النساء في المناطق المحتلة.. ترياق ناجع لسموم المحتل التركي

قامشلو/ دعاء يوسف –

---

بالرغم الانتهاكات من التي يرتكبها المحتل التركي بحق المدنيين في المناطق المحتلة، نجد المرأة تتلقى النصيب الأكبر من هذه الانتهاكات وصت صمت دولي، إلا إنها ترفض التخلي عن أرضها لتكون رمزاً للمرأة المقاومة.

منذ بدء هجوم الاحتلال التركي، ومرتزقته على المدن الآمنة واحتلالها، أصبحت هذه المدن خاوية من سكانها الأصليين، واستوطنتها مجموعات محتلة تابعة لدولة الاحتلال التركي، ليعيثوا فيها خراباً، إذ قاموا بسرقة ونهب ممتلكات الأهالي، وأحرقوا البساتين، ودمروا الطبيعة، وانتهكوا الأعراض، وقاموا بتغيير أسماء المحال التجارية والشوارع، أما العنف بحق النساء فكان له النصيب الأكبر، فأصبحت أجسادهن امتداداً لأرض المعركة، فمُورس عليهن العنف الجسدي، والنفسي والمعنوي كوسيلة لإذلال الخصوم، وتدمير مجتمعات بأكملها، وتغيير ديمغرافية المناطق.

فعمد الاحتلال بعد انتهاك الأرض إلى انتهاك حقوق الإنسان، فكانت أيديولوجيته ترتكز على قتل، وتهجير أكبر عدد من سكان المناطق المحتلة؛ لأن سياسته احتلالية احلالية، وكانت المرأة، وما تزال، حاضرة في قلب المعاناة، التي يعانيها أبناء شعبها نتيجة للاحتلال، ليرتكب ضدها أبشع الجرائم من قتل وتشريد، واعتقال وتعذيب في السجون، منتهكين بذلك أبسط قواعد القانون الدولي المتعلقة بحقوق الإنسان.

هجمات تعسفية على المناطق بقصد احتلالها

في كانون الثاني 2018، غزا الاحتلال التركي مقاطعة عفرين بمساعدة المرتزقة التابعة له، ليستخدم في هجومه كل الوسائل العسكرية المتاحة، وبحلول آذار 2018، سيطرت تركيا على المنطقة، وأقامت نظاماً طويل الأمد من الاحتلال والقمع.

وفي التاسع من تشرين الأول 2019، واصل الاحتلال هجماته على نطاق أوسع على طول الحدود التركية السورية، ليجبر مئات الآلاف من الاشخاص على الفرار، إلى مناطق أخرى.

في أعقاب هذا الغزو، أصبحت منطقتا سري كانية وكري سبي/ تل أبيض، أيضاً تحت سيطرة الاحتلال التركي، وظل أردوغان يهدد باحتلال مناطق أخرى، ويواصل هجماته يوماً بعد يوم، بمساعدة مرتزقته.

ويستمر الاحتلال التركي بهجماته على المناطق الآمنة في كل من تل تمر وزركان وعين عيسى، ريف كري سبي/ تل أبيض، ومنبج، ومناطق الشهباء، وكوباني، والعديد من مناطق شمال وشرق سوريا هادفاً لزيادة رقعة الأراضي المحتلة.

المرأة في ظل الاحتلال التركي

ولم تنتهِ القصة بسلخ الأراضي من المواطنين، فما تزال المرتزقة التابعة والمدعومة، والممولة من الدولة التركية المحتلة، ترتكب أفظع الجرائم بحق المدنيين، وممتلكاتهم في المدن التي سلبوها عنوةً من أهلها، وكل هذا يجري في ظل صمت دولي ظالم، وبدوره الاحتلال التركي لا يتوانى عن استخدام اللاجئين لتغطية جرائم مرتزقته في الشمال السوري.  وفي هذا الصدد التقت صحيفتنا عضوة في مركز جنولوجي عفرين – الشهباء زهيدة معمو، التي حدثتنا عن الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة في المناطق المحتلة: “تركيا ليست دولة محتلة فقط، بل إنها عدو للكرد، وجميع شعوب المنطقة، تقوم بقتل النساء داخل تركيا وخارجها، وفي الأراضي المحتلة (كري سبي/ تل أبيض وعفرين وسري كانيه)، وتتم عمليات الاغتصاب والاعتداء والسرقة، والاختطاف ضد النساء، على مرأى ومسمع جميع الدول، منتهكة جميع حقوق الإنسان علانيةً”.

وتابعت زهيدة: “تم احتجاز واختطاف النساء على نطاق واسع، وذلك منذ احتلال تركيا للمناطق، بما فيها حالات الاختفاء القسري، والخطف مقابل فدية أو بهدف الإتجار، وحتى في حالة إطلاق سراح الضحية، فغالباً ما يترتب على حياتها عواقب وخيمة”.

وذكرت زهيدة الضغوطات ووسائل العنف النفسي والجسدي، الذي مورس بحق النساء، مشيرةً إلى أن الممارسات والانتهاكات، التي ترتكب بحق النساء في المناطق المحتلة من قبل تركيا ومرتزقتها لا تختلف عما مارسه داعش في المناطق، التي سيطر عليها: “كل بقعة دخل فيها الاحتلال التركي تتحول لبؤرة دمار، ومركز للقتل والنهب والاختطاف والاغتصاب، وكل هذه الأفعال ما هي إلا مرآة تعكس أعمال داعش في المناطق التي كانت تحت سيطرته”.

“رغم الانتهاك ترفض التخلي عن أرضها”

 

وأكدت زهيدة أن الانتهاكات ما تزال مستمرة وسط صمت دولي، وبيَّنت إن تركيا تحاول قتل المجتمعات وخلق مجتمعات تخضع لإرادتها: “إن العنف يشمل جميع المواطنين، لكنه يستهدف المرأة بشكلٍ مباشر، فالكثير من الأحداث التي لا يتقبلها العقل حدثت وتحدث في المناطق التي تحتلها تركيا، كما أن الكثير من النساء وأطفالهن في السجون التركية ويتعرضون للعنف الجسدي والنفسي”.

وأضافت: “المعتقلات اللواتي خرجن، أكدن أن تركيا بعنفها اللامحدود كانت تعذب الأمهات أمام أطفالهن، ولا زالت الكثير من التفاصيل والتأثيرات السلبية التي خلفتها سجون الاحتلال التركي تلقي بظلالها على النساء، حتى بعد خروجهن منها، وفي عفرين كان المشهد أكثر مأساة”.

ورغم كل ما تعانيه المرأة في ظلال الاحتلال التركي، تجدها مقاومة صابرة تصرخ كل حين في وجهه تركيا ومرتزقتها “لا للاحتلال”، لتثبت بقوتها وصمودها أنها أقوى من جميع أساليب التعذيب التي تمارس بحقها، وأشارت زهيدة إلى مقاومة المرأة بقولها: “إن المرأة في المناطق المحتلة رغم بشاعة ما تقاصيه في الساعة مازالت تقاوم، لتقف في وجه الاحتلال رغم ضعفها وغرس مخالب الاحتلال في جسدها متشبثة بأرضها ترفض التخلي عن وطنها”.

“الجرائم التي توثق غيث من فيض”

وقد وثّقت منظمات حقوقية سورية، خلال عام 2021 فقط، اعتقال مرتزقة الاحتلال التركي لـ 726 شخصاً من بينهم 185 امرأة، وأربعة أطفال دون سن الـ 18 بتهم مختلفة، واستشهاد 66 مدنياً بينهم 13 طفلا، و15 مواطنة بأساليب وأشكال متعددة ضمن المناطق التي احتلتها تركيا.

ولا تزال انتهاكات وممارسات الترهيب اليومية مستمرة بحق الأهالي، الذين رفضوا التهجير، واختاروا البقاء في أراضيهم، وهذا عنوان لمأساة فعلية، ورمز من رموز المقاومة التي يبديها الأهالي بحق السياسات التعسفية التي يبديها الاحتلال.

وأكملت حديثها: “تركيا لم تحترم أية قوانين، بل مارست منذ اليوم الأول من احتلالها سواءً بشكل مباشر أو عبر مرتزقتها العديد من الجرائم والانتهاكات الخطيرة، وبمختلف صورها وحدّتها وصولاً إلى أكثرها قسوةً وبشاعة، من سرقةٍ وسلبٍ ونهبٍ وقتلٍ وتعذيبٍ واعتداءاتٍ وتصفياتٍ جسدية، وتهجير قسري للسكان وتغيير ديموغرافي ممنهج وغيرها من الجرائم، التي تندرج في أغلبها تحت ما يعتبره القانون الدولي الإنساني جرائم حرب، وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية”.

وطالبت زهيدة النساء بالوقوف صفاً واحداً لكشف هذه الجرائم: “إن ما توثقه المنظمات الانسانية من جرائم بحق النساء ما هو إلا غيث من فيض، والعالم صامت على ما يجري في المناطق المحتلة؛ لذلك علينا أن نوصل الحقيقة للعالم فقد حان الوقت لوقف هذه الجريمة بحق المرأة المحتلة، وإيصال صدى صوتها للعالم”.

واختتمت عضوة مركز جنولوجي عفرين – الشهباء زهيدة معمو حديثها بالقول: “إن دولة الاحتلال التركي، لم ولن تحقق غايتها، فما تزال مقاومة النساء مستمرة، وما استطاعت المرأة تحقيقه وما تزال، سيكون الصخرة، التي تتحطم عليها كل محاولات الاحتلال التركي البائسة في القضاء على نضالها المشرف”.