المواقع الأثرية في منطقة كوباني

برادوست ميتاني_

---

تعد كوباني كغيرها من مدن روج آفا جزءاً مهماً من مهد الحضارة البشرية للمنطقة الواقعة بين نهري دجلة والفرات خاصة، ومن سوريا عامة، إذ أكدت الدراسات التاريخية وأبحاث الأركولوجيين على حدوث الاستيطان البشري القديم قبل الميلاد بآلاف السنين.

قرى أثرية قديمة

 ظهرت آثار لقرى أرجعها المؤرخون والباحثون إلى الألف العاشر قبل الميلاد، وهو تاريخ قديم يعود إلى فترات ما قبل التاريخ، سواء سكان ما يشبه الكهوف الجبلية، أو السكان الذين لهم صلة بالانتقال إلى السهول، لبناء القرى ما قبل نشوء المدينة، ويشاهد ذلك في أربع قرى كوبانية وهي: جعدة، وتل عبر، وكرى صور(برسيب أو تل أحمر)، وقرى على ضفاف الفرات وعلى بعد 20 كم من المدينة، التي عثرت فيها البعثة الفرنسية السورية على آثار تثبت ذلك، خلال عمليات التنقيب التي جرت عام 2007، شملت القرى المذكورة حيث تبين وجود قرى قديمة  تحت الأرض، كما تم العثور على لوحات مرسومة وهياكل عظمية للبشر.

وفي قرى بوجاغ بريف “صرين” وتل شيوخ فوقاني وتل شيوخ تحتاني وتل قوملق، عثر المنقبون فيها على أواني فخارية وبرونزيات صغيرة من العصر البرونزي، كانت قد عملت فيها بعثة إيطالية أيضاً قبل الأزمة بالقرب من مدفن روماني، وقد تعرضت إلى السرقة من قبل مرتزقة الجيش الحر وداعش، وتجار الآثار الذين كانوا يهربون القطع الأثرية إلى تركيا بالإضافة إلى تعرضها للتخريب. ولكن؛ لم يتمكن لصوص الآثار من سرقة لوحة فسيفساء في بلدة الشيوخ تحتاني، وذلك لضخامة حجمها.

كذلك ظهرت في تل الشيوخ التحتاني مدافن أثرية تعود إلى العصر البرونزي، وهي عبارة عن جرار فخارية وقطع برونزية، وفي أيار عام 2017، أعلنت الإدارة الذاتية في مقاطعة كوباني، استخراج لوحة فسيفسائية تمثّل حرب طروادة، التي جرت قبل الميلاد بـ 1200 عام، من نهر الفرات بالقرب من بلدة شيوخ تحتاني، ويعود تاريخ اللوحة إلى حقبة سيطرة الرومانيين على المنطقة بين عام 67 قبل الميلاد؛ حتى 637 ميلادي.

في قرية “كرى صور، تل أحمر” الأثري، نقبت قبل الحرب بعثة بلجيكية بالإضافة إلى بعثة فرنسية في قرة قوزاق أيضاً، وجميع تلك البعثات توقفت عن التنقيب بسبب الحرب، لأن قانون التنقيب يحظر ذلك خلال الحروب.

 قرية كلا رش 

وقرية “كلا رش” هي قرية فيها قلعة ذات لون أسود أي “كلا رش” وقد أكدت البعثات الأجنبية الروسية والألمانية والإنكليزية بأنها رومانية وقد كانت القلعة نقطة حراسة لقصر الملكة القريب منها، وكذلك يوجد بالقرب منها قصر الملك أيضاً، ومقبرة قديمة كبيرة فيها مومياوات من العصر الروماني، كما تقع بالقرب من القلعة، قلعة أخرى تحمل اسم كلا هسن أي قلعة الحديد.

قرية تل البنات

تقع القرية في أقصى جنوب مدينة كوباني، بالقرب من بلدة صرين، حيث تل أثري يظهر على ضفاف الفرات، يعود تاريخه حسب المؤرخين وعلماء آثاريين عالميين إلى الألف الثالث قبل الميلاد. يعد التل أحد أقدم المواقع المأهولة بالسكان وكان موقعاً ضخماً لدفن المقاتلين، وحسب بعثات أجنبية نقبت في الموقع عام 1988، فإن قرية تل البنات شاهدة على قيام ما قد يكون أول حربٍ أهلية في التاريخ. بذلك يعدُّ التل أقدم نصب حربي في العالم.

تلال أثرية أخرى

 توجد تلال أثرية أخرى منها “تل طاشلوك فوقاني” جنوب كوباني 18كم، وتل “كربلك” 25كم وتل “بوزك فوقاني” 34كم، ومدافن تحتك حلبي 33كم، وجميعها تقع في جنوب كوباني، وتل “صوفي” شرقي كوباني 7كم، وخربة كيكان خمسة كم، وتل حاجب شرقي كوباني، وتل روفي في جنوب كوباني، وكذلك تل دونغز وتل غزال، وفي الغرب تل ستية وتل قروف وتل سوسان وتل تعلك غربي كوباني، بالإضافة إلى دير قنسرين على الضفة اليسرى لنهر الفرات بالجهة المقابلة لمدينة جرابلس.

بلدة شيران (خداتو) 

بلدة شيران بلدة أثرية تقع جنوبي شرقي مدينة كوباني بـ سبعة كيلومترات، وسط سهل سروج  وهي أحد أقدم المدن في  روج آفا وسوريا، وقد سميت بذلك لكثرة التماثيل وهياكل الأسود، حيث “شير” في اللغة الكردية هو “الأسد”، وكالعادة لكي يتهرب النظام في سوريا عن ذكر الأسماء الحقيقية الواردة في اللغة الكردية يلجأ إلى ذكر تسميات أخرى، تلتقي مع هواه السياسي الإقصائي للثقافة الكردية ووجودها، ولأن الحضارة الآشورية أيضاً تعاقبت عليها في قرابة 700 ق.م، لذلك استخدم النظام اسم “حداتو- خداتو” على أنه آشوري وفسره بمعنى حداثة علماً أن الاسم يلفظ في العديد من المصادر بصيغة خداتو، وهو القريب من اللغة الكردية بصيغة اسم مركب “خدا و أوتو” بمعنى إله الشمس، وخاصة أن آثار البلدة تشهد صوراً لإله الشمس أيضاً. أما الاحتلال العثماني فقد عمل الأتراك بدورهم على التغيير الديمغرافي للبلدة بدءاً من الاسم إذ حولوه إلى “أرسلان تاش” أي أسد صخري وهم الاسم المحرف من شير الاسم الكردي.

يعود تاريخ نشأة البلدة إلى 3000ق.م، وعاصرت فترة حكم الإمبراطورية الهيتية الحثية 1600 عام قبل الميلاد، ليحكمها بعد ذلك الميتانيون والميديون، وبعدها الآشوريون والهيلينيون اليونانيون، حيث لهم فيها قصر.

لقد اكتشف الآركولوجيون في البلدة سوراً بيضوياً للمدينة القديمة بطول 750م، وعرض 550م، وبداخله معبد كبير محمي بثورين ذي قرنين بارزين، علامة الألوهية، ويضم ستة تماثيل للآلهة وقصراً للملكة، إلى جانبه بناء ضخم أقدم منه يسمى بيت العاجيات لوجود مجموعة كبيرة من القطع الفنية مصنوعة من العاج، وأشكال إنسانية وحيوانية وخرافية وآلهة منها “إستير” أي عشتار، وتماثيل لأسود ضخمة تحمي بوابات المدينة وأبو الهول المجنح، كما توجد في شيران ضريح “النبي سروج”، هذا الشخص الذي ينتمي إلى سلالة النبي نوح عليه السلام، وجد النبي إبراهيم عليه السلام، وأغلب الآثار عثرت عليها بعثة فرنسية عام 1928م، خلال الانتداب الفرنسي لسوريا وذلك بإشراف الأمين العام لدائرة الآثار الشرقية في متحف اللوفر “تورو دانجان” وقد شارك في حملات البحث والتنقيب الأب أوغسطين باروا، والباحث جورج دوسان، وعالم الآثار موريس دونان، وتم نقلها إلى المتاحف الفرنسية بإشراف مستر تورو (أهل المدينة يسمونه توروس)، كما يوجد بعض آثارها في متحف حلب، مثل أسود البوابة وتمثال الإله الحامل لصندوق الأعطيات، بالإضافة إلى أخذ الآثار إلى إسطنبول خلال الاحتلال العثماني للمنطقة، إذ أن بعض الأسود الحجرية الموجودة في البلدة  ليست أصلية.

بعد توقف الحرب الميتانية الفرعونية وحلول السلام بينهما تم تبادل هدايا وكنوز وأشياء ثمينة، كان من ضمنها مقتنيات ثمينة من شيران، ذلك ما أكدته آثار التنقيب عن وجود آثار تخص الفراعنة في شيران.

إن هيئة الآثار في إقليم الفرات التابعة للإدارة الذاتية استرجعت بعض أسودها الموجودة في الرقة علماً أن البعض منها كان قد تحطم على يد داعش في الرقة، وقد تم ترميمها حالياً.

المصادر:

-كتاب عن آثار شيران للفرنسي فرانسوا تورو دانجان 1931م ترجمة من الفرنسية إلى العربية أ. أحمد حسن

أ- مصطفى حسين – راديو ولات برنامج “من كوباني”

ـ صحيفة روناهي 7 كانون الأول 2022 م

-الموقع الرسمي لمقاطعة كوباني17-4-2016

ـ صفحة شخصيات بارزة في التاريخ الكردي 8 تشرين الأول 2014

ـ نورث برس –ANF  نيوز

ـ الموقع الإلكتروني لمديرية حماية الآثار في مقاطعة كوباني