المقدسات الإيزيدية هدف لنيران الاحتلال التركي ومرتزقته

تقرير/ محمد محمود-

روناهي/ قامشلو: سلسلة انتهاكات دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها تجاه الشعب الإيزيدي لا تعد ولا تحصى؛ فالتهديدات التي وجهتها المرتزقة التابعة لتركيا عند اجتياح عفرين كانت أكبر برهان على نيتهم بالقضاء على الديانة الممتدة منذ آلاف السنين

إن جرائم المرتزقة الموالين لتركيا لم يسلم منها البشر ولا الحجر، فكان الشعب الإيزيدي ومقدساته هدفهم الأول والأخير, إضافة إلى التطهير العرقي ومحو الديانة والتاريخ العريق للكرد الإيزيديين بحجة “الكفر”.

الإكراه على الدين

ولبحث هذا الموضوع التقت صحيفتنا مع الرئيس المشترك لاتحاد الإيزيديين في عفرين “مصطفى علي شان“، فقال “إن مع بداية دخول جيش الاحتلال التركي لمدينة عفرين، كانت الفصائل المسلحة التابعة للاحتلال تدخل القرى الإيزيدية وتقوم بتدمير كل المزارات والأماكن المقدسة الموجودة فيها، وارتكبوا عمليات السلب والنهب والقتل بحق الشعب الإيزيدي, محاولين إعادة ما قام بها العثمانيون في الماضي, ناهيك عن إجبارهم على ترك ديانتهم واعتناق الدين الإسلامي بدلاً عنه, هادفين لتجرد المناطق والقرى الإيزيدية من أصولها ومحو الدين منها, بالإضافة لفرض اللباس الإسلامي على النساء الإيزيديات من قبل الفصائل الجهادية والسلفية لفرض الثقافة والفكر الإسلامي عليهم”.

 وأردف علي شان بأن الكرد الإيزيديين يتوزعون في ثلاثة وعشرين قرية ضمن مقاطعة عفرين المحتلة، ويوجد أكثر من تسعة عشر مزاراً في المقاطعة، وكلها تعرضت للانتهاكات على يد المرتزقة التابعين لتركيا, حيث قاموا بالكثير من الأمور المنافية لتعاليم جميع الأديان السماوية، وقال: “إن قيامهم بإفراغ مزار الشيخ علي في قرية باصوفان والعبث بمحتوياته، وتدمير مزار الشيخ غريب في قرية سنكا في ناحية شرا, وغيرها من المزارات؛ هو أمر غير مقبول ويجب محاسبة هؤلاء بحسب القوانين الدولية التي تدعو إلى حرية الأديان”.

تدمير متعمّد للمقدسات

 إن ما تعرض له الكرد الإيزيديون في المناطق المحتلة لم يكن فقط من قبل المرتزقة التابعين لتركيا؛ بل أيضاً كان لجيش الاحتلال التركي وطائراته الحربية دور كبير لما تعرضت له المقدسات والشعب الإيزيدي من قتلٍ وتدميرِ ممتلكات وتهجيرٍ, وأكد علي شان قائلاً: “إن الانتهاكات ضد الشعب والمزارات الإيزيدية ارتكبها جيش الاحتلال التركي، ودمّرَ مركز اتحاد الإيزيديين الثقافي والاجتماعي, وتمثال النبي زرادشت وقبة لالش في مركز مدينة عفرين, بالإضافة إلى استهداف الطائرات الحربية التركية عن سابق إصرارٍ وتصميم معبد عين دارا، الذي يعود تاريخه إلى 1300 ق.م، وقد كان المعبد الوحيد من نوعه في العالم، وتم الاستيلاء على أكبر مزار إيزيدي في سوريا الواقع على قمة جبل الشيخ بركات المشرف على بلدة دارة عزة وجعلت منه تركيا مركزاً للمراقبة, وأزالت كل المعالم الإيزيدية عنه وصبغته بصبغة إسلامية تركية, ومنع الكرد الإيزيديين من إقامة الحفلات الدينية الخاصة بهم كما هو الحال في عيد الأربعاء الأحمر الذي يعتبر بداية السنة الجديدة في الديانة الإيزيدية”.

إن الانتهاكات التي تقوم بها تركيا والمرتزقة التابعون لها في عفرين, وقيامها بالأمور التخريبية من محو الثقافات والديانات مثل الإيزيدية تردد صداه في العالم كله، خصوصاً بعد زيارة وفد اللجنة الدولية لحرية الأديان في الكونغرس إلى شمال وشرق سوريا، وهنا كانت المفاجأة لتكون تلك الزيارة هي طريق الخلاص للكرد الإيزيديين, ليتم المطالبة بعقد اجتماع مع اللجنة لإطلاعهم على ما تقوم به تركيا والمرتزقة التابعيين لها في عفرين والمناطق المحتلة من جرائم وانتهاكات بحق الإنسان ككل, وأخذ موضوع الانتهاكات الحاصلة بحق الإيزيديين خصوصاً على محمل الجد وإيقاف تلك المجموعات عن جرائمها.

لجنة حرية الأديان تستلم ملفات التوثيق

أشار علي شان إلى ما يتعلق باللجنة الدولية لحرية الأديان قائلاً: “لقد قمنا بتجهيز ملف عن تواجد الكرد الإيزيديين في عفرين، ووثقنا الانتهاكات الممنهجة التي قام بها المرتزقة, وتم توثيق كل حالات التغيير الديموغرافي والقتل والتهجير وتدمير المزارات الدينية، وفرض الديانة الإسلامية على من تبقى من الكرد الإيزيديين, إضافةً لفرض اللباس الإسلامي على الفتيات الإيزيديات، والتصفية الجسدية للمواطنين الإيزيديين الذين امتنعوا عن نطق الشهادتين, حيث كانت هناك جلسة استماع في الكونغرس الأمريكي في حزيران من السنة الجارية، وأُرسلت تلك الملفات التي تثبت انتهاكات الدولة التركية وفصائلها بحق الكرد الإيزيديين في عفرين عن طريق الدكتورة أومي أوستين هولمز، حيث استمرت تلك الجلسة حوالي السبع ساعات؛ فكانت نتيجتها أن قامت اللجنة برفع توصية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالضغط على الدولة التركية للانسحاب من كافة الأراضي السوري وخاصة مناطق تواجد الكرد الإيزيديين والسريان والمسيحيين.

 تتوالى النقاشات والاجتماعات بين ممثلي الكرد الإيزيديين في اللجنة الدولية لحرية الأديان؛ وعُقد اجتماع ثانٍ حضره كلٌّ من النائبة العامة للجنة الدولية لحرية الأديان والوفد المرافق لها وممثلو اتحاد الإيزيديين في إقليم عفرين، وممثلون عن البيت الإيزيدي في إقليم الجزيرة؛ وحول هذا الاجتماع أفادنا مصطفى علي شان مختتماً حديثه: “لقد تركز النقاش في الاجتماع على عدة نقاط، وكان أهمها انتهاكات الاحتلال التركي وفصائله الإسلامية الراديكالية في عفرين، وما يعانيه الإيزيديون تحت نير الاحتلال التركي من قتل وسلب وتهجيرٍ قسري، وتغيير ديموغرافي في القرى الإيزيدية ومحو هويتهم وتخريب مزاراتهم الدينية”.