سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

المرأة اللبنة الأساسية لثورة روج آفا وشمال سوريا، وبها ازدهرت

 تقرير/ دلال جان

روناهي/ الحسكة- كانت ثورة روج آفا وشمال سوريا شاملة في كافة الميادين وعلى جميع الأصعدة والمجالات، ولا سيما على صعيد المرأة، حيث استندت على المجتمع الحر الذي تشكل حرية المرأة اللبنة الأساسية فيه والتي بدونها يستحيل تحقيق أي مجتمع حر أو ثورة بمعنى الكلمة، وهذا هو الفارق الأساسي بين ثورة روج آفا وباقي الثورات وهذا الفارق هو نتاج الفلسفة الأوجلانية لبناء المجتمع الديمقراطي الحر.
يذكر التاريخ بأن المرأة كان لها دورها الكبير في التطور البشري والحفاظ على نسله، ليس من خلال الإنجاب فقط بل من خلال الإبداعات والاختراعات التي ساهمت فيها المرأة، فالزراعة والطب لهما دور كبير في استمرار الحياة وتعود للمرأة الفضل في اكتشافها، ولكن السلطة الذكورية والدولة قزمت دور المرأة حتى أوصلت بها إلى أدنى درجات الانحطاط والعبودية والتي أودت بها إلى قبول الخنوع والذل وفقدان الثقة بنفسها وإرادتها وأصبحت سلعة مادية وفاقدة القدرة على إتمام أي دور لها في المجتمع، وعملت السلطة الذكورية والدولة إلى زيادة الهوة بين الرجل والمرأة بكل الأساليب والوسائل وابتكرت كل ما يمكن من يزيد هذه الفوارق بين المرأة والرجل ليتمكن من السيطرة على المرأة، وبالتالي السيطرة على المجتمع وخضوعه لإرادته ومصالحه فقط.
بدون مشاركة المرأة يصعب الانتصار على الإرهاب
وقد جاءت الفلسفة الأوجلانية رداً على كل دعاة المرأة المضطهدة، وذلك عبر تحليل موضوعي تاريخي بين فيها الدور البارز للمرأة في بناء المجتمعات الحرة والتي تفوق دور الرجل وأن المرأة هي الحجر الأساس في تحقيق أي انتصار سواءً في الثورات أو في بناء المجتمع وتطوره، وقد تبنت ثورة روج آفا هذه المفاهيم الثورية المرتبطة بتطور المرأة ومشاركتها الفعالة في الوصول إلى النصر وتحقيق الحرية والعدالة عبر المرأة الحرة، وتبنت المرأة الثورة وجعلت نضالها من أجل الحرية من أولوياتها، فكانت السباقة إلى النضال والمشاركة في كافة المجالات والأصعدة السياسية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والصحية في ثورة روج آفا وشمال سوريا فقد بلغت المرأة القمة في المجال العسكري لمشاركتها الفعالة في حرب لم يشهد التاريخ مثيلاً لها وبدون مشاركتها كان من الصعوبة الانتصار على الإرهاب.
قدرتها على خوض النضال السياسي
أما من الناحية السياسية أثبتت المرأة قدرتها ومقدرتها على خوض النضال السياسي من أجل مجتمعها بكل شرائحه وأطيافه، واستطاعت أن تكون نداً للرجل والتفوق عليه وتتخذ القرار السياسي في كافة مراحل الثورة وتنشئ التنظيمات السياسية والأحزاب والتحكم في القرارات المصيرية التي تهم شعبها، فبدأت بتنظيم نفسها في إطار نضالي محكم استطاعت المرأة من خلالها من اكتساب سمة التميز ومثالاً للمرأة المناضلة لنيل حقو
قها السياسية بعد صراعها لقرون مع السلطة والذهنية الذكورية، وبذلك استطاعت الوصول إلى المستوى المرموق.
دورها الريادي في تطوير الاقتصاد المجتمعي
ومن الناحية الاقتصادية يعد الدور الاقتصادي الذي تقوم به المرأة في روج آفا شمال وشرق سوريا بارزاً من خلال مشاركتها الواسعة في كافة المشاريع الاقتصادية، والمرافق الخدمية والمؤسسات الإنتاجية وتأمين الاحتياجات الأساسية للمجتمع هو الهدف الأسمى للمرأة، وأسست بعد ثورة روج آفا الكوبراتيفات الخاصة بالمرأة وتحسين أداءها وإنتاجها من الأولويات لتحقيق الاقتصاد المجتمعي بعيداً عن الاستغلال والربح، فكانت لها الدور الكبير في تطوير الاقتصاد المجتمعي التي يشجع الكومينالية ويحد من الاحتكار والربح الفاحش، ويتخذ من تأمين وتلبية حاجات المجتمع أساساً لتطورها وبناء مجتمع ديمقراطي كومينالي يعتمد على تشكيل لجان اقتصادية خاصة بالمرأة ضمن الكومينات، حيث عمل مؤتمر ستار في الحسكة على تشكيل لجان اقتصادية خاصة بالمرأة تقوم على تأمين المستلزمات الأولية للمشاريع الصغيرة كخطوة أولية لتأمين اقتصاد المرأة بدءً من الكومين، ومنها بدأت المرأة اقتصادها وتطورت لتشمل المشاريع الزراعية كالخضروات والمشاريع الغذائية والمونة وتربية المواشي وورشات الخياطة والألبسة الجاهزة، كما أن مشاركة المرأة في مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية جيد نوعاً ما ولكنها بحاجة إلى المزيد من التدريب لأخذ دورها بشكل فعال وإيجابي أكثر.
العادات البالية حدت من ممارسة المرأة لنشاطاتها الثقافية
ومن الناحية الثقافية، تعتبر الثقافة هوية المجتمعات لإبراز لغتهم وتاريخهم وأساس تطور وتقدم المجتمعات، وبالرغم من تنوع الثقافة وفنونه في روج آفا وشمال وشرق سوريا كانت المرأة منبعها الأساسي، إلا أن هناك قلة في عدد النساء المثقفات ومؤسساتها الخاصة بها، لذلك لابد لها العمل من أجل زيادة ثقافتها ومعرفتها، حيث لا زلنا نفتقد إلى المرأة الكاتبة والشاعرة والرسامة والنحاتة لتعرضها للعديد من الصعوبات نتيجة العادات والتقاليد المجتمعية البالية والتي حدت من حرية المرأة وممارستها لنشاطاتها الثقافية.
بشروق الثورة حققت المرأة السلام الاجتماعي
برزت المرأة في ثورة روج آفا وشمال سوريا بقدرتها على حل مشاكلها الاجتماعية من النواحي (الأسرية والملكية والزواج والطلاق) وذلك من خلال القوانين التي تبنتها الإدارة الذاتية الديمقراطية والتي منحت المرأة كافة حقوقها وحققت المساواة بين الرجل والمرأة، كما كانت المرأة صاحبة اتخاذ القرار والتعبير عن إرادتها الحرة مع بداية الثورة إلى يومنا هذا، فالمرأة في روج آفا شمال وشرق سوريا تعرضت في ظل الأنظمة البعثية الحاكمة للتهميش كثيراً من خلال عدم حصولها على حقوقها بالكامل في الدستور السوري، وكذلك العادات والتقاليد المجتمعية والعشائرية كانت لها دور كبير في تهميش دور المرأة ومنعت المرأة من التعليم  والدراسة في الجامعات والمعاهد والمشاركة السياسية والاقتصادية،  فلم تصل إلى المستوى المطلوب، فالمرأة نتيجة التسلط المجتمع الذكوري أهملت كثيراً لما كان لهم الدور في إضعاف دور المرأة واستبعاد أصواتهن وآرائهن على كافة الأصعدة، إلا أن المرأة بفضل تضحياتها في ثورة الحرية ثورة روج آفا؛ استطاعت أن تكون صاحبة القرار والتعبير عن إرادتها الحرة والوصول إلى الحل والسلام سواءً كان ضمن أسرتها أو في مجتمعها.
المرأة الحصن المنيع في وجه العدوان التركي
تشكل المرأة من الناحية العسكرية العماد الأساسي في معركة الإرهاب وتصديها لجميع أشكال الاحتلال، وخاصةً بالقضاء على مرتزقة داعش عسكرياً في آخر معاقله في بلدة الباغوز بدير الزور، ولم تتوقف هناك بل كانت الحصن المنيع في وجه العدوان التركي ومرتزقته من الجيش الوطني السوري مؤخراً على مناطق سري كانيه/ رأس العين، وكري سبي/ تل أبيض  وتشكيلها دروع حصينة في مواجهة الأعداء والتصدي للغزو التركي، فكانت للمرأة دوراً كبيراً في القضاء على المرتزقة في المناطق التي سيطرت عليها مرتزقة داعش، بالرغم من أن المرأة السورية لم تتاح لها الفرصة قبل ثورة روج آفا المشاركة في المجال العسكري بسبب القيود الاجتماعية والدينية التي كبلت بالمرأة, ومن بعدها سيطرة مرتزقة داعش على أغلب المناطق وطبقت أحكام وقوانين تسيء للإنسانية وارتكبت أبشع أنواع الظلم والقهر، وكانت المرأة من أكبر ضحايا الإرهاب فقد تعرضت للقتل والتعذيب والجلد والخطف والاغتصاب، فوجدت المرأة الحل الأمثل بالسير في طريق المقاومة والنضال لنيل حريتها وكرامتها، فشاركت إلى جنب الرجل في جميع الحملات والمعارك وفي مقدمة جبهات القتال للقضاء على التطرف وتحرير السبايا من أيدي مرتزقة داعش، واستحقت المرأة في روج آفا لقب المرأة المناضلة التواقة للحرية والديمقراطية، وإيصال صوت الحرية إلى جميع أنحاء العالم لتكن أكبر مثال للتضحية والمقاومة والنضال.
وبذلك كانت المرأة في روج آفا شمال وشرق سوريا  مثالاً يحتذى بهن جميع نساء العالم وخاصة المرأة في الشرق الأوسط لأنهن عانين ظروفاً صعبة في بيئة تغلب عليها الصراعات والنزاعات القبلية والعشائرية والسلطة الذكورية، وتعرضن في أغلب المجتمعات للتهديد والاغتصاب والقتل، وأصبحت أمة وعبدة رغماً عنها، لذلك عملت المرأة للوصول إلى مجتمع يجب فيه احترام حقوق المرأة والقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، ومجتمع يدعم مشاركتها في جميع مفاوضات السلام التي تطرح لحل الأزمة السورية،  فبدون المرأة لا يمكن إيجاد حل للمسألة السورية، فالمرأة تساهم في إعادة البناء السياسي والاجتماعي وتحقيق الحرية والديمقراطية والسلام في سوريا.
تنظيم المرأة نفسها بنفسها ضمن مؤتمر ستار
عانت المرأة كثيراً من الذهنية الذكورية والأنظمة البعثية الحاكمة والأنظمة الرأسمالية، ومع اندلاع الثورة في روج آفا  ناضلت المرأة من أجل حريتها ونيل حقوقها، ورفضت العبودية والذل والأحكام القاسية التي فرضت عليها من قبل الأنظمة الثلاثة، لذا بادرت إلى تنظيم نفسها بنفسها ضمن تنظيم مؤتمر ستار، لتثبت وجودها في مجتمع سادت فيه عبودية المرأة لقرون عدة، فالمرأة في مؤتمر ستار بادرت إلى تنظيم المرأة في المجتمع والمؤسسات والأحزاب والتنظيمات النسائية من خلال الدورات التثقيفية والتعليمية والمشاركة في النشاطات والفعاليات وعقد سلسلة من الاجتماعات والندوات والمحاضرات، ومن خلال الاطلاع على النشاط السنوي لمؤتمر ستار لعام 2019، يتبين مدى نضال المرأة من أجل حريتها ومساواتها مع الرجل،  فقد تم خلال هذا العام عقد 630 اجتماع  خاص للمرأة منها لقراءة التقارير في الاجتماعات الشهرية، ومنها من أجل الوضع السياسي، واحتلال عفرين،  واليوم العالمي لكوباني، وعيد المرأة، ومناهضة العنف ضد المرأة، وتفعيل الكومينات والمجالس، وتوزيع البروشورات لمقاطعة البضائع التركية، ولتوعية المرأة حول الغزو التركي على شمال وشرق سوريا، وشاركت في كافة الاحتفالات والمسيرات لتحرير المناطق التي سيطر عليها مرتزقة داعش، وعقد العديد من الاجتماعات للتعريف بدور المرأة في مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية وتفعيل دورها، كما عُقد عدة اجتماعات لتشكيل لجان مؤتمر ستار وإداريات النواحي والبلدات.
كما شاركت المرأة في مؤتمر ستار جميع النشاطات والفعاليات التي أقيمت في مقاطعة الحسكة حيث شاركت في جميع الاعتصامات، ومراسيم الشهداء، وعيد نوروز، وذكرى تأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية، وقوات حماية المرأة، وقوات سوريا الديمقراطية، وذكرى تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي، واستذكار شهداء وشهيدات حركة الحرية، في جميع المناسبات العامة والخاصة، كما شاركت ونسقت حملة التضامن مع ليلى كوفن، والمشاركة في خيم الدروع البشرية وخيم الأحزاب والعشائر العربية والانضمام لجميع المناسبات الوطنية العامة والخاصة، كما تم انضمام المرأة لافتتاحية أكاديمية الشهيد وحيد، ومركز جنولوجيا، ومؤتمر ستار المقاطعة، والمركز الصحي بالهول، ومعرض الثقافة والفن، ومعرض الاقتصاد، ومعرض لحزب سوريا المستقبل، والانضمام إلى مسابقة الأطفال من قبل إدارة المدارس، ومسابقة التايكواندو للرياضة، وكونفراس علماء الدين، وكونفراس الفلاحين، وكونفراس المجتمع المدني في رميلان، والمشاركة في افتتاح أكاديمية الدفاع الذاتي للبنات في عامودا، بالإضافة إلى افتتاح أكاديمية الحماية الذاتية (هيزا جوهري)، المشاركة الفعالة لمؤتمر ستار في جميع المسيرات التي نظمت من قبل المؤسسات والأحزاب السياسية والقوات العسكرية  في قتل الأطفال والنساء، وكافة المجريات في المنطقة تدل على الوعي الذي توصلت إليه المرأة وكذلك قدرتها على تحمل مسؤلياتها تجاه شعوب شمال وشرق سوريا.
العمل على بناء مجتمع ديمقراطي أيكولوجي تحرري
كما يعتبر التدريب وإلقاء المحاضرات وإقامة الندوات من أهم ركائز مؤتمر ستار لأنها منظمة تهدف إلى بناء مجتمع ديمقراطي أيكولوجي تحرري، والسعي للقضاء على جميع أشكال التمييز الجنسي، كما يهدف إلى توعية المرأة وتنظيمها من كافة النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية، ومن هذا المنطلق ألقيت عدة  دروس عن المرأة في الأكاديميات، ومحاضرات عن العنف ضد المرأة، والتعريف على قانون المرأة، والتدريب على السلاح، وتخريج عدة دورات منها دورة التمريض بالتنسيق مع لجنة الصحة، وإلقاء عدة محاضرات منها، لتوضيح أهمية الكومين في المجتمع، ومحاضرة للإرشاد النفسي، وأخرى عن مشاكل المجتمع وكيفية التخلص منها، ومحاضرة عن المرأة قبل وبعد الثورة، وعن الجنولوجيا، وإعطاء دروس لمحو الأمية، كما تم افتتاح دورة فكرية من قبل مؤتمر ستار خلال هذا العام مدتها خمسة أيام لتعريف المرأة بذاتها.
ويجدر بالذكر بأن المرأة في مؤتمر خلال عام 2019 بزيارة الآلاف من العائلات والأسر لأسباب مختلفة بالإضافة إلى زيارة عوائل الشهداء وخيم الشهداء والمدنيين، والاطلاع على أهم المشاكل الأسرية ووضع الحلول المناسبة لهذه المشاكل رفعت القيود التي تكبل المرأة وتمنعها من ممارسة الحياة السياسية والاجتماعية، وأضحت صوت المرأة السورية الحرة.