سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الهجمات التركية العدوانية على المهجرين في خيامهم.. محاولات لارتكاب جرائم أخرى

قامشلو/ دعاء يوسف ـ

محمد حمود ـ في الذكرى الرابعة لاحتلال سري كانيه وكري سبي من قبل المحتل التركي ومرتزقته، تبقى نفوس مهجريها في المخيمات معقودة بأمل العودة، إلى ديار هجروها مرغمين تحت نيران القصف والجبروت التركي، وهذا الأمل في الرجوع، هو ما يدفعهم إلى التعلق بأسرار الحياة المعاشة في مخيمات التهجير.
أقامت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا مخيم “واشو كاني” في 24 كانون الأول عام 2019، بعد احتلال دولة الاحتلال التركي مناطق “سري كانيه وكري سبي”، وقد استهدف قصف تركيا أيضاً مهجري مخيم روج، تلك المناطق التي تم قصفها بطائرات الاحتلال التركي في الخامس من تشرين الأول، ويحوي مخيم واشو كاني 16867 شخصاً من سكان سري كانيه وكري سبي، فيما يبلغ عدد قاطني مخيم روج نحو 2500 أجنبي من عوائل داعش.
قصص وحكايا الممهجرين
كل زقاق من أزقة مخيم “واشو كاني”، الواقع غرب الحسكة، يروي معاناة مختلفة، قصص وحكايا كثيرة كانت تختبئ تحت تلك الخيم، خيمٌ لا تقي الأطفال من برد شتاء مقبل، وآخر مضى.
وفي زيارة لصحيفتنا “روناهي” مخيم واشو كاني، حدثنا الكثير من قاطنيه عن آمالهم المتواصلة بالعودة إلى ديارهم، في حين باتت الخيمة مأوى لهم، بعد تهجيرهم قسراً من منازلهم في سري كانيه، والقرى المحيطة بها، إثر قصف الدولة الفاشية التركية والمرتزقة التابعة لها، فالمهجرة “خلات خليل” تحدثت لنا عن نزوحها قسراً من مدينتها سري كانيه، وما كانت تقوم به الفاشية التركية ومرتزقتها هناك بحق الأهالي: “لم نستطع البقاء، فكانت المدافع تدك بيوتنا من كل حدب وصوب، ولا تفرق بين مدني أو غيره، بيوتنا خُرّبت وهُدّمت أمامنا، وأصوات الرصاص تصم أسماع أطفالنا، الذين تضرروا جراء تلك الاعتداءات، وما سببت لهم صدمات نفسية لازالوا يعانون منها، لذلك هجرنا منازلنا مرغمين”.
وتابعت: “لو لم تهاجم تركيا مدينتا، أو تدخلت الدول العظمى لمنع تركيا مما فعلته؛ لم نكن نعاني مر الهجرة في المخيمات”، مضيفةً: “لا ننكر ما تقدمه إدارة المخيم لنا، لكننا نريد أن نعود إلى منازلنا، إلى أرضنا، التي ولدنا فيها، وننهي هذا الظلم والعدوان والمعاناة في المخيمات”.
وفي الخيمة المقابلة، تعيش المهجرة “شمسة محمد بكر“، والبادية عليها آثار التهجير وعيناها مليئتان بالحنين إلى قريتها، فتحدثت لنا عن منزلها، وأرضها الزراعية، التي كانت مصدر دخل أسرتها الوحيد، مشيرةً إلى يديها: “بهذي اليدين بنيت منزلي، كل حجرة فيه تروي قصص سنين طوال، وشقاء عمرٍ كامل، لم أكن أعلم أنني سأعيش أيام كهذه، وأنني سأرى مدينتي تحتل من قبل تركيا”.
وبأعين كسيرة مليئة بالدموع؛ قالت شمسة: “لا أريد أن أموت هنا، أريد العودة إلى منزلي، وأن أُدفن في أرض آبائي وأجدادي، التي يحتلها الآن الجيش التركي الفاشي في ظل صمت العالم أجمع، عما فعله بنا الطاغية أردوغان”.

“في الوقت الذي بدأت فيه التخطيط لمستقبلي، وتحقيق أحلامي، احتلت تركيا مدينتي”، بهذه الكلمات بدأ “محمد دامو“، حديثه، حيث روى لنا ما يعانوه في المخيم، قائلاً: “لم أكن أعلم أنني سأقضي أجمل سنين عمري هنا في المخيم، بكل تأكيد ينقصنا الكثير هنا، فأبسط سبل العيش غير متوفرة، لا شك أنه يتم تقديم الأساسيات في العيش لنا، لكن، هل سنقضي حياتنا على المساعدات؟ نريد أن نخرج من المخيم ونعمل لنحقق ما كنا نخطط له قبل احتلال تركيا ومرتزقتها مدينتنا”.

وتابع: “لقد كنت أعمل لمستقبل حياتي، وأن أؤمن جميع ما يحتاجه أفراد عائلتي، لكن الآن كل ذلك بات شبه مستحيل، ما دمنا نعيش هنا ضمن المخيم وأرضنا تحتلها تركيا التي سرقت أحلامنا وقضت على مستقبلنا”.
أما “فاطمة درويش“، فبادرتنا قبل السؤال: “لقد سرقوا كل شيء في منزلي، حتى أشجاري لم تسلم من أذية تركيا، ومرتزقتها فقد حرقوها، أرغب بالعودة إلى أرضي، وأن يكبر أطفالي على أرضهم وفي مدينتهم”.

وفي الصدد بين لنا، الرئيس المشترك لمكتب شؤون النازحين، واللاجئين في هيئة الشؤون الاجتماعية والعمل في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا “شيخموس أحمد“، أن هجمات الاحتلال التركي التي استهدفت محيط المخيمات، خلقت حالة من الهلع والخوف بين المهجرين، وأدت إلى انسحاب المنظمات الإغاثية، فيما أكد أن هدف تركيا من ضرب مخيم روج هو تهريب عوائل مرتزقة داعش.

فتح جراح المهجرين
ومع اقتراب ذكرى احتلال سري كانيه قصف الاحتلال التركي محيط مخيم واشو كاني، حيث حدثنا أحمد، عن القصف الأخير لمحيط المخيم والهدف منه: “إنّ الهجمات التركية على محيط مخيم واشو كاني، خلقت حالة من الهلع والذعر بين سكان المخيم، الذين تم تهجيرهم قسراً من مناطقهم باحتلال تركيا لمنطقتي “سري كانيه، وكري سبي”، وكأنها تريد تذكيرهم بما جرى في سري كانية، والقصف الذي جرى هناك”.
وتابع: “لم يكتفِ الاحتلال التركي باستهداف سبل العيش في شمال وشرق سوريا، وقصف المدنيين، بل استهدف من خرجوا قسراً من منازلهم ومدنهم، التي تعرضت للاحتلال، وكأنه يبين للمهجرين أنه لن يتركهم يعيشون بأمان”.
فيما أخلت المنظمات الدولية وغير الحكومية جميع مقراتها داخل المخيميَن روج، وواشو كاني، رغم أنّ المهجرين بأمس الحاجة لدعم المنظمات والمساعدات والخدمات.
ونوه أحمد، إلى أن انسحاب المنظمات الإغاثية سبب أزمة جديدة للمهجرين قسراً من منازلهم داخل مخيم واشو كاني: “بقيت الادارة الذاتية المسؤول الوحيد عن هذا المخيم الكبير، الذي يضم أكثر من 16 ألف مواطن، بعد انسحاب 12 منظمة إغاثية من المخيم، وفي السابق كان المخيم يفتقر للعديد من الخدمات لأنه غير معترف به دوليا، وهذا ما يجعل الأمر يزداد سوءاً على المهجرين”.
تهريب عوائل داعش
كما قصف الاحتلال التركي محيط مخيم روج، الذي يحوي العائلات الأجنبية من مرتزقة داعش، وقد نوه أحمد إلى خطر هذا المخيم: “بعد حصار مرتزقة داعش في حملة الباغوز، لجأ عدد كبير من أسر مرتزقة داعش إلى مخيمي (روج – الهول)، اللذين يشكلان حالياً خطراً كبيراً على شمال وشرق سوريا، والعالم أجمع، لأنهما يضمان عوائل أخطر تنظيم إرهابي في العالم”.
وأضاف: “إن إنعاش داعش في المنطقة، لا يخلق تهديداً على قاطني المنطقة فقط، بل يهدد المجتمع الدولي بأكمله، وأننا حملنا على عاتقنا مهمة مكافحة إرهاب داعش، وهذه الهجمات على المخيمات والمدنيين تضعنا في موقف حرج فتركيا تحاول تهريب المرتزقة”.
وأكد أحمد أنّ هجمات دولة الاحتلال التركي على شمال وشرق سوريا تفتح المجال لمرتزقة داعش في الأراضي السورية لتنظيم صفوفهم من جديد: “تهدف تركيا خلال هجماتها إلى خلق حالة من الفوضى داخل المخيمات، في محاولة منها لإنقاذ عائلات مرتزقة داعش في مخيمي روج والهول، ولمّ شمل تلك العوائل مع القيادات الموجودة داخل المناطق المحتلة؛ سواء في تل أبيض/ كري سبي، أو سري كانيه، وتقوم بإعادة تنظيم صفوف المرتزقة كونها الحاضن لهم، وبناء دولة مرتزقة داعش في المنطقة من جديد”.
وانتقد أحمد الصمت الدولي: “يشير صمت المجتمع الدولي إلى موافقته على هذه الهجمات، ويؤكد تواطئه مع الفاشية التركية، منوهاً، “أن مخيما “الهول وروج”، قد ينفجرا بأية لحظة، نتيجة هذه الهجمات”.
وفي ختام حديثه، طالب الرئيس المشترك لمكتب شؤون النازحين واللاجئين في هيئة الشؤون الاجتماعية والعمل في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا “شيخموس أحمد”، المنظمات الإنسانية، والمجتمع الدولي بالوقوف ضد هذه التهديدات، وتحمّل مسؤوليتهم الأخلاقية والإنسانية والقانونية ضد الهجمات التركية المستمرة، والمتجددة على المنطقة، بفرض حظر جوي على شمال وشرق سوريا، قائلاً: “على المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي، التدخل الفوري لوقف القصف التركي على شمال وشرق سوريا، وخاصةً، المخيمات التي يقطنها النازحون”.

حصيلة أربعة أعوام من الانتهاكات في سري كانيه وكري سبي
1ـ الاعتقالات:
ـ592 حالة اعتقال من بينها 73 امرأة، و53 طفلاً.
ـ 163 شخصاً على الأقل مختطفون قسراً.
ـ 492 حالة تعذيب “ستة أشخاص منهم قضوا نتيجة التعذيب”.
ـ 92 محتجزاً تم نقلهم إلى تركيا “حكم 55 منهم بأحكام تتراوح بين 13عاماً، والسجن المؤبد.
2ـ القتل:
ـ قتل 59 مدنياً “بينهم خمس نساء”.
ـ 11شخصاً تمت تصفيتهم ميدانياً.
3ـ التهجير:
ـ أكثر من 150ألف شخص من سكان “سري كانيه وكري سبي”، نازحون ومهجرون قسراً.
ـ أكثر من 95% من سكان “سري كانيه”، لم يعودوا إلى منازلهم عقب احتلالها من تركيا.
ـ 2815 عائلة نازحة من مناطق سورية أخرى تم توطينها في منازل المدنيين المهجرين.
ـ 72 عائلة من نساء وأطفال عناصر مرتزقة داعش “معظمهم عراقيون”، تم توطينهم في منازل تم الاستيلاء عليها في سري كانيه وكري سبي.
4ـ الاستيلاء على الممتلكات:
ـ أكثر من 5650 منزلاً سكنياً.
ـ أكثر من 1200محل تجاري وصناعي.
ـ أكثر من مليون دونم (100ألف هكتار)، من الأراضي الزراعية.
ـ إفراغ 55 قرية من سكانها الأصليين.
5ـ انعدام الأمان:
ـ 79 تفجيراً على الأقل، استشهاد 146مدنياً، بينهم “نساء وأطفال”، وأكثر من 300 مصاب.
ـ 65 حالات اقتتال، واشتباك داخلي بين مرتزقة “الجيش السوري”، قتل نتيجتها خمسة مدنيين على الأقل، وجرح أكثر من 36 آخرين، وهذه الإحصائيات أوردتها رابطة تآزر للضحايا.