قامشلو / رشا علي ـ
على الرغم من العوائق والصعوبات، التي واجهت سير العملية التعليمية في شمال وشرق سوريا، إلا أنها تكللت بالنجاح، بإدخال أنظمة جديدة، وإصدار قرارات ساهمت في الرقي بالمستوى المعرفي للطلبة، والمعلمين، والمعلمات، ورافقتها خطة جديدة للعام الدراسي القادم.
تأثر التعليم كغيره من المجالات بالحرب السورية، لا بل كان الأكثر تأثيراً مقارنة مع غيره من المجالات، ففي ظل الهجمات، والخراب والدمار الناجمين عن المعارك، توقفت العملية التعليمية في مناطق سورية عدة؛ لتحرم الأطفال سنوات عدة من حقهم في التعليم.
وبقيت حكومة دمشق متحفظة بمناهجها الكلاسيكية، المؤدلجة، وكان الوضع أسوأً في المناطق التي احتلتها تركيا والمرتزقة التابعة لها، الذين أحدثوا تغييراً ديمغرافياً في المنطقة، وحولوا تلك المنطقة إلى بيئة؛ لتكريس الفكر المتطرف العنصري، وفرض لغتهم وثقافتهم التركية.
فيما شهدت مناطق شمال وشرق سوريا، تحولاً استراتيجياً هاماً في دور التعليم، بدأ ذلك مع الإعلان عن تأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية في عام 2014، لتكون هيئة التربية والتعليم إحدى الهيئات، التي تشكلت ضمن الإدارة، فكانت الركيزة الأساسية لتطوير التعليم، ومنح شعوب المنطقة الحق في التعلم بلغتهم الأم، سواء العربية منها، أو الكردية أو السريانية.
وتم إعداد منهاج شامل للمراحل التعليمية كافة بدءاً من المرحلة الابتدائية، فالإعدادية، والثانوية بأفرعها العلمية، والأدبية، والمهنية، ومتابعة السلك التعليمي في الجامعات، والمعاهد التي تشكلت كإحدى نتاجات ثورة روج آفا. وعلى الرغم من الثغرات والنواقص، الصعوبات والعوائق التي تعترض المجال التعليمي كل عام إلا إن إصرار العاملين، والعاملات في هذا المجال على إكمال المرحلة التعليمية بنجاح، كان المسعى الأولي للكادر التعليمي. والمسيرة التعليمية لعام 2021 ـ 2022 أيضاً واجهت بعض الصعوبات، لكن النجاح كان السمة الأساسية، التي ميزت هذا العام عن غيره من الأعوام.
التحضيرات العملية للعام الدراسي
الكثير من التحضيرات سبقت الفصل الدراسي لعام 2021ـ 2022 في إقليم الجزيرة، خاصة فيما يتعلق بتدريب المعلمين، والمعلمات، وذلك لرفع المستوى التعليمي لديهم، وعُدت هذه الخطوة الميزة، التي رافقت الفصل مقارنة مع العام الماضي، كما أكدته الرئيسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم في إقليم الجزيرة “روهات خليل” في لقاء، لصحيفتنا معها “في بداية العام الدراسي قمنا بالتحضيرات اللازمة من خلال إخضاع جميع المعلمين، والمعلمات في المرحلة الابتدائية لدورات تدريبية عن المنهاج الدراسي، وطرائق التدريس، كما خضع معلمو ومعلمات المرحلة الإعدادية، والثانوية لدورات تدريبية حسب منهاجهم أيضاً، إلى جانب ذلك فإن أكاديمياتنا مستمرة، بإعطاء الدورات التدريبية، وفي هذه السنة أعطي الكثير من الدورات التدريبية، للمعلمين وللمعلمات”. ورافقت تدريب المعلمين والمعلمات تحضيرات أخرى في بداية العام الدراسي، مثل توزيع الكتب على الطلبة، وتنظيف وتعقيم المدارس؛ للحماية من جائحة كورونا حفاظاً على صحة الطلبة، والتي كانت سبباً في توقيف عملية التعليم في بداية افتتاح المدارس لعدة أيام لتستمر بعدها العملية بشكل جيد.
نجاح الواقع التعليمي في إقليم الجزيرة
بعض النجاحات، التي تحققت في العام الماضي، كان له تأثير على العام الدراسي 2021ـ2022، ففي العام الماضي، افتتحت خمس عشرة مدرسة مهنية على مستوى إقليم الجزيرة بفروعها “الزراعة، الصناعة، الصحة، التجارة” لتكون فرصة للطلبة، بإكمال دراستهم بعد إنهاء الصف التاسع الإعدادي، بالإضافة إلى ذلك افتتاح صرحين آخرين في مجال التعليم؛ معهدين لإعداد المعلمين في كل من مدينة الحسكة، وقامشلو كفرصة للطلبة، ممن نجحوا في الصف الثالث الثانوي، لكن لم يحظوا بإكمال تعليمهم في الجامعات؛ بسبب علاماتهم المتدنية.
وكشفت روهات عن عدد الطلبة، الذين انضموا إلى المعهدين “700” طالب وطالبة من الشعبين العربي والكردي، انضموا إلى المعهدين فأفرعها الفيزياء، الكيمياء، الرياضيات، العلوم، الرسم، الرياضة، الموسيقا، اللغة الكردية، الإنكليزية بالإضافة إلى الكمبيوتر، وطرائق التدريس، وكما قيمته روهات، فإن المعهدين يستمران بشكل جيد بعد إنهاء عامهما الأول.
تحفيز وتعليم
لم ينحصر دور المعلم، أو المعلمة في منح الطلبة دروساً تعليمية في المناهج، بل كان لهم دور في تشجيع وتحفيز، وتقوية الطلبة في بعض المواهب أيضاً، وقد أجريت المسابقات بين الطلبة على مستوى المدينة، والبلدات التابعة لها هذا العام في مختلف المواد، سواء المتعلقة بالمناهج أو المواهب كالعلوم، الرياضيات، الموسيقا، الرسم وقد كُرِّم الفائزون على تقدمهم في المسابقات، وغيرها من النشاطات والفعاليات، التي كان من شأنها رفع المستوى المعرفي والمهني للطلبة.
دراسة عبر الأون لاين…
تأثرت المسيرة التعليمية في جميع العالم في ظل جائحة كورونا، ولكن تطبيق نظام أون لاين كان الحل المناسب، وبفضله لم يتأثر الطلبة في السنة الماضية وأصبحت المعلومات التي اكتسبوها عبر الأون لاين قاعدة لهذا العام، وعن تأثير تطبيق نظام دراسة أون لاين، الذي طبقته هيئة التربية والتعليم في إقليم الجزيرة في السنة الفائتة، كغيرها من الجهات التعليمية في العالم على الطلبة، شددت روهات: “كان الحل المناسب لأجل ألا يحرم الطالب من دراسته، فتطبيق نظام الأون لاين كان خطوة جيدة، وهي الخطوة الأولى، التي قامت بها هيئة التربية والتعليم، بتسجيل المناهج الإدارة الذاتية، ونشرها على اليوتيوب وباللغتين العربية والكردية”.
أضافت روهات على ذلك: “التدريس عبر أون لاين بقيت ثابتة إلى الآن، فإن كان هناك نقص بالمعلمين، والمعلمات في إحدى المدارس، فإن الطالب باستطاعته متابعة الدروس عبر النظام، وهذا النظام يفيد المعلم أيضاً، وذلك بإعادة معلوماته”.
شمولية القرارات والأنظمة النافذة
شمل هذا العام تغيراً في تقييم الطلاب مقارنة مع العام الماضي، حيث كان العام الماضي أول عام يخضع فيها طلاب الصف الثالث الثانوي، والثالث الإعدادي إلى امتحانات مركزية، وحسب نتيجة الامتحانات الثانوية يقبل الطالب للدراسة في الجامعة، أما في هذه السنة تغيرت سياسة التقييم لجميع الصفوف، كما بينته روهات: “طلاب الصف الثالث الإعدادي، والثالث الثانوي تم تقيمهم حسب الأعوام الدراسية الثلاثة الماضية، وعامهم الحالي، فمثلا تقييم طلاب الصف التاسع، يكون من خلال جمع تقييمات الصف السابع والثامن والتاسع للطلاب وتقسيمها، وكذلك طلاب الثالث الثانوي يتم جمع تقييم الصف العاشر والحادي عشر والثاني عشر وتقسيمها، وعلى هذا الأساس التقييم سيتم قبولهم في الجامعة”.
خطوات أخرى تقدمت بها الهيئة، وزادت بذلك دعمها للطلبة، حيث أقرت بقرارات جديدة ضمن المرحلة التدريسية لعام 2021ـ2022، ومن بينها نظام الدراسة الحرة، وبه يتمكن الطالب الحر من إكمال دراسته من جديد، وعن هذا الموضوع أوضحت روهات قائلة: “تم تطبيق نظام الدراسة الحرة من قبل هيئة التربية والتعليم في هذا العام، فإن أكثر من ثلاثمائة طالب وطالبة سجلوا أسماءهم من أجل تقديم الامتحانات النهائية، بعد إخضاعهم لامتحان القبول، وبعد إجراء الامتحانات النهائية، يستطيع الطالب التقدم للمفاضلة من أجل إكمال الدراسة في المرحلة الجامعية”.
الصعوبات والمعوقات…
على الرغم من التقدم، الذي طرأ على العملية التعليمية، إلا أن وجود بعض الصعوبات والمعوقات، التي بدورها أثّرت على العملية التعليمية، فلم تصل إلى المستوى المطلوب، وتمثلت العوائق بهجمات الاحتلال التركي على المنطقة، وتهجير العوائل وانقطاع الكثير من الطلبة عن الدراسة، ناهيك عن أن الكثير من المدارس أصبحت مأوى للعوائل، كما حصل في الحسكة، فتم تجميع طلبة العديد من المدارس في مدرسة واحدة، وهذا كان له تأثير سلبي على دراستهم.
أما فيما يتعلق بالصعوبات، فتمحورت حول نقص توفير الخدمات في المدارس، مثل توفير الماء، وقِدم المدارس، وحاجتها إلى الترميم.
تضاعف أعداد الطلبة
استناداً إلى كل ما ذكر، وما حققته الهيئة من تقدمها في العملية الدراسية، فقد كشفت إحصائية عدد الطلبة مدى النجاح، الذي أحرزته الهيئة هذا العام، فقد زاد عدد الطلبة عن السنة الماضية 36134 طالباً وطالبة، وبلغت عدد المدارس في إقليم الجزيرة 2229 مدرسة، كما وبلغ عدد الطلبة من الشعب العربي، والكردي هذه السنة 230 ألف طالب، وطالبة على مستوى الإقليم فيما كان عددهم في العام الماضي 193866 طالباً وطالبة.
