سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

المرأة في شمال وشرق سوريا تنسج الحرية

استنكرت نساء شمال وشرق سوريا العنف الممارس على المرأة من خلال الفعاليات والنشاطات التي قامت بها؛ بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة المصادف لـ الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني الجاري، وذلك بعقد الندوات وإلقاء المحاضرات والخروج في تظاهرات عارمة، وإصدار البيانات، ونشاطات أخرى ليؤكدن بأن العنف على أيّ امرأة في أيّ مكان ما؛ إنما هو عنف على النساء كافة…
 مركز الأخبار ـ خاضت المرأة في شمال وشرق سورياً نضالاً على الأصعدة كافة في غضون السنوات الست الماضية، فتصدت لمرتزقة داعش في جبهات القتال بعد أن شكلت وحدات خاصة بها، كما وقادت السلكين السياسي والدبلوماسي، وباتت صدى لثورة روج آفا وشمال سوريا في الاجتماعات والمحافل الدولية، كما وأدارت المجتمع من خلال إشغال حيّز هام في الإدارات الذاتية والمدنية في شمال وشرق سوريا، وباتت رئيسة مشتركة للهيئات والمجالس والكومينات كافة، ولم تتوقف عند ذلك الحدّ فقط، بل استمرت في نضالها بالوقوف على مشكلات المرأة ووضع الحلول لها في دور المرأة ومجالس العدالة الاجتماعية، كما وناهضت العنف الممارس بحق المرأة أينما تواجدت. وبصدد مناهضة العنف ضدّ المرأة؛ قامت بفعاليات عدة استنكرت من خلالها العنف على المرأة والحدّ من الممارسات عليها.
ففي الطبقة؛ أقام مجلس المرأة السورية ندوة حول العنف ضد المرأة ضمن سلسلة فعاليات لمناهضة العنف ضد المرأة في الخامس والعشرين من تشرين الثاني وأقيمت الندوة في المركز الثقافي بالطبقة.
وحضرت الندوة العاملات في الإدارة المدنية الديمقراطية لمنطقة الطبقة ومعلمات في لجنة التربية والتعليم وعضوات إدارة المرأة في المنطقة.
بدأت الندوة بوقوف الحضور دقيقة صمت على أرواح الشهداء. وألقت المحاضرة عضوة مجلس المرأة السورية جيهان محمد والتي بدأت بتقييم للوضع السياسي الراهن على الساحة السورية من الهجمات التركية على الشمال السوري واحتلال عفرين، وأكدت بأن من حمل المعاناة خلال فترة الحرب هي المرأة بشكل عام وأن الرجل في الكثير من الأحيان يترك كل الأمور على عاتق المرأة.
وأكدت جيهان خلال المحاضرة أن المرأة هي من وزعت الأدوار في مجتمع الكلان، حيث كان يسود ذلك المجتمع المحبة والسلام؛ لأن المرأة كانت تديره وقد تعلم الرجل بعد فترة المكر من خلال صيد الذي كان مهمته في تلك الفترة واستطاع التغلب على المرأة رغم مقاومتها له، وكان الانكسار الأول للمرأة في مدينة سومر، حيث نزلت إلى الطبقة السفلى وتحولت إلى آلة من أجل الجنس فقط.
وذكرت جيهان خلال المحاضرة أنه في عام 1960م اتخذت هيئة الأمم المتحدة من يوم الـ 25من تشرين الثاني يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، حيث كان يوماً أليماً في يوم اغتيال الأخوات ميرابل واغتيالهن من قبل السلطة الذكورية ليصبح هذا اليوم معلماً من معالم مقاومة المرأة حول العالم.
وفي منبج؛ عقد مركز الجينولوجيا؛ ندوة فكرية تحت عنوان “ظاهرة العنف ضد المرأة” بالتّعاون والّتنسيق مع اتحاد المثقفين في المدينة، وذلك بقاعة مكتبة محمد منلا غزيل الكّائنة في مبنى اتحاد المثقفين، وبحضور العديد من المؤسسات المدنية والكثير من الشّخصيات الثّقافية والسياسية في المدينة.
وأدارت النّدوة الّرئيسة المشتركة لاتحاد المثقفين عليا شاهين، وعدداً من المحاضرات مسؤولة العلاقات العامة في مجلس المرأة هناء الشريف، وعضوة مركز الجينولوجيا وعضوة اتحاد المثقفين صديقة خلو، ومسؤولة مركز الجينولوجيا في منبج وريفها رنكين. بدأت النّدوة بالوقوف دقيقة صمت على أرواح الّشهداء ثم رحّبت عليا شاهين الرّئيسة المشتركة لاتحاد المثقفين بالحضور، وأوضحت محاور الندوة، بالحديث عن ظاهرة العنف، وأشكالها، ومفهومها، والآثار الّناجمة عنها.

وألقت مسؤولة العلاقات العامة في مجلس المرأة هناء الشريف كلمة، رحّبت بها بالحضور، فقالت: “جميل أن نرى حضور الّجنسين لهذه الّندوة. فالعنف لا يقتصر على المرأة وحدها، بل يشمل أيضاً الّذهنية الّسلطوية لدى الرّجل”.
وفي حديثها عن اختلاف ظاهرة العنف ضد المرأة من مكان إلى آخر، واتخاذه أشكالاً مختلفة، قالت: “هناك عنف جسديّ؛ يتمثّل بالضرب المبرّح، وله آثار جانبية؛ كالكدمات، والجروح، والكسور. وقد تتلقّى المرأة هذا العنف من أقرب أفراد العائلة، بما فيهم الأهل، والّزوج. كما أنّ هناك عنف نفسي؛ يتمثّل بالاضطهاد، والاستعباد، وتدمير الحالة الّنفسية للمرأة، وهناك عنف سياسي؛ يمارس بحقّها، فحين تقتل المرأة رجلاً؛ تجرّم بكافة أشكال القوانين، فتسجن، وتعذّب. بينما الّرجل لا يجرّم، ولا يعاقب في قتله للمرأة؛ بدافع الّشرف”.
وعن دور مجلس المرأة في علاج تلك الّظاهرة، بيّنت هناء الّشريف ذلك بالقول: “تقوم عضوات المجلس بحملات توعية بهذه الّظاهرة بشكل مستمر، كما وتقوم دار المرأة، بمتابعة قضايا المرأة، وتوعيتها عبر حوارات واسعة، وهو على أي حال يستقبل الّطلبات كافة بشكل دائم؛ بخصوص الّشكاوى؛ المقدّمة من قبل نساء كثيرات؛ يعانين جرّاء ظاهرة العنف. ونعمل على إصدار لوائح قانونّية؛ من خلال عقوبات صارمة للحدّ من تبعات هذه الّظاهرة”.
وأشارت مسؤولة مركز الجنيولوجيا رنكين إلى أن هناك انحرافاً فكرياً؛ عزّز جدليّة هذه الّظاهرة قائلة: “هناك انحراف فكريّ؛ بموضوع ظاهرة العنف ضد المرأة، وهو مصدر الإشكالية؛ وذلك بتحويل القداسة في السابق التي كانت تشي بالمرأة فكرياً، وجسدياً؛ لتختفي تدريجياً من أذهان الرجال. وهذا الحال كان سائداً في معابد في أورفا، وإسرائيل، والمعبد الرّئيسي في مدينة منبج؛ ممثلّة بالإلهة أتارغتيس. وكان على الرّجال الّراغبين بالدخول لزيارة المعبد؛ في محاولة منهم أن يساووا أنفسهم بمرتبة الآلهة، لصالح إرضاء الآلهة. مقابل التخلّي عن طابع الّذكورة، ورّبما إذا طرحنا هذه الفكرة على المجتمع الآن؛ ستقوم القيامة ولن تقعد”.
وفي الحديث عن آثار العنف على المرأة؛ أوضحت عضوة مركز الجنولوجيا، وعضوة اتحاد المثقفين صديقة خلو، قائلة: “يتمثّل آثار العنف في أكثر أنواعه حدة، بنواحي نفسيّة مضاعفة؛ تؤدّي إلى ردّة فعل عكسية، تبدأ بالتدخين وقد تصل إلى درجة تعاطي المخدرات، الأمر الّذي يزيد من الآثار المترتّبة عليه من الناحية الاجتماعية، منها التفكّك الأسري، وعزلة المرأة”.
وفي عين عيسى؛ نظّمت دار المرأة ومؤتمر ستار بناحيّة عين عيسى مسيرة مُناهضة لأشكال العُنف كافة الممارس بحق المرأة؛ بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة المصادف لـ 25 من شهر تشرين الثاني الجاري، وبمشاركة واسعة من قبل النساء في ناحيّة عين عيسى وريفها.
وانطلقت المسيرة من أمام مبنى مجلس ناحيَّة عين عيسى لتجوب شوارع الناحيَّة مروراً بدوار مركز الناحيَّة، رافعةً أعلام مؤتمر ستار والمرأة الشابة، ومنادياً بشعارات تُدين العُنف المُمارس بحقّ المرأة، ومُستنكراً الجرائم البشعة التي تُمارس بحقها، ويافطات مكتوب عليها “حرية القائد هي حرية المرأة”، “المرأة هي الحياة، لا تقتلوا الحياة”، “لا للعنف ضد المرأة “، “المرأة المقاومة تبقى صامدة”.
وبعد وصول المسيرة الى ساحة الجامع الكبير وسط ناحيَّة عين عيسى؛ ألقيت العديد من الكلمات باسم المرأة الشابة فاطمة بوزان وباسم دار المرأة بناحيّة عين عيسى خولة عبد الجبار وباسم لجنة التربية والتعليم في الناحية غالية عبود وباسم حزب الاتحاد الديمقراطي تهاني عبد السلام.
وعبرت مُجمل الكلمات عن أنَّ جذور الحياة والتطور الذي يشهدهُ العالم أجمع جاء من فكر “الجينولوجيا”، وأنَّ المرأة عاشت مرارة الذُّل والانكسار من قبل النظام الذكوري، وأن فكر الرجل المُتسلط هو الذي شوه الحياة التي تمثلها المرأة بكل جوانبها.
كما أشرنَّ إلى أنَّه إن لم يتم توعيَّة المُجتمع فستستمر هذه الجرائم بحقها، وستبقى مهمشة ومغلوب على أمرها من قبل المجتمع.
واستنكرن الجرائم التي تقتل وتعذب وتُهان المرأة من أجلها، ومهما كانت دواعيها وأسبابها.

تقرير/ كروب روناهي