النظام الغذائي الصيني والمؤامرة الأمريكية

نوري سعيد – 

في البداية ربط كل حدث بنظرية المؤامرة ليس مقبولاً، واتهام أمريكا بها غير صحيح، لأن عدد الإصابات بفيروس كورونا في الولايات المتحدة الامريكية وصل حتى الأول من هذا الشهر إلى أكثر من مئتي ألف، أما في الصين فكان واحدٌ وثمانون ألفاً، والصين تأتي في المرتبة الرابعة بعد أمريكا وإيطاليا واسبانيا، وارتكبت الصين خطأً فادحاً عندما اعتبرت كورونا حرب بيولوجية مقصودة من قبل أمريكا. وهذا الأمر قوض الجهود الدولية وتضافرها للوقوف في وجه هذا الوباء، وكان عليها أن تتحقق من الموضوع أكثر قبل إصدار أي قرارات، وتتريث في إطلاق الاتهامات لهذا أو ذاك، فالنظام الغذائي الصيني وحسب رأي الباحثين وكل من زار الصين، أسوء نظام غذائي ويعد السبب الرئيسي لظهور كورونا في ووهان الصينية، بدليل كل ما هو حي مباح أكله حتى العناكب والقطط والجرادين والعقارب والديدان والخفافيش.

عليه فأن مثل هذا البلد ليس مستغرباً أن يكون مركزاً وبؤرة لأي وباء، وظهور كورونا استدعى إجلاء بقية الدول رعاياها من الصين، الأمر الذي أدى إلى انتشار الفيروس في العالم، كون أن الجميع لا يعلمون عنه الكثير من المعلومات، ولذلك لا يتحمل أحد تبعات انتشاره بهذه السرعة الجنونية، والبلد الوحيد الذي كان يملك المعلومات الأكثر عن هذه الجائحة هو الصين. لذلك فنظرية المؤامرة مردود عليها، ليس دفاعاً عن أمريكا بل لأن المنطق يقول ذلك، وطالما أن الفيروس قد انتشر لم يعد بجدي تبادل الاتهامات، وحتى لا ندخل في جدل بيزنطي عقيم وننسى كورونا. على المجتمع الدولي أن يتضامن وبأسرع وقت ممكن لإيجاد علاج لهذا والوباء الخطير، لأن مصير البشرية بالكامل بات على كف عفريت، وطبعاً هذا يتطلب وقف كافة النزاعات والحروب بين الدول، وأن يسود السلام محلها، وعلى الأمم المتحدة تهيئة الأجواء المناسبة وتوحيد الجهود، وكلنا أمل في تحقيق ذلك، ومثلما استطاعت البشرية التغلب على الأوبئة الخطيرة سابقاً، نأمل أن يتمكن الباحثون والعلماء التوصل إلى عقار ينهي خطر هذه الجائحة.

أما بالنسبة لنا كسوريين وبعد تسع سنوات من الحرب وهجرة الكثير من كوادرنا الطبية، وخروج عدد كبير من المشافي عن الخدمة، وأيضاً مصانع الأدوية والعقاقير، ففي هذه الحالة وعند انتشار الفيروس لا سمح الله، فأن الوضع سيكون كارثياً، لهذا فأن من الضروري التقيد بالتعليمات والتوجيهات الصادرة عن وزارة الصحة السورية وأيضاً في مناطق الإدارة الذاتية، وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، وحتى الآن هناك حالات قليلة في سوريا. ولا بد من وقف العمليات القتالية وإفراغ السجون وتحويلها إلى مشافي ومراكز حجر صحي، بحيث نكون السباقين على المستوى العالمي في هذا الإطار وتأمين كافة مستلزمات الحماية والوقاية، حتى نتجاوز البلاء بأقل الخسائر الممكنة، ولا بد من الأخذ بالأسباب الوقائية، كما يجب إيلاء قاطني المخيمات العناية الفائقة، لأنهم الحلقة الأضعف لانتشار الفيروس، كما أننا نطالب المجتمع الدولي بالضغط على الغرب بقيادة أمريكا من أجل رفع الحصار والعقوبات على الشعب السوري، حتى يتمكن من الحصول على المعدات والمستلزمات الطبية الخاصة بالوقاية من هذا الوباء.

لأننا في سوريا نعيش حالة من عدم الاستقرار والحرب الدائرة منذ تسع سنوات، حيث باتت سوريا ساحة لتصفية الحسابات بين الدول الإقليمية والدولية، وإن لم تتخذ الإجراءات المناسبة عاجلاً سنكون أمام وضع كارثي، وسوف يحل بالشعب السوري العظيم المعروف بالاعتدال والمحبة والسلام، هذا الشعب الذي يريد الخير لغيره كما يريده لنفسه، ولكن العالم برمته تخلى عن الشعب السوري في محنته التي تستمر حتى يومنا هذا.