرق سوريا، ووضعها تحت سيطرة الجيش التركي. لأن ذلك يعد خرقاً سافراً لسيادة ووحدة الأراضي السورية، بحجة حماية أمنها القومي علما إن المنطقة تتمتع بالاستقرار والأمن قياساً بالمناطق السورية الأخرى، ولم تتعرض تركيا لأي اعتداء منذ قيام الحراك الشعبي في الأراضي السورية من قبل قوات سوريا الديمقراطية قسد أو أي طرف آخر، لا بل أن الهجوم التركي الهمجي على كري سبي/ تل أبيض وسري كانيه/ رأس العين للغاية نفسها أدى إلى زعزعة الاستقرار وخلط الأوراق من جديد. وكذلك انتعاش داعش ولقد جاء ذلك على لسان أكثر من مسؤول دولي وآخرهم نائب وزير الخارجية الروسي بغدانوف وهي تهدف من وراء ذلك إحداث تغيير ديمغرافي، واحتلال المزيد من الأراضي السورية، وإعادة أمجاد العثمانية السيئة الصيت، وتصدير أزماتها الداخلية.
إن ادعاءات تركيا بأنها تحمي الشعب السوري عارية عن الصحة، تصب في خانة الدجل والنفاق، لأن المناطق التي تحتلها من سوريا تتعرض لعملية تتريك ممنهج بكل معنى الكلمة، وجعلها كيليكيا ثانية وهي تنفذ خططها اللاشرعية في سوريا، مستخدمة في ذلك داعش والمرتزقة مما تسمى الجيش الوطني السوري، التابع للائتلاف السوري الذي ارتمى في أحضان الدولة التركية المحتلة والغازية.
والسبب الذي حدا بروسيا جعل تركيا دولة ضامنة في سوريا، أنما يعود إلى خط الغاز الروسي الذي يصل عبر الأراضي التركية إلى أوربا، والذي تستخدمه روسيا ورقة ضغط على الدول الأوربية وإبعاد تركيا عن حلف الناتو ومن هنا يمكن القول إن الاتفاق العسكري الذي تم بين النظام وقوات سوريا الديمقراطية عبر الوسيط الروسي بانتشار قوات حرس الحدود في شمال وشرق سوريا يعد خطوة إيجابية، لوضع حد لعنجهية أردوغان أولاً، ولأن قسد تعد فصيلاً وطنياً ثانياً. وهي لا ترفض أي حوار مع النظام وتعتبر المصلحة الوطنية فوق كافة الاعتبارات الأخرى، لأننا في النهاية كلنا سوريون ولابد لنا جميعاً مواجهة الغزو التركي الغاشم، وإننا نطالب أن يرتقي الاتفاق إلى التفاهمات السياسية أيضاً ولا يقتصر على الجانب العسكري. ولكن بالمقابل فأن مجلس سوريا الديمقراطية مسد المظلة السياسية لقسد لن تقبل بأي شكل من الأشكال أن تعود سوريا إلى ما كانت عليه قبل الحراك الشعبي 2011 ولن تقبل إلا بسوريا ديمقراطية لا مركزية تعددية، وأن يعترف النظام بالإدارة الذاتية الديمقراطية وقبول خصوصية قسد بصفة قوات محلية تحمي المنطقة، من أي عدوان تتعرض له من أي طرفٍ كان، وأننا نأسف للتصريح الروسي بعدم جدية مسد في الحوار مع النظام لأن مسد كانت ولاتزال وستبقى إلى جانب الحوار، لأنها تؤمن لا حل للأزمة السورية، إلا من خلال الحوار السوري ـ السوري، وعلى الضامن الروسي أن يكون أكثر فاعلية لجهة الضغط على تركيا لأن وجودها في سوريا غير شرعي، ويعد قرصنة دولية واحتلالاً لأراضي دولة أخرى.