“الكليجة” الحلوى التي لا تخلو ضيافة عيد الفطر منها 

إعداد/ دعاء يوسف

بعد وداع شهر الصيام، واستقبال الصائمين عيد الفطر، ينبري العمل في المنازل عامة، من ربات البيوت، والجيران، والأقارب، لإعداد طبق “الكليجة”، الحلوى المفضلة والتراثية في العيد، فبها يحلو العيد، ويَجمُل، ويكمُل، وبها تقترن فرحة العيد، فلا تكاد أسرة، إلا وأعدت لها العدة اللازمة لإعدادها، وتقديمها في أيام الفطر السعيد.

ما إن يقترب موعد عيد الفطر حتى تتحوّل المنازل والأفران إلى ورش عمل كبيرة لطبق “الكليجة”؛ وهو الطبق الشعبي، الذي تجتمع على إعداده العائلة والجيران والأقارب، ليعبر عن نكهة العيد، في جو أسري ومجتمعي متكاتفه تسوده المحبة، ومازالت مناطق إقليم شمال وشرق سوريا تحافظ على هذا الطقس بالرغم من الحروب والأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي تمر بها سوريا عموماً.

لا نكهة للعيد دون الكليجة

“الكليجة” هي عجينة يتمّ حشوها بالتمر مع مجموعة من البهارات مثل الهيل، والزنجبيل، أو بحشوات أخرى مثل جوز الهند مع الهيل، والسكّر، أو السمسم مع الهيل والسكّر، وأيضاً حشوة الفستق الحلبي، ثم تخبز بالفرن، وتقدم إلى جانب الشاي أو القهوة.

تستغرق عملية إعداد عجينة “الكليجة” من ثلاث إلى سبع ساعات بحسب الكمية المعدة، وتوفر الفرن المناسب، كما تتشابه طريقة إعدادها في كل البيوت والمحال، ولكن توجد فروقات بسيطة في عملية إضافة بعض مكونات.

إلا إن انقطاع الكهرباء وارتفاع تكلفة تصنيعها، حالت دون إعداد كليجة العيد المفضلة لدى الجميع، فتوقفت بعض العائلات عن إعدادها، ولكنها لم تغب عن أيام العيد، إذ يقومون بشراء كمية قليلة منها من المحلات والبسطات المنتشرة في الأسواق، التي تعج بأنواع مختلفة منها، بأسعار مقبولة تتراوح من 20 ألف ليرة سورية إلى 30 ألف ليرة سورية.

كليجة ربَّة البيت لها نكهة مميزة

بالرغم من ذلك، بقيت الفئة الأكبر تصنع حلويات العيد المنزلية كالكليجة والمعمول والبسكوت، وأنواع أخرى تتفنن بها العائلة، حسب قدراتها، فيما تبقى الكليجة الطبق الأساسي، الذي أجمعت العائلات على صنعه.

فقبل العيد، يتبادل أفراد العائلة العمل على عجن الكليجة يدوياً، ثم تُترك قرابة ساعة، وتقطع حيث يعدُّ الاجتماع الكلي لأفراد العائلة معاً أثناء التقطيع المتأني للعجينة على أشكال فنية صغيرة، من أهم طقوس تحضير الكليجة، التي قد تطول لساعات كثيرة، تمتد عادة حتى بزوغ فجر ليلة العيد، كما وتتفنن العائلات بتقديم الكليجة الخاصة بها للزائرين في العيد، ويبرز منها كليجة التمر، وكليجة الجوز.

ومع انحسار الكثير من عادات العيد وطقوسه الشعبية، بحكم تغير الحياة وتطورها، وانشغال الكثير، وارتفاع الأسعار والأزمات الاقتصادية، التي تمر بها المنطقة، مازالت العائلات في إقليم شمال وشرق سوريا تحافظ على نكهة الماضي، والتراث الشعبي وبساطة العيش، ورونق الحياة.

ومن أجل ذلك لجأت العوائل مع انقطاع الكهرباء إلى الأفران التي تباشر خبز الكليجة المعدة منزلياً، منذ العصر حتى ساعات متأخرة من الليل، ومن لم يجد فرناً قريباً صنعها على في فرن التنور، كما كانت تعد سابقاً، ولم تعجز العوائل من الطبقة المتوسطة على إيجاد حل لارتفاع تكلفة إعدادها فيتشارك الجيران التكلفة، فهم مازالوا يفضلونها على التي تباع في البسطات والأسواق، التي لم تكن مميزة كالتي تصنعها ربات المنزل، فلها نكهة مميزة.

طقوس العيد

 طقوس وتقاليد عيد الفطر تبقى راسخة لدى شعوب إقليم شمال وشرق سوريا، رغم المصاعب الاقتصادية والتحديات التي تواجهها، وبينما تتشابه بعض الطقوس في الدول العربية الأخرى.  فبداية يوم العيد يكون بذهاب الأب والأطفال إلى المسجد لأداء صلاة العيد، وبعد صلاة العيد، تذهب الكثير من العوائل لزيارة المقابر، فهي من التقاليد التي حرص أهالي إقليم شمال وشرق سوريا على ممارستها.

ثم يتجول الأطفال في الشوارع يطرقون الأبواب طالبين العيدية، وسكاكر العيد، وتبدأ بعدها الزيارات العائلية عادة بعد تناول وجبة الإفطار في أول أيام العيد، وأول بيت تزوره العائلة، هو بيت الوالدين، أو بيت الأجداد، إذ يبقون هناك إلى أن يحين موعد الغداء، ثم ينطلقون لتقديم المعايدة للأقارب.

وخلال الزيارات، تبرز “الكليجة”، الطعام الأبرز، الذي يرمز للعيد، و”المعمول” الذي يقدم في العيد، ويحتوي على أنواع عدة، أبرزها “كليجة” التمر، ضمن أجواء عائلية وأسرية مازال أبناء المنطقة يحافظون عليها حتى يومنا هذا.