سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

المحميات ثروة طبيعية تُحافِظ على جمال وسِحر البيئة

تقرير/ بيريفان حمي –

المحميات تأخذك إلى عمق المكان وتجذبك أكثر فأكثر حتى تكتشف شيئاً فشيئاً جمال الطبيعة الساحرة فيها، وأشجارها المعمرة الفائقة الجمال، وتجري الدراسات في عموم المقاطعة لإنشاء محميات أخرى حفاظاً على النباتات والأشجار والحيوانات المُعرّضة للانقراض.
حيث تبدأ مديرية المحميات الطبيعية عملها في إعداد دراسات وجولات ميدانية لعدة مناطق في إقليم الجزيرة لإعلان المناطق الطبيعية والتي من الممكن أن تصبح محمية، وذلك بالتنسيق مع مديرية الزراعة التي تساعدهم في تحديد المناطق التي تحتوي على موارد مائية وغطاء نباتي، نظراً لتدهور أوضاع المحميات ونقص المساحات الخضراء أُنشأت مديرية المحميات ضمن إدارة الزراعة.
نشر الوعي البيئي عن طريق إنشاء محميات طبيعية
 
إن الهدف من إنشاء لجنة المحميات يكمن في حماية الطبيعة، ونشر التوعية البيئية بين الشعب، وإجراء دراسات علمية موسعة حول المناطق الطبيعية وما تتضمنه من نباتات وحيوانات وكائنات حية أخرى، والسعي لحماية النادرة منها أو المعرضة للانقراض والحفاظ عليها، وأعلنت مديرية المحميات الطبيعية والتنوع الحيوي والتنمية المستدامة التابعة لهيئة الاقتصاد في إقليم الجزيرة منطقة سفان “حياكة” التابعة لمدينة ديرك محمية طبيعية.
وبهذا الخصوص؛ أشار الرئيس المشترك في إدارة المحميات بمقاطعة قامشلو شيار شمدين: “جميع أعمال المديرية تتمحور على المحميات وإنشاء المشاتل الزراعية ضمن المحميات، ففي بداية اندلاع ثورة روج آفا كان هناك الكثير من الأمور التي تؤثر سلباً على المحميات واستمرار القطع الجائر، وكما كانت تقتل الحيوانات البرية التي تعيش ضمن المحميات بشكل عشوائي، مما أدى إلى تدهور الوضع في المنطقة، وقلة المساحات الخضراء، لهذا السبب تم إنشاء مديرية المحميات ضمن إدارة الزراعة”.
الحد من التجاوزات ووضع خِطط وشروط للالتزام بها
وللإعلان عن المنطقة المحمية ينبغي اتباع بعض الخطوات حيث يجب الالتزام بالشروط والإجراءات وهي شروط دوليةـ ففي مديرية المحميات إذا تحقق شرط واحد تُعلن المنطقة محمية طبيعية، مثل توفر “نظام بيئي متميز، توفر نوع محدد، أو انقراضه، العوامل الجيولوجية الفريدة؛ مثل الأنهار وروافد المياه في المنطقة، وجود أماكن أثرية”، في حال تحقق شرط من هذه الشروط تعلن المنطقة محمية، وتجرى دراسات علمية وتقوم بتقييمها وتصنيفها حسب نوع المحمية، وهناك عشر محميات، ومنها طبيعية وسياحية، موارد طبيعية، ويكون حمايتها من الأولويات وتعيين الحراس وآلية النقل وإنشاء غرف الرصد وتأمين المنظار الليلي وعلى أساس التقارير والتعاميم يعمل الحراس، كما يتم شرح أهمية المنطقة لسكانها لمنع التجاوزات. وبعد ذلك يدخل في مجال التخطيط والتنمية، حيث توجد في المحمية ثلاث مناطق الأولى؛ منطقة النواة يمنع الاقتراب منها، والثانية الحماية، والثالثة مرحلة الانتقال يتم فيها المرعى.
 
محميات طبيعية متنوعة في مختلف مناطق سوريا
المحميات التي تم الإعلان عنها في إقليم الجزيرة؛ هي محمية “حياكا، مزكفت، جل آغا، معشوق، بحيرة الخاتونية، جبل عبد العزيز”، وكل منطقة يوجد فيها مميزات مختلفة عن الأخرى.
محمية حياكا: يوجد فيها نوعان من الأشجار وهما أساسيان في منطقة “حياكا” حيث يشكلان غالبية الغطاء النباتي لها وهما “الحور الأبيض والحور الأسود”، بالإضافة إلى أشجار التوت البري، والتين البري، وتبلغ مساحتها 15 كم، ويوجد فيها حوالي 30 ينبوع ذاتي، وهناك رافدان اثنان للمياه يأتيان من باكور كردستان، وأصناف الأشجار الموجودة في المحمية نمت بشكل طبيعي، حيث تبلغ حوالي خمسة مليون شجرة وأصنافها، “حور أبيض وأسود، زيزفون، وأنواع التوت والتين البري والصفصاف”، وهذه الأنواع نادرة جداً، وموجودة في محمية حياكا، نظراً لتوفر الجو الملائم لها، لكي تنمو، وهناك الكثير من النباتات العطرية الطبية.
وأكد شمدين: “وفي حال توسعت المشاريع والأبحاث في الجامعات؛ سنقوم بإجراء التجارب عن طريق المختصين والأطباء، لصنع الأدوية والعقاقير الطبية؛ لأن الفوائد الكبيرة تكون في المحميات، كما تم إقامة بعض المشاريع في المحمية مثل:” بستان الفواكه ومشروع المنحلة”، والهدف منها تكاثر النحل والاستفادة من العسل، كما تم اكتشاف أنواع جديدة من الزهور ونمو الموجودة بكثرة من الأزهار التي كانت تنمو مسبقاً من خلال عملية التلقيح، ويوجد الكثير من الحيوانات البرية ومنها المقيمة مثل “الخنزير البري، الثعالب، والقطط البرية، وأنواع عديدة من الطيور، والمهاجرة مثل البط والإوز، وهناك أنواع جديدة منها؛ اللقلق الأبيض والأسود”، ونظراً لتوفر كل هذه العناصر تم الإعلان عنها محمية طبيعة لا يُسمح باختراق القوانين فيها”.
محمية مزكفت: بعد الدراسات العملية تم الإعلان عنها بمحمية سياحية نظراً لاحتوائها على الكثير من الأشجار ولكن قام بعض الأهالي بقص عدد كبير من تلك الأشجار أثناء فقدان مادة المازوت للتدفئة، حيث قاموا بقص الأشجار وحرقها بديلة عن مادة التدفئة، وتم إنشاء غرف الحراس والرصد ضمن المحمية، وتوجد فيها ينابيع وروافد، وتم زراعة الأشجار الحراجية فيها، وتم تأهيلها لوضع أصناف جديدة وإنشاء بستان فواكه؛ وهذه الأشجار هي “التين، والعنب، وغيرها”، كتجربة بدائية، لتجاوب الأشجار مع المناخ، وبسبب غزارة هطول الأمطار هذا العام انفجرت ينابيع كانت قد جفّت منذ عدة أعوام، وقال شيار شمدين بهذا الصدد: “وبعد المتابعة اكتشفنا بأن أكثر من ثماني ينابيع انفجرت”، كما تتوفر في المحمية أنواع من الأسماك، ومن فترة لأخرى هناك تعاميم تصدر بخصوص صيد الأسماك لأن هناك فترة تكاثر، لأن عمليات الصيد كانت تتم عن طريق رمي الشِباك والديناميت والسموم حيث كانت تتسبب بموت الكثير منها.
محمية جل آغا ومعشوق: وهما محميات سياحية أيضاً ويتم التأهيل في الوقت الراهن وإنشاء بساتين الأشجار الحراجية والفواكه.
بحيرة الخاتونية: تم الإعلان عنها كمحمية لأنها مصدر للمياه وقريبة من الهول حوالي 15 كم والأرض فيها ملحية وضمن البحيرة هناك نبع كبير جداً مياهها بيضاء وتم تحليلها واكتشاف بأن هذه المياه ملحية لا تختلط مع مياه البحيرة وتعتبر استراحة للطيور المهاجرة، ففي بعض الأحيان تستقر في المنطقة وتضع بيوضها، وهناك أشجار صحراوية.
محمية جبل عبد العزيز: يعتبر جبل عبد العزيز الموطن الأصلي لأشجار “البطم الأطلسي والكونجوك”، بشكل رئيسي وبشكل ثانوي “أشجار اللوز الشرقي والزعرور والسويد الفلسطيني والتين وبعض النباتات الرعوية المعمرة كالشيح والصر والروثة والزعتر والقيصوم”، وهناك إمكانية للتجدد الطبيعي والحيوانات البرية المتأقلمة مع بيئتها وبعض النباتات البرية الأخرى.
 وهي منطقة جبلية تتوفر فيها شجرة “الكزوان”، وأجرت بعض المنظمات والخبراء والأطباء أبحاث عملية في أرض المحمية وإنشاء بساتين وزراعة الأشجار الحراجية وتم تفعيل المخافر الحراجية وتأمين وسائط النقل ومساحتها تقارب الـ 90 كيلو متر ويوجد فيها بستان الفستق الحلبي واللوز ويوجد فيها أشجار حراجية بعشرات الملايين، والجدير بالذكر إنه تم إنشاء المشاتل الزراعية في جميع المحميات وعلى مستوى الإقليم تم إنشاء أربعة مشاتل كبيرة وزراعة كافة الأصناف الموجودة في المحميات كافة للحفاظ عليها لزيادة عددها، ففي حال حدوث حرق أو تدهور في إحدى المحميات يكون هناك بديل عنها.
وهناك مشاريع مستقبلية ففي محمية “جبل عبد العزيز”، كانت توجد مزرعة للغزلان سوف يتم إعادة تأهيلها وجلب حيوانات داجنة، والأولوية لإنشاء المشاتل الزراعية ضمن المحميات، بالإضافة إلى أشجار الزينة والمثمرة والحراجية.
وأكد شيار شمدين: “في محمية حياكا حور أبيض وأسود نادر نقوم بزيادة عددها ضمن المشتل كما نأتي بالبذور حسب المناطق وتأقلمها وتوزيعها على المواطنين والمؤسسات والسرو والصنوبر، والمشاتل تحتاج إلى جو رطب وملائمتها للتربة والبذور وتم إنشاء بيوت بلاستيكية لوضع البذور ومشتل “رميلان”، في الخدمة والتفعيل ويتم التجهيز لمشتل الدرباسية بهدف الحفاظ على الأشجار، وجلبنا نوع نادر من الدول الأوروبية وهي “مورينكا”، تنمو في الهند وأتينا بالبذور ووضعها تحت التجربة”.
يذكر بأن سوريا تعتبر من أغنى المدن بالمواقع السياحية وتتمثل في التلال الأثرية والمحميات الطبيعية والمدن التاريخية ذات الطبيعة الجذابة ذات المناخ المعتدل والخضرة الدائمة.